موضوع عن عيد الفطر المبارك

صلاة عيد الفطر المبارك وأحكامها

عندما جاء الإسلام أبطل الأعياد الجاهلية التي كان يتّخذها المشركون في أوقاتٍ وأزمانٍ معيّنة، وعوّض عنها بعيدين عظيمين هما؛ عيد الفطر الذي يأتي كشكرٍ لله -تعالى- على التوفيق لصيام شهر رمضان المبارك، وعيد الأضحى الذي يأتي كشكرٍ لله -سبحانه- على التوفيق لأداء فريضة الحج، ودليل ذلك ما رُوي أنّه: (قَدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنَّا نلعب فيهما في الجاهليَّة، قال: إنَّ الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الفِطرِ، ويوم النَّحرِ)،[١] وقد سُمّي العيد عيداً؛ لأنّه يتكرّر ويعود في كل سنةٍ، ولأنّه يعود ويرجع بالسرور والفرح، ولأنّ الله -تعالى- يعود فيه بالإحسان على عباده بسبب طاعتهم له من خلال أدائهم للصيام والحج، وقد شُرعت صلاة مخصّصة لهذين العيدين سيتمّ بيان أحكامها فيما يأتي:[٢]

  • مشروعية صلاة العيد: ثبتت مشروعية صلاة العيد في القرآن الكريم في قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى*وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)،[٣] وبالسنة النبوية، وبإجماع المسلمين، وبمداومة النبي -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء من بعده عليها.
  • وقت صلاة العيد: يبدأ وقت صلاة العيد إذا ارتفعت الشمس قدر رمح؛ وينتهي وقتها بزوال الشمس، ويُسنّ تأخير صلاة عيد الفطر ليتّسع وقت إخراج زكاة الفطر، ويُسَنّ التبكير في صلاة عيد الأضحى ليتّسع وقت الأضحية.
  • عدد ركعات صلاة العيد وكيفية أدائها: صلاة العيدين ركعتان بإجماع المسلمين، ليس لها أذانٌ ولا إقامةٌ، ويكبّر في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام والاستفتاح ستّ تكبيراتٍ؛ ثمّ يقرأ عقب التكبيرة السادسة، ويكبّر في الركعة الثانية قبل القراءة خمس تكبيراتٍ غير تكبيرة الانتقال؛ ويُسنّ رفع اليدين عند كل تكبيرةٍ، وتكون الصلاة بالقراءة الجهرية، ويُسَنّ أن يقرأ في الركعة الأولى سورة الأعلى، وفي الركعة الثانية سورة الغاشية، أو أن يقرأ في الركعة الأولى سورة ق، وفي الركعة الثانية سورة القمر، وإن قرأ بغيرهم جاز ذلك.
  • خطبة صلاة العيد: تكون خطبة صلاة العيد بعد الصلاة، ويعتبر الاستماع لها سنة، فمن قام بعد الصلاة مباشرة ولم يستمع للخطبة فلا إثم عليه.[٤]
  • حكم صلاة العيد: اختلف العلماء في حكم صلاة العيد؛ فمنهم من قال أنّها سنة، ومنهم من قال أنّها فرض كفاية، ومنهم من قال أنّها فرض عين، وأنّ من يتركها يأثم، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقد استدلّ من قال بهذا القول بأنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر من ليس لهنّ عادةً بالخروج كذوات الخدور، والعواتق، والحُيَّض، بحضور مصلّى العيد، وقد اختلفوا أيضاً في حكم قضائها في حال فواتها على المسلم، فذهب البعض إلى أنّها تسقط؛ لأنّها كصلاة الجمعة، والجمعة إذا فاتت سقطت وصلّاها ظهراً، وذهب البعض إلى أنّه يسنّ قضاؤها على الصفة التي صلّاها الإمام.[٥]

زكاة عيد الفطر المبارك

زكاة الفطر واجبةٌ على كل مسلمٍ سواء أكان كبيراً أو صغيراً، ذكراً أو أنثى، ما دام يجد ما يزيد عن طعامه وطعام عياله يوم العيد وليلته، فيخرجها المسلم عن نفسه وعمّن تجب عليه نفقتهم كالزوجة والولد، وقد شُرعت كنوعٍ من التطهير للصائم من اللغو والرفث، ونوعٌ من الإطعام للمساكين وإدخال الفرح عليهم في يوم العيد، وتُخرَج من غالب قوت أهل البلد، وتكون واجبةً على المسلم من غروب شمس ليلة العيد، ويمكن أن يُخرجها المسلم قبل العيد بيومٍ أو يومين كما كان يفعل الصحابة رضوان الله عليهم، وآخر وقت لإخراجها هو صلاة العيد، وتعطى للفقراء والمساكين بمقدار صاع عن كل مسلمٍ، والصاع يساوي اثنان كيلو وأربعون جراماً، ويجوز أن تقسّم زكاة الفطر على أكثر من فقير، ويجوز أن يُجمع عدد من زكاة الفطر وتعطى إلى فقير واحد.[٦]

سنن وآداب عيد الفطر المبارك

هناك بعض الأمور التي يسنّ للمسلم القيام بها في يوم العيد منها ما يأتي:[٧]

  • الاغتسال: فقد اتّفق العلماء على أنّه يُستحبّ للمسلم أن يغتسل قبل الذهاب إلى صلاة العيد، وقد ثبت ذلك عن ابن عمر رضي الله عنه، ولأنّ المعنى الذي يستحبّ بسببه الاغتسال لصلاة الجمعة وغيرها من الاجتماعات الإسلامية العامة موجودٌ في العيد بل هو أبرز.
  • الأكل: فيُسَنّ للمسلم أن يأكل تمراتٍ بأعدادٍ فرديةٍ قبل الخروج لصلاة عيد الفطر، ومن لم يجد تمراً يفطر على أي شيءٍ مباح، وقد استحبّ الأكل قبل الخروج للتحرّز من الزيادة على صوم رمضان، ولإظهار المبالغة في النهي عن صوم يوم العيد، ولإعلان الإفطار وانتهاء الصيام، أمّا في عيد الأضحى المبارك فإنّ المستحبّ أن لا يأكل المسلم الذي ينوي أن يضحّي حتى يرجع من الصلاة فيأكل من أضحيته، وإن لم يكن له أضحية فلا حرج عليه أن يأكل قبل الصلاة.
  • التجمّل: ينبغي على الرجل المسلم أن يلبس أجمل الثياب عند الذهاب لصلاة العيد، وهذا ما كان يفعله ابن عمر رضي الله عنه، أما المرأة المسلمة فلا يُسنّ لها ذلك بل عليها أن تبتعد عن الزينة والطيب؛ حتى لا تتسبّب للرجال بالفتنة؛ لأنّ خروجها لأداء العبادة والطاعة.
  • تغيير الطريق: يُسنّ للمسلم أن يذهب لصلاة العيد من طريقٍ، ويعود من طريقٍ آخر، وقيل إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك ليرهب أعدائه من المنافقين واليهود ويغيظهم بكثرة من معه، وهناك حِكَمٌ أخرى منها ما يأتي:
    • شهادة الطريقان للمسلم عند الله -سبحانه- يوم القيامة، لأن الأرض سوف تتحدّث يوم الحساب بما كان قد عُمل عليها من خيرٍ أو شرٍّ.
    • إظهار شعائر الإسلام في الطريقين.
    • إظهار ذكره لله -تعالى- في الطريقين.
    • قضاء حاجات الناس، مثل التعليم والفتوى والاقتداء.
    • التصدّق على المحتاجين.
    • زيارة الأقارب، وصلة الرحم.
  • التكبير: يُسنّ للمسلم التكبير المطلق في يوم العيد، ويبتدئ وقت هذه السنة من غروب الشمس ليلة العيد إلى أن يأتي الإمام لصلاة العيد، أما بالنسبة لصفة التكبير فهي أن يقول المسلم: “الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد”، ويُسنّ الجهر بالتكبير والتهليل للرجال في البيوت وفي الأماكن العامة؛ كالأسواق والمساجد، وكل ذلك من باب الإعلان والإظهار للعبادة والشكر لله تعالى، أمّا النساء فيُسَنّ لهنّ التكبير أيضاً ولكن بصورةٍ سريّةٍ.
  • التهنئة بالعيد: لا بأس بالتهنئة بالعيد وأن يقول المسلم لأخيه المسلم: “تقبل الله منا ومنكم”، وقد كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يهنّئون بعضهم البعض.[٨]

المراجع

  1. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 13622، إسناده صحيح على شرط مسلم.
  2. “صلاة العيد”، www.alfawzan.af.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 30-5-2019. بتصرّف.
  3. سورة الأعلى، آية: 14-15.
  4. عاصم القريوتي، “عيد الفطر أحكامه وآدابه”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2019. بتصرّف.
  5. “أحكام العيد سننه وآدابه”، www.almoslim.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2019. بتصرّف.
  6. يوسف الأحمد (9-8-2006)، “أحكام عيد الفطر “، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2019. بتصرّف.
  7. “آداب العيد”، www.islamqa.info، 2008-12-7، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2019. بتصرّف.
  8. كريم بروقي (19-8-2012)، “أحكام عيد الفطر”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2019. بتصرّف.