قصص سفيان الثوري

أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله الثوري، ولد في عام 715 م في الكوفة ب

العراق

، ووالده هو سعيد بن مسروق الثوري، وهو أحد أصحاب خيثمة بن عبدالرحمن والشعبي، وكان أحد أهل الثقة الكوفيين، يم تلقيب

سفيان الثوري

بإمام الحُفّاظ وشيخ الإسلام، لأنه كان سيد العلماء في زمانه.

قصة سفيان الثوري مع أبو جعفر المنصور

– دعى أبو جعفر المنصور الإمام سفيان الثوري ليوليه القضاء في إحدى ولاياته.

فقال أبو جعفر: نريد أن نوليك القضاء فى بلدة كذا

فرفض سفيان فأصر أبو جعفر و كرر عليه القرار

فرفض سفيان مرة أخرى

فقال

أبو جعفر المنصور

: إذا نقتلك.

قال سفيان الثوري: افعل ما شئت.

قال أبو جعفر: يا غلام النطع و السيف

– فجاءوا بالنطع و هو الجلد الذي يفرش تحت من يقتل حتى لا تتلوث الأرض بدمه ثم جاءوا بالسيف، وعندما رأى سفيان أن الموت أمامه و علم أن الكلام لم يكن تهديد بل حقيقة فقال: أيها الخليفة أنظرني إلى غد اتيك بزي القضاة، أظلم الليل فقام بحمل متاعه على بغله و ركب على بغله وخرج من الكوفة هارباً.

– جاء الصباح وانتظره ابو جعفر حتى يأتي إليه ولكن دخل وقت أضحى و كاد أن يأتى الزوال ولم يأتي سفيان، فسأل من حوله فقال التمسوا لي سفيان الثوري فالتمسوه ثم رجعوا إليه و قالوا إنه خالفك وهرب في ظلمة الليل فغضب ابي جعفر وأرسل الى جميع الممالي رسالة يقول فيها بأن من سيأتي بسفيان الثوري حياً او ميتاً فله كذا و كذا.

– هرب سفيان الثورى وذهب الى اليمن

وصرف كل ما معه اثناء الطريق وأصبح لا يملك النقود، فأجر نفسه عند صاحب بستان في قرية على طريق اليمن فاشتغل فيها و في ذات يوم من الايام دعاه صاحب البستان فقال له: من أين أنت ياغلام؟

قال سفيان: أنا من الكوفة.

قال: رطب الكوفة أطيب أم الرطب الذى عندنا ؟

قال سفيان: أنا ما أكلت من الرطب الذى عندكم.

قال: سبحان الله الناس جميعاً الاغنياء و الفقراء بل حتى الحمير و الكلاب اليوم تأكل الرطب من كثرته وانت ما أكلت الرطب، لماذا لم تأكل من المزرعة رطباً و انت تعمل فيها؟

قال سفيان: لأنك لم تأذن لي بذلك فلا أريد أن ادخل إلى جوفي شيئاً من الحرام!

فتعجب صاحب البستان من ورعه فظن أن سفيان يتصنع الورع فقال والله لو كنت سفيان الثوري وهو لا يعلم انه سفيان، فسكت سفيان و مضى الى عمله.

– خرج صاحب البستان وذهب إلى صاحب له وقال له: عندي غلام يعمل في البستان من شأنه كذا و كذا يتصنع الورع، والله لو كان سفيان الثوري

فقال صاحبه ما صفة غلامك هذا.

قال صاحب البستان: صفة كذا و كذا

فقال صاحبه: والله هذة صفة سفيان فتعال نقبض عليه حتى نحوز على جائزة الخليفة.

– ذهبوا إلى البستان فوجدوا سفيان أخذ متاعه و فر الى اليمن

.وصل إلى اليمن ثم اشتغل عند بعض الناس فما لبثوا أن اتهموه ب

السرقة

، فحملوه إلى والي اليمن فلما دخلوا به على الوالى اقعده بين يديه فنظر إليه الوالي وكان شيخ وقور عليه سمات أهل الخير و الصلاح.

فقال له: سرقت؟

قال سفيان: لا والله ما سرقت

قال الوالي: هم يقولون أنك سرقت

قال: تهمة يتهموني بها فليتمسوا متاعهم اين يكون.

فأمرهم والى اليمن بالخروج من عنده حتى يساله.

ثم قال الوالي: ما اسمك؟

قال سفيان: انا أسمي عبد الله

قال الوالي: أقسمت عليك أن تخبرني باسمك فكلنا عبيد لله

قال :اسمي سفيان.

قال الوالي: سفيان ابن من؟

قال:سفيان ابن عبد الله

قال الوالي: أقسمت عليك أن تخبرنى باسمك واسم ابيك ؟

قال: انا سفيان ابن سعيد الثوري.

فانتفض الوالى وقال: انت سفيان الثوري؟

قال:نعم.

قال الوالي: أنت الذى فررت من بين يدي ابي جعفر المنصور؟

قال: نعم.

قال الوالي: أنت الذي أرادك على القضاء فأبيت؟

قال:نعم.

قال: أنت الذي جعل فيك الجائزة؟

قال: نعم

قال الوالي: يا أبى عبد الله اقم كيف شئت وأرحل متى شئت ف والله لو كنت مختبئاً تحت قدمي ما رفعتها عنك، اقم كيف شئت فى اليمن

– فخرج سفيان و لكنه ترك اليمن وذهب إلى مكة فسمع بذلك ابو جعفر المنصور وكان وقت الحج فأرسل ابى جعفر الخشابين فقال لهم: اقبضوا عليه وانصبوا الخشب وعلقوه على باب الحرم حتى آتي أنا فأكون من قتله بنفسي حتى اذهب ما فى قلبى من غيظ .

– وصل الخشابين ودخلوا الحرم وبدأوا في الصياح من لنا بسفيان الثوري؟ من لنا بسفيان الثوري؟

– كان سفيان بين العلماء وقد أحاطوا به يسألونه، فسمعوا الخشابين ينادون على سفيان.

– فقالوا له: يا أبي عبد الله لا تفضحنا فنقتل معك.

– فتقدم سفيان حتى وصل عند الكعبة ثم رفع يديه وقال: “اللهم أقسمت عليك ألا يدخلها ابو جعفر” وقالها ثلاث مرات، فاستجاب الله لدعوته وقبضت روح أبو جعفر المنصور وهو على حدود

مكة المكرمة

فدخل أبو جعفر إلى مكة جثه هامدة محمولة على النعش وصلى عليها فى الحرم.