تعرف على نشأة أول معجم لللغة العربية

دائمًا ما نتنسى الفكرة الأولى لبداية أي عمل ذو قيمة ، و يتبادر في أذهانينا عند ذكر كلمة (معجم ) إما

مختار


الصحاح

لمؤلفه محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي ، أو

المعجم


الوجيز

لعلماء اللغة إبراهيم أنيس و أحمد محمد الحوفي ، ففكرة المعاجم في بداياتها كانت للخليل بن أحمد الفراهيدي في كتاب (العين ) ، الذي بدأ مرحلة المعاجم الحقة ، و التي تهدف إلى سد جميع حاجات الباحثين اللغويين.

فقد كان يمتلك ذهن رياضي مبتكر ، أعمله في العلوم التي شغفها فكان السبيل إلى الإحاطة بها ، حيث حصر أوزان الشعر عن طريق العروض ، و أضاف النغم و الألحان عن طريق الموسيقى ، و حصر تقاليد العرب في تكلمهم بالعربية الفصحى عن طريق النحو ، حيث رواى البعض إلي رغبته فى عمل حساب تمضي به الجارية إلي البائع فلا يمكنه أن يخدعها.

فلا عجب أنه يهدف إلى ضبط اللغة و حصرها ، مما يعطي الباحث الإطمئنان في البحث عن ضالته أو يعينه على معرفتها، فقد أتبع ترتيبًا لا يجعلها لا تأتي إلا فى موضع واحد ، و ليس على الباحث إلا أن يعرف أسس هذا الترتيب .


ترتيب المعجم  :-


فقد عدل الخليل بن أحمد الفراهيدي عن  الإبتداء بالترتيب الأبجدي (أ,ب,ت…و هكذا)، و الألف بائي و هما الترتيبان المعروفان للحروف فى عصره ، و قيل أن السبب في عدوله في البدء بالهمز  أو الألف ، و هى حرف أدى إلى مشاكل كثيرة  و اضطراب كبير في كتاب العين و غيره من المعاجم؛ فأراد تجنب الإبتداء بها .

و أتى على ترتيب جديد للحروف أقامه على مخارجها ، فابتدأ بأقصاها مخرجًا من الحلق و تدرج معها إلى أن إنتهى بأدناها من الشفتين ، ثم ألحق بها حروف العلة الثلاثة و الهمز فكان الترتيب الأتي:(ع,ح,ه,خ,خ,غ,ق,ك,ج,ش,ض,س,ز,ط,د,ت,ظ,ذ,ث,ر,ل,ن,ف,ب,م,و,ى,ا,ء.)

و قسم الخليل معجمه تبعا لهذا الترتيب ، فبدأ كتابه بحرف العين ؛ ومن هنا جاءت تسميته (

بكتاب


العين

) ، تبعا للعادة العربية التي تسمى الكل باسم الجزء منه، و خاصة الجزء الأول.

و قسم كل واحد من هذه الحروف إلي ستة أقسام (التي سمينها للتيسير أبوابًا) و رتبها في داخل كل باب

كالأتي:

فصل الثنائي الصحيح أو المضاعف

(المضاعف الثلاثي )

مثل المد أو المزيدة مثل أمتد و أستمد و تمدد ، فصل الثلاثي الصحيح : وضع فيه كلمات الثلاثي الصحيح مثل وجد


فصل الثلاثي المعتل :

وضع فيه الكلمات الثلاثية المعتلة بحرف واحد ، و المهموز بحرف واحد مثل : رمى ، و غزو و قرأ.


فصل اللفيف(التشديد):

افرده للكلمات الثلاثية المعتلة بحرفين مثل وعي _ وعيّ بالتشديد ، و لكن بعض الخلل وقع فيه فأدخل بعض الكلمات الثنائية الخفيفة مثل حرف الجر (في)


فصل الرباعي :-

مثل قشعر،خثعم .


فصل خماسي :

– مثل قذعمل (وهو القصير الضخم من الأبل ).

من الواضح أن التقسيم تميز بالتحديد و الجودة ، و لكنه إختل كثيرًا في التطبيق مما جعل كثيرين ينكرون أن الخليل بن أحمد الفراهيدي إمام النحو و الصرف ،مؤلفه.

لا أحد منا يستطيع إنكار البدايات ، فلو الفكرة ما كان العلم و العمل قيمة ، و هذا ما قدمه لنا الخليل بن أحمد الفراهيدي، أول معجم  فى اللغة العربية.