من هو ؟  الصحابي الذي لقب ابو دسمة وسبب التسمية


الصحابة من غير العرب

دخل الإسلام في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مجموعة من الصحابة الأحباش، الذين أتوا إلى مكة كعبيد، وعندما جاء الإسلام أسلم بعضهم، ومن أشهر الإثيوبيين الذين اعتنقوا الإسلام “أم أيمن بركة” حاضنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ورثها رسول الله من أمه آمنة وأطلق سراحها، وهي والدة أسامة بن زيد، وبلال بن رباح مؤذن رسول الله، وهو من أوائل الصحابة وكان عبدًا عن أمية بن خلف واشتراه أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – وأطلق سراحه، ومن أبرز الصحابة الأحباش وحشي بن حرب الملقب بأبودسمة والذي سنتحدث عنه في السطور التالية.[1]

تسمية وحشي بن حرب بأبو دسمة

الصحابي الجليل وحشي بن حرب الملقب بأبو دسمة، هو من العبيد الأحباش الذين كانوا في مكة المكرمة، ولقب بأبو دسمة لأنها تعتبر كنية الحبشي عموماً لسواده واللقب ليس خاصًا بوحشي بن حرب وحده، وكان وحشي من عبيد طعيمة بن عدي، وقيل إنَّه كان من عبيد جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي.

قتل وحشي بن حرب لحمزة

انتشر في أوساط المثقفين وطلبة العلم أن الصحابي الجليل وحيشي بن حرب رضي الله تبارك وتعالى عنه، كان غلامًا لدى هند بنت عتبة قبل اعتناقه الإسلام، فانتشرت مقولة: “وحشي غلام هند بنت عتبة”، وقيل أيضاً أن من حرض وحشي بن حرب على قتل حمزة رضي الله عنه هي هند بنت عتبة، والأمر ليس كذلك لأن وحشي بن حرب رضي الله عنه كان غلامًا لجبير بن مطعم، وهو من حرضه على قتل سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم.

يُعرف عن وحشي بن حرب، أنَّه قاتل عمَّ الرسول  -صلَّى الله عليه وسلَّم- حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- وحدث ذلك في غزوة أحد، ولكن أيضًا يُشهد لأبو دسمة أنَّه شارك في حرب الردة “المرتدين عن الإسلام”، وقتل وحشي في هذه الحرب مسيلمة الكذاب، وكان من أشهر أقواله: “قتلتُ خير النَّاس في الجاهلية وشر الناس في الإسلام‏”.

يقول وحشي عن نفسه: كنت غلابًا لجبير بن مطعم، وقُتل عمه طعيمة بن عدي في غزوة بدر، وعندما سارت قريش إلى يوم أحد، قال لي جبير: إذا قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق يقول: فخرجت مع الناس لما خرجوا في يوم أحد، وخرجت لأرى حمزة وأتبصره حتى رأيته كجمل مورق في عرض الناس يهز الأعداء بسيفه، فقلت إني أريده وتواريت في شجرة وقيل في حجر، حتى يقترب مني، وهززت حربتي حتى اقترب مني فرميته بها فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه. وخلّيت بينه وبينها حتى مات، ثم أتيت إليه وأخذت حربتي، وعدت إلى الجيش ولم تكن لي حاجة إلى أي شيء آخر، وعندما جئت إلى مكة تم تحريري من العبودية.[2]

قصة إسلام وحشي بن حرب

أنعم الله على المسلمين، بفتح مكة سنة 8 من الهجرة، ولما حدث ذلك فرّ وحشي من مكة المكرمة إلى الطائف، ولمَّا تم تسليم الطائف وخرجَ منها الوفد الخاص بالتسليم إلى مكة المكرمة، ضاقت الأرض على “أبو دسمة”، وقال عن ذلك: “بعد خروج وفد الطائف للتسليم ضاقت علىّ الأرضُ بما رحبتْ وقلتُ بالشَّام أو اليمن أو بعض البلاد فولله إنّي لفي ذلك من همي”.

وفي غضون تلك الأحداث، سمع وحشي رجلًا يقول إنَّ نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، لا يقتل أحدًا يدخل في  الإسلام، فخرج وحشي “أبو دسمة” من الطائف إلى المدينة المنورة، ودخل على سيدنا محمد “صلى الله عليه وسلم” ليعلن عن دخوله في الإسلام،  ويقول وحشي: “قدمتُ المدينة على رسول الله، فدخلتُ عليه في خفَّة وحذر، ومضيتُ نحوه حتَّى صرتُ فوق رأسِهِ، وقلتُ: أشهد أن لا إله إلا الله، فلما سمع الشهادتين رفع رأسَهُ إليَّ، فلما عرفني ردَّ بصرَهُ عني، وقال: أوحشي أنتَ، قلت: نعم يا رسول الله، فقال: اقعدْ وحدثني كيف قتلتَ حمزة؟  فأخبرته، فلما انتهيت من حديثي أشاح بوجهِهِ، وقال: ويحك يا وحشي، غيِّب عني وجهك، فلا أرينك بعد اليوم”. فقال وحشي “أبو دسمة” فكنت أتنكب رسول الله حيث كان، فلم يرني حتى قبضه الله تعالى.

وفي صحيح البخاري: يقول وحشي إنه مكث في مكة حتى انتشر فيها الإسلام، ثم خرج إلى الطائف فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولًا، فقيل لوحشي: إنه لا يهيج الرسل، قال وحشي: فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآني قال : (آنت وحشي). قلت : نعم، قال : (أنت قتلت حمزة). قلت : قد كان من الأمر ما بلغك، قال : (فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني). قال: فخرجت.

مشاركة وحشي بحروب الردة وقتله لمسيلمة

عندما همّ بعض قبائل العرب على الارتداد بعهد أبي بكر الصديق، فقام أبو بكر بتسيير الجيش المعروف باليمامة لقتال الجيش التابع لمسيلمة الكذاب، فقام وحشي بن حرب باستغلال الفرصة بخروجه مع الجيش حتى يكفر عن ذنبه بقتله حمزة بن عبدالمطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقال وحشي بن حرب “أبو دسمة”، فلما بدأت الحرب واشتدت أخذت حربتي لضرب مسيلمة الكذاب، وفي هذا التوقيت تهيأ رجل آخر من الأنصار لضرب مسيلمة، فهززت حربتي ورميتها على مسيلمة فجاءت في عانته، ثم ذهب عليه الرجل الأنصاري فضربه بسيفه، ويقول وحشي بن حرب “أبو دسمة” عن ذلك: “الله أعلم أينا تمكّن من قتله”.

وفاة وحشي بن حرب

عاش وحشي بن حرب “أبو دسمة” حتى آلت الخلافة إلى عثمان بن عفان “رضي الله عنه”، لينتقل إلى حمص ويموت ويدفن فيها. ويوجد قبر وحشي بن حرب “أبو دسمة” في حي باب الدريب بحمص، حيث تم دفنه بجانب ثوبان المولى للرسول محمد صلى الله عليه وسلم.


وحشي في السينما والتلفزيون

ظهرت شخصية الصحابي الجليل وحشي بن حرب، المُلقّب بـ”أبو دسمة” في أعمال تليفزيونية وسينمائية عدة، نرصدها لكم فيما يلي:

  • جسّد الممثّل سالم جدارة، دور الصحابي وحشي بن حرب في فيلم الرسالة من إخراج مصطفى العقاد، الذي تم عرضه في عام 1976.
  • جسّد الممثّل محمود السمكري، دور الصحابي وحشي بن حرب في فيلم الخوافي والقوادم في نصرة الإسلام، والذي تم عرضه في عام 2009.
  • جسّد الممثل سامي بلال، دور الصحابي وحشي في مسلسل خالد بن الوليد، والذي كان يحكي قصة سيف الله المسلول، والذي تم عرضه في عام 2007.
  • جسّد الممثل التونسي زياد تواتي دور الصحابي وحشي في مسلسل عمر بن الخطاب، الذي كان يحكي قصة الفاروق، والذي تم عرضه في عام 2012. [3]