تعريف الفسق وانواعه


الفسق هو مصطلح عربي يشير إلى شخص يخالف الشريعة الإسلامية ومع ذلك ، عادة ما يقتصر وصف شخص ما على أنه مذنب بارتكاب انتهاك صريح وواضح للشريعة الإسلامية و / أو شخص شخصيته الأخلاقية فاسدة.


تعريف الفسق


قام العلماء بتعريف الفسق بشكل مختلف ولكن في النهاية تعني معنى واحد ، ويتفق العلماء على أن الفسق هو ارتكاب الشخص ذنوب وكبائر مثل الزنا والقتل والسرقة وشرب الخمور بشكل مستمر دون رجوع فيها ، والإصرار على ارتكاب الذنوب الصغيرة.


وقَالَ الأصبهانيُّ: الفِسْق أعمُّ من الكُفْر، والفِسْقُ يقعُ بالقَليلِ من الذُنُوبِ وبالكَثيرِ، ولكِن تُعورِفَ فِيمَا كانَ بكَثيره ، وأكثرُ مَا يُقالُ الفاسِقُ لمَنْ التَزَم حُكمَ الشّرع وأقرّ بهِ ثمَّ أخلّ بجَميعِ أحكامِه ، أَو ببَعْضِها ، وَإِذا قيل للكافِر الأَصْل فاسِق ، فلِأنّه أخَلّ بحُكمِ مَا ألزمَه العَقل ، واقتَضَتْه الفِطْرَةُ.


وقال تَعالى:  “أفَمَنْ كانَ مؤمِناً كمَنْ كَانَ فاسِقاً لَا يسْتَوون”.


أنواع  الفسق


قال ابن تيميّة‏ عن أنواع الفسق: “إنّ الفسق تارةً يكون بترك الفرائض ، وتارةً بفعل المحرّمات‏”.‏


وقال الشّوكانيّ ناقلاً عن الإمام القرطبيّ‏ :‏ “والفسق في عرف الاستعمال الشّرعيّ‏ الخروج عن طاعة اللّه عزّ وجلّ ، فقد يقع على من خرج بكفر ، على من خرج بعصيان.


وفي حديث الصّحيحين ، قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر»‏‏


وبناءً على ذلك ينقسم الفسق الى العديد من الأنواع  ولكن يمكن تقسيمه الى نوعين وهم:


الفسق الأكبر


هو اسوء انواع الفسق ويعني كفر الشخص ولا يغفر الله ذلك إلا عند توبه الشخص ويقول الله تعالي في كتابة “وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ” [البقرة:26-28]


قال الله تعالى: “وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ” [البقرة:99]


قال الله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ” [الكهف:50]


ونستنتج من هذه الآيات القرآنية أن الكفر بالله والعياذ بالله هو فسق.


الفسق الأصغر


يعني في هذا النوع هو ارتكاب المعاصي ولا يسبب في دخول النار ولا خروج من الملة ، وذكر الله ذلك في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6]


قال الله تعالى: “فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197]


وقال تعالى: “وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” [النور:4]


إمامة الفاسق في الصلاة


هناك اختلاف كبير في رأى الفقهاء حول إمامة الفاسق ومن هذه الآراء:


  • في المذهب الحنفي يجوز الصلاة خلف أي مسلم حتى ولو كان فاسق أو مرتكب أي خطأ ، ولكن ينص انه مكروه.

  • أما كان رأس المذهب المالكي ، يكره الصلاة خلف الفاسق لأن الفسق يعلق الصلاة.

  • المذهب الشافعي يبيح الصلاة خلف الشخص الفاسق ، وإنّما يكره ذلك خلفه.

  • أما كان رأي المذهب الحنبلي لا يجوز أن يكون الفاسق أمام مهما كان نوع الفسق ، ويجب على كل شخص يصلي وراء الفاسق أن يعيد صلاته ، وذلك تبعاَ لقول الله تعالى‏:‏ ‏ “أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً ََلا يَسْتَوُونَ” ، وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا تؤمّنّ امرأة رجلاً ، ولا يؤمّ أعرابيّ مهاجراً ، ولا يؤمّ فاجر مؤمناً ، إلاّ أن يقهره بسلطان يخاف سيفه وسوطه» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.


الفرق بين الفسق والفجور والمعصية


الفسق


: يستخدم لفظ الفسق على الأشخاص الذين يفعلون كبائر الذنوب مثل الزنا والربا.


الفجور


: تطلق أيضا على كبائر الذنوب الشنيعة وعلى الإصرار فيها وفعلها بشكل متكرر مثل تكرر القتل ، وزنا المحارم.


المعصية:


هي الذنوب الصغيرة التي يرتكبها الشخص ويتوب فيها إلى الله.


عقوبة الفاسق


يعاقب الله الفاسق بحرمانه من التوبه وعدم رؤية طريق الهدية فقال الله تعالى في أياته الكريمة : ” إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ ” [سورة البقرة 26]


وقول الله تعالى : ” ذَلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللّهَ وَاسْمَعُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ” [سورة المائدة 108]


قال الله تعالى ” قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ” [سورة التوبة 24]


جزاء الفاسق في القرآن الكريم


يتضح من آيات الله تعالى أن جزاء الفاسق هو الجحيم والنار في الآخرة و الابتلاء والعذاب في الدنيا ويتضح ذلك في هذه الآيات:


قال الله عَزَّ و جَلَّ : ” إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ” [العنكبوت 24]


قال الله عز وجل : ” فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ” سورة [العنبكوت 29]


قال تعالي : ” والَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ” [البقرة 2]


قال تعالى : “واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ” [الانعام 6]


قال الله عز وجل: “فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ” [الأعراف 7]


قال عَزَّ و جَلَّ : ” وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ ” [السجدة 32]


حكم تسمية المؤمن بالفاسق


قال الله تعالي ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”  [الحجرات 11]


تم

تفسير بئس الاسم الفسوق بعد الايمان

حسب ابن زيد : بئس الاسم الفسوق حين تسميه بالفسق بعد الإسلام وهو على الإسلام  قال: وأهل هذا الرأي هم المعتزلة ،  قالوا: لا نكفره كما كفره أهل الأهواء ، ولا نقول له مؤمن كما قالت الجماعة ، ولكنا نسميه باسمه إن كان سارقا فهو سارق ، وإن كان خائنا سموه خائنا ، وإن كان زانيا سموه زانيا قال ، فاعتزلوا الفريقين أهل الأهواء وأهل الجماعة فلا بقول هؤلاء قالوا ولا بقول هؤلاء فسموا بذلك المعتزلة.