أجمل أشعار نزار قباني في الحب

نزار قباني  هو دبلوماسي، وشاعر، وناشر سوري ، ولد في 21 مارس/ آذار 1923 في دمشق، وتوفي في 30 أبريل/ نيسان 1998 في لندن، ويعتبر أحد أبرز وأشهر الشعراء العرب، وأكثرهم جدلاً في العصر الحديث. حصل على البكالوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق، ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية. كان يتقن

اللغة الإنجليزية

، خاصةً وأنه تعلم تلك اللغة على أصولها، عندما عمل سفيراً لسوريا في لندن، في الفترة ما بين عامي 1952- 1955.


شعر نزار قباني

بدأ

نزار قباني

في كتابة الشعر وعمره 16 سنة، وأصدر أوّل دواوينه ” قالت لي السمراء ” عام 1944، وكان طالباً في كلية الحقوق، وقام بطبعه على نفقته الخاصة. وله عدد كبير من دواوين الشعر، تصل إلى 35 ديواناً، كتبها على مدار ما يزيد على نصف قرن أبرزها ” طفولة نهد، الرسم بالكلمات، قصائد، سامبا، أنت لي “. ولنزار عدد كبير من الكتب النّثرية، أبرزها :” قصّتي مع الشّعر، ما هو الشعر، 100 رسالة حب “.


قصائد نزار قباني في الحب


– قصيدة أحبك جداً

أحبّك جداً

وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويـل

وأعرف أنك ستّ النساء

وليس لدي بديـل

وأعرف أن زمان الحنيـن انتهى

ومات الكلام الجميل

لست النساء ماذا نقول

أحبك جداً…

أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى

وأنتِ بمنفى

وبيني وبينك

ريحٌ

وغيمٌ

وبرقٌ

ورعدٌ

وثلجٌ ونـار

وأعرف أن الوصول لعينيك وهمٌ

وأعرف أن الوصول إليك

انتحـار

ويسعدني

أن أمزّق نفسي لأجلك أيتها الغالية

ولو خيّروني

لكرّرت حبّك للمرّة الثّانية

يا من غزلت قميصك من ورقات الشجر

أيا من حميتك بالصبر من قطرات

المطر

أحبك جداً

وأعرف أني أسافر في بحر عينيك

دون يقين

وأترك عقلي ورائي وأركض

أركض

أركض خلف جنونـي

أيا امرأة تمسك القلب بين يديها

سألتك بالله لا تتركيني

لا تتركيني

فماذا أكون أنا إذا لم تكوني

أحبك جداً

وجداً وجداً

وأرفض من نـار حبك أن أستقيلا

وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقلا…

وما همّني

إن خرجت من الحب حيّا

وما همّني

إن خرجت قتيلا.


– قصيدة أشهد أن لا أمرأه إلا أنت

أشهدُ أن لا امرأة ً

أتقنت اللعبة إلا أنت

واحتملت حماقتي

عشرة أعوام كما احتملت

واصطبرت على جنوني مثلما صبرت

وقلّمت أظافري

ورتبّت دفاتري

وأدخلتني روضة الأطفال

إلا أنتِ ..

أشهدُ أن لا امرأة ً

تشبهني كصورة زيتية

في الفكر والسلوك إلا أنت

والعقل والجنون إلا أنت

والملل السريع

والتعلّق السريع

إلا أنتِ ..

أشهدُ أن لا امرأة ً

قد أخذت من اهتمامي

نصف ما أخذتِ

واستعمرتني مثلما فعلت

وحررتني مثلما فعلت

أشهدُ أن لا امرأة ً

تعاملت معي كطفل عمره شهران

إلا أنتِ ..

وقدمت لي لبن العصفور

والأزهار والألعاب

إلا أنتِ ..

أشهدُ أن لا امرأة ً

كانت معي كريمة كالبحر

راقية كالشعر

ودلّلتني مثلما فعلت

وأفسدتني مثلما فعلت

أشهد أن لا امرأة

قد جعلت طفولتي

تمتد للخمسين .. إلا أنت

أشهدُ أن لا امرأة ً

تقدر أن تقول إنها النساء .. إلا أنت

وإن في سُرَّتِها

مركز هذا الكون

أشهدُ أن لا امرأة ً

تتبعها الأشجار عندما تسير

إلا أنتِ ..

ويشرب الحمام من مياه جسمها الثلجي

إلا أنتِ ..

وتأكل الخراف من حشيش إبطها الصيفي

إلا أنت

أشهدُ أن لا امرأة ً

اختصرت بكلمتين قصة الأنوثة

وحرّضت رجولتي عليَّ

إلا أنتِ ..

أشهدُ أن لا امرأة ً

توقف الزمان عند نهدها الأيمن

إلا أنتِ ..

وقامت الثورات من سفوح نهدها الأيسر

إلا أنتِ ..

أشهدُ أن لا امرأة ً

قد غيرت شرائع العالم إلا أنت

وغيرت

خريطة الحلال والحرام

إلا أنتِ ..

أشهدُ أن لا امرأة ً

تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال

تحرقني .. تغرقني

تشعلني .. تطفئني

تكسرني نصفين كالهلال

أشهدُ أن لا امرأة ً

تحتل نفسي أطول احتلال

وأسعد احتلال

تزرعني

ورداً دمشقياً

ونعناعاً

وبرتقال

يا امرأة

أترك تحت شَعرها أسئلتي

ولم تجب يوماً على سؤال

يا امرأة هي اللغات كلها

لكنّها

تلمس بالذِهْنِ ولا تُقال

أيتها البحرية العينين

والشمعية اليدين

والرائعة الحضور

أيتها البيضاء كالفضة

والملساء كالبلور

أشهدُ أن لا امرأة ً

على محيط خصرها تجتمع العصور

وألف ألف كوكب يدور

أشهدُ أن لا امرأة ً .. غيرك يا حبيبتي

على ذراعيها تربى أول الذكور

وآخر الذكور

أيتها اللّماحة الشفافة

العادلة الجميلة

أيتها الشهية البهية

الدائمة الطفولة

أشهدُ أن لا امرأة ً

تحرّرت من حكم أهل الكهف إلا أنت

وكسّرت أصنامهم

وبدّدت أوهامهم

وأسقطت سلطة أهل الكهف إلا أنت

أشهد أن لا امرأة

استقبلت بصدرها خناجر القبيلة

واعتبرت حبّي لها

خلاصة الفضيلة

أشهدُ أن لا امرأة ً

جاءت تماماً مثلما انتظرت

وجاء طول شعرها أطول ممّا شئت أو حلمت

وجاء شكل نهدها

مطابقاً لكل ما خطّطت أو رسمت

أشهدُ أن لا امرأة ً

تخرج من سحب الدخان .. إن دخنت

تطير كالحمامة البيضاء في فكري .. إذا فكرت

يا امرأة ..كتبت عنها كتباً بحالها

لكنّها برغم شعري كله

قد بقيت .. أجمل من جميع ما كتبت

أشهدُ أن لا امرأة ً

مارست الحب معي بمنتهى الحضارة

وأخرجتني من غبار العالم الثالث

إلا أنت

أشهدُ أن لا امرأة ً

قبلك حلّت عقدي

وثقّفت لي جسدي

وحاورته مثلما تحاور القيثارة

أشهدُ أن لا امرأة ً

إلا أنتِ ..

إلا أنتِ ..

إلا أنتِ ..


– قصيدة حبّ بلا حدود

يا سيِّدتي:

كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي

قبل رحيل العامْ.

أنتِ الآنَ.. أهمُّ امرأةٍ

بعد ولادة هذا العامْ..

أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ.

أنتِ امرأةٌ..

صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ..

ومن ذهب الأحلامْ..

أنتِ امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي

قبل ملايين الأعوامْ..

يا سيِّدتي:

يالمغزولة من قطنٍ وغمامْ.

يا أمطاراً من ياقوتٍ..

يا أنهاراً من نهوندٍ..

يا غاباتِ رخام..

يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ..

وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ.

لن يتغيرَ شيءٌ في عاطفتي..

في إحساسي..

في وجداني.. في إيماني..

فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلامْ..

يا سيِّدتي:

لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ وأسماء السنواتْ.

أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كلَِ الأوقاتْ.

سوف أحِبُّكِ..

عند دخول القرن الواحد والعشرينَ..

وعند دخول القرن الخامس والعشرينَ..

وعند دخول القرن التاسع والعشرينَ..

وسوفَ أحبُّكِ..

حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ..

وتحترقُ الغاباتْ..

يا سيِّدتي:

أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ..

ووردةُ كلِّ الحرياتْ.

يكفي أن أتهجى إسمَكِ..

حتى أصبحَ مَلكَ الشعرِ..

وفرعون الكلماتْ..

يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ..

حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ..

وتُرفعَ من أجلي الراياتْ..

يا سيِّدتي

لا تَضطربي مثلَ الطائرِ في زَمَن الأعيادْ.

لَن يتغيرَ شيءٌ منّي.

لن يتوقّفَ نهرُ الحبِّ عن الجريانْ.

لن يتوقف نَبضُ القلبِ عن الخفقانْ.

لن يتوقف حَجَلُ الشعرِ عن الطيرانْ.

حين يكون الحبُ كبيراً..

والمحبوبة قمراً..

لن يتحول هذا الحُبُّ

لحزمَة قَشٍّ تأكلها النيرانْ…

يا سيِّدتي:

ليس هنالكَ شيءٌ يملأ عَيني

لا الأضواءُ..

ولا الزيناتُ..

ولا أجراس العيد..

ولا شَجَرُ الميلادْ.

لا يعني لي الشارعُ شيئاً.

لا تعني لي الحانةُ شيئاً.

لا يعنيني أي كلامٍ

يكتبُ فوق بطاقاتِ الأعيادْ.

يا سيِّدتي:

لا أتذكَّرُ إلا صوتُكِ

حين تدقُّ نواقيس الآحادْ.

لا أتذكرُ إلا عطرُكِ

حين أنام على ورق الأعشابْ.

لا أتذكر إلا وجهُكِ..

حين يهرهر فوق ثيابي الثلجُ..

وأسمعُ طَقْطَقَةَ الأحطابْ..

ما يُفرِحُني يا سيِّدتي

أن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِ

بين بساتينِ الأهدابْ…

ما يَبهرني يا سيِّدتي

أن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ..

أعانقُهُ..

وأنام سعيداً كالأولادْ…

يا سيِّدتي:

ما أسعدني في منفاي

أقطِّرُ ماء الشعرِ..

وأشرب من خمر الرهبانْ

ما أقواني..

حين أكونُ صديقاً

للحريةِ.. والإنسانْ…

يا سيِّدتي:

كم أتمنى لو أحببتُكِ في عصر التَنْويرِ..

وفي عصر التصويرِ..

وفي عصرِ الرُوَّادْ

كم أتمنى لو قابلتُكِ يوماً

في فلورنسَا.

أو قرطبةٍ.

أو في الكوفَةِ

أو في حَلَبٍ.

أو في بيتٍ من حاراتِ الشامْ…

يا سيِّدتي:

كم أتمنى لو سافرنا

نحو بلادٍ يحكمها الغيتارْ

حيث الحبُّ بلا أسوارْ

والكلمات بلا أسوارْ

والأحلامُ بلا أسوارْ

يا سيِّدتي:

لا تَنشَغِلي بالمستقبلِ، يا سيدتي

سوف يظلُّ حنيني أقوى مما كانَ..

وأعنفَ مما كانْ..

أنتِ امرأةٌ لا تتكرَّرُ.. في تاريخ الوَردِ..

وفي تاريخِ الشعْرِ..

وفي ذاكرةَ الزنبق والريحانْ…

يا سيِّدةَ العالَمِ

لا يُشغِلُني إلا حُبُّكِ في آتي الأيامْ

أنتِ امرأتي الأولى.

أمي الأولى

رحمي الأولُ

شَغَفي الأولُ

شَبَقي الأوَّلُ

طوق نجاتي في زَمَن الطوفانْ…

يا سيِّدتي:

يا سيِّدة الشِعْرِ الأُولى

هاتي يَدَكِ اليُمْنَى كي أتخبَّأ فيها..

هاتي يَدَكِ اليُسْرَى..

كي أستوطنَ فيها..

قولي أيَّ عبارة حُبٍّ

حتى تبتدئَ الأعيادْ.


– قصيدة رفقاً بأعصابي

شَرَّشْتِ ..

في لحمي و أعْصَابي ..

وَمَلَكْتِني بذكاءِ سنجابِ

شَرَّشْتِ .. في صَوْتي، و في لُغَتي

ودَفَاتري ، وخُيُوطِ أَثوابي ..

شَرَّشْتِ بي .. شمساً وعافيةً

وكسا ربيعُكِ كلَّ أبوابي ..

شَرَّشْتِ .. حتّى في عروقِ يدي

وحوائجي .. وزجَاج أكوابي ..

شَرَّشْتِ بي .. رعداً .. و صاعقةً

وسنابلاً، و كرومَ أعنابِ

شَرَّشْتِ .. حتّى صار جوفُ يدي

مرعى فراشاتٍ .. وأعشابِ

تَتَساقطُ الأمطارُ .. من شَفَتِي ..

والقمحُ ينبُتُ فوقَ أهْدَابي ..

شَرَّشْتِ .. حتَّى العظْم .. يا امرأةً

فَتَوَقَّفي .. رِفْقاً بأعصابي ..


– قصيدة سأقول لك أحبّك

سَأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”..

حينَ تنتهي كلُّ لُغَاتِ العشق القديمَه

فلا يبقى للعُشَّاقِ شيءٌ يقولونَهُ.. أو يفعلونَهْ..

عندئذ ستبدأ مُهِمَّتي

في تغيير حجارة هذا العالمْ

وفي تغيير هَنْدَسَتِهْ

شجرةً بعد شَجَرَة

وكوكباً بعد كوكبْ

وقصيدةً بعد قصيدَة

سأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”..

وتضيقُ المسافةُ بين عينيكِ وبين دفاتري

ويصبحُ الهواءُ الذي تتنفَّسينه يمرُّ برئتيَّ أنا

وتصبحُ اليدُ التي تضعينَها على مقعد السيّارة

هي يدي أنا..

سأقولها، عندما أصبح قادراً،

على استحضار طفولتي، وخُيُولي، وعَسَاكري،

ومراكبي الورقيَّهْ..

واستعادةِ الزّمَن الأزرق معكِ على شواطئ بيروتْ..

حين كنتِ ترتعشين كسمَكةٍ بين أصابعي..

فأغطّيكِ، عندما تَنْعَسينْ،

بشَرْشَفٍ من نُجُوم الصّيفْ..

سأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”..

وسنابلَ القمح حتى تنضجَ.. بحاجةٍ إليكِ..

والينابيعَ حتى تتفجَّرْ..

والحضارةَ حتى تتحضَّرْ..

والعصافيرَ حتى تتعلَّمَ الطيرانْ..

والفراشات حتى تتعلَّمَ الرَسْم..

سأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”..

عندما تسقط الحدودُ نهائياً بينكِ وبين القصيدَهْ..

ويصبح النّومُ على وَرَقة الكتابَهْ

ليسَ الأمرُ سَهْلاً كما تتصوَّرينْ..

خارجَ إيقاعاتِ الشِّعرْ..

ولا أن أدخلَ في حوارٍ مع جسدٍ لا أعرفُ أن أتهجَّاهْ..

كَلِمَةً كَلِمَهْ..

ومقطعاً مقطعاً…

إنني لا أعاني من عُقْدَة المثقّفينْ..

لكنَّ طبيعتي ترفضُ الأجسادَ التي لا تتكلَّمُ بذكاءْ…

والعيونَ التي لا تطرحُ الأسئلَهْ..

إن شَرْطَ الشّهوَة عندي، مرتبطٌ بشَرْط الشِّعْرْ

فالمرأةُ قصيدةٌ أموتُ عندما أكتُبُها..

وأموتُ عندما أنساها..

سأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”..

عندما أبرأُ من حالة الفُصَام التي تُمزِّقُني..

وأعودُ شخصاً واحداً..

سأقُولُها، عندما تتصالحُ المدينةُ والصّحراءُ في داخلي.

وترحلُ كلُّ القبائل عن شواطئ دمي..

الذي حفرهُ حكماءُ العالم الثّالث فوق جَسَدي..

التي جرّبتُها على مدى ثلاثين عاماً…

فشوَّهتُ ذُكُورتي..

وأصدَرَتْ حكماً بِجَلْدِكِ ثمانينَ جَلْدَهْ..

بِتُهْمةِ الأُنوثهْ…

لذلك. لن أقولَ لكِ (أُحِبّكِ).. اليومْ..

ورُبَّما لن أَقولَها غداً..

فالأرضُ تأخذ تسعةَ شُهُورٍ لتُطْلِعَ زهْرَهْ

والليل يتعذَّبُ كثيراً.. لِيَلِدَ نَجْمَهْ..

والبشريّةُ تنتظرُ ألوفَ السّنواتِ.. لتُطْلِعَ نبيَّاً..

فلماذا لا تنتظرينَ بعضَ الوقتْ..

لِتُصبِحي حبيبتي؟؟


– قصيدة أحبّك أحبّك والبقيّة تأتي

حديثك سجادةٌ فارسيّه..

وعيناك عصفوتان دمشقيّتان..

تطيران بين الجدار وبين الجدار..

وقلبي يسافر مثل الحمامة فوق مياه يديك،

ويأخذ قيلولةً تحت ظل السّوار..

وإنّي أحبّك..

لكن أخاف التّورط فيك،

أخاف التّوحد فيك،

أخاف التّقمص فيك،

فقد علمتني التّجارب أن أتجنب عشق النّساء،

وموج البحار..

أنا لا أناقش حبّك.. فهو نهاري

ولست أناقش شمس النّهار

أنا لا أناقش حبّك..

فهو يقرّر في أيّ يوم سيأتي.. وفي أيّ يومٍ سيذهب..

وهو يحدد وقت الحوار، وشكل الحوار..

دعيني أصبّ لك الشّاي،

أنت خرافيّة الحسن هذا الصّباح،

وصوتك نقشٌ جميلٌ على ثوب مرّاكشيه

وعقدك يلعب كالطّفل تحت المرايا..

ويرتشف الماء من شفة المزهريّة

دعيني أصبّ لك الشّاي، هل قلت إنّي أحبّك؟

هل قلت إنّي سعيدٌ لأنّك جئت..

وأنّ حضورك يسعد مثل حضور القصيدة

ومثل حضور المراكب، والذّكريات البعيدة

دعيني أترجم بعض كلام المقاعد وهي ترحب فيك..

دعيني، أعبّر عما يدور ببال الفناجين،

وهي تفكّر في شفتيك..

وبال الملاعق، والسّكرية..

دعيني أضيفك حرفاً جديداً..

على أحرف الأبجديّة..

دعيني أناقض نفسي قليلاً

وأجمع في الحبّ بين الحضارة والبربريّة.


– قصيدة أحبّك حتى ترتفع السّماء

كي أستعيد عافيتي

وعافية كلماتي.

وأخرج من حزام التّلوث

الذي يلفّ قلبي.

فالأرض بدونك

كذبةٌ كبيره..

وتفاحةٌ فاسدة…

حتّى أدخل في دين الياسمين

وأدافع عن حضارة الشّعر…

وزرقة البحر…

واخضرار الغابات…

أريد أن أحبّك

حتى أطمئن..

لا تزال بخير..

لا تزال بخير..

وأسماك الشّعر التي تسبح في دمي

لا تزال بخير…

أريد أن أحبّك..

حتى أتخلّص من يأسي..

وملوحتي..

وتكلّس أصابعي..

وفراشاتي الملوّنة

وقدرتي على البكاء…

أريد أن أحبّك

حتى أسترجع تفاصيل بيتنا الدّمشقي

غرفةً… غرفة…

بلاطةً… بلاطة..

حمامةً.. حمامة..

وأتكلم مع خمسين صفيحة فلٍّ

كما يستعرض الصّائغ.

أريد أن أحبّك، يا سيّدتي

في زمنٍ..

أصبح فيه الحبّ معاقاً..

واللغة معاقةً..

وكتب الشّعر، معاقةً..

فلا الأشجار قادرةٌ على الوقوف على قدميها

ولا العصافير قادرةٌ على استعمال أجنحتها.

ولا النّجوم قادرةٌ على التنقّل…

أريد أن أحبّك..

من غزلان الحريّة..

وآخر رسالةٍ

من رسائل المحبّين

وتشنقّ آخر قصيدةٍ

مكتوبةٍ باللغة العربيّة…

أريد أن أحبّك..

قبل أن يصدر مرسومٌ فاشستيّ

وأريد أن أتناول فنجاناً من القهوة معك..

وأريد أن أجلس معك.. لدقيقتين

قبل أن تسحب الشّرطة السريّة من تحتنا الكراسي..

وأريد أن أعانقك..

قبل أن يلقوا القبض على فمي.. وذراعي

وأريد أن أبكي بين يديك

قبل أن يفرضوا ضريبةً جمركيةً

على دموعي…

أريد أن أحبك، يا سيّدتي

وأغير التّقاويم

وأعيد تسمية الشّهور والأيام

وأضبط ساعات العالم..

على إيقاع خطواتك

ورائحة عطرك..

التي تدخل إلى المقهى..

قبل دخولك..

إني أحبّك، يا سيّدتي

دفاعاً عن حقّ الفرس..

في أن تصهل كما تشاء..

وحقّ المرأة.. في أن تختار فارسها

كما تشاء..

وحق الشّجرة في أن تغيّر أوراقها

وحق الشّعوب في أن تغيّر حكّامها

متى تشاء….

أريد أن أحبّك..

حتى أعيد إلى بيروت، رأسها المقطوع

وإلى بحرها، معطفه الأزرق

وإلى شعرائها.. دفاترهم المحترقة

أريد أن أعيد

لتشايكوفسكي.. بجعته البيضاء

ولبول ايلوار.. مفاتيح باريس

ولفان كوخ.. زهرة (دوّار الشّمس)

ولأراغون.. (عيون إلزا)

ولقيس بن الملوّح..

أمشاط ليلى العامريّه…

أريدك أن تكوني حبيبتي

حتى تنتصر القصيدة…

على المسدّس الكاتم للصوت..

وينتصر التّلاميذ

وتنتصر الوردة..

وتنتصر المكتبات..

على مصانع الأسلحة…

أريد أن أحبّك..

حتى أستعيد الأشياء التي تشبهني

والأشجار التي كانت تتبعني..

والقطط الشّامية التي كانت تخرمشني

والكتابات .. التي كانت تكتبني..

أريد.. أن أفتح كل الجوارير

التي كانت أمي تخبّئ فيها

خاتم زواجها..

ومسبحتها الحجازيّة..

بقيت تحتفظ بها..

منذ يوم ولادتي..

كل شيءٍ يا سيّدتي

دخل في (الكوما)

ف

الأقمار الصّناعية

انتصرت على قمر الشّعراء

والحاسبات الالكترونيّة

تفوّقت على نشيد الإنشاد..

وبابلو نيرودا…

أريد أن أحبّك، يا سيّدتي..

قبل أن يصبح قلبي..

قطعة غيارٍ تباع في الصّيدليات

فأطباء القلوب في (كليفلاند)

يصنعون القلوب بالجمله

كما تُصنع الأحذية….

السّماء يا سيّدتي، أصبحت واطئةً..

والغيوم العالية..

أصبحت تتسكّع على الأسفلت..

وجمهوريّة أفلاطون.

وشريعة حمورابي.

ووصايا الأنبياء.

صارت دون مستوى سطح البحر

ومشايخ الطّرق الصّوفية..

أن أحبّك..

حتى ترتفع السّماء قليلاً….

انتصرت على قمر الشّعراء

والحاسبات الالكترونيّة

تفوقت على نشيد الإنشاد..

وقصائد لوركا.. وماياكوفسكي..

وبابلو نيرودا…

أريد أن أحبّك، يا سيّدتي..

قبل أن يصبح قلبي..

قطعة غيارٍ تباع في الصّيدليات

فأطباء القلوب في (كليفلاند)

يصنعون القلوب بالجملة

كما تُصنع الأحذية….

السّماء يا سيّدتي، أصبحت واطئةً..

والغيوم العالية..

أصبحت تتسكّع على الأسفلت..

وجمهوريّة أفلاطون.

وشريعة حمورابي.

ووصايا الأنبياء.

وكلام الشّعراء.

صارت دون مستوى سطح البحر

لذلك نصحني السّحرة، والمنجّمون،

ومشايخ الطّرق الصّوفية..

أن أحبّك..

حتى ترتفع السّماء قليلاً….