متى يكون العنف مبررا ؟ ” وحقاً مشروعاً


تعريف العنف المبرر وشرعيته


العنف هو الوحش الذي تواجهه الدول، فلا توجد دولة في أي وقت من عمرها إلا وتعرضت في الماضي او في

الوقت

الحاضر إلا وعاشت موجات عنف، أو قدمت بنفسها نوع من أنواع العنف.


ومن ال

طبيعي

في كل مراحل حياة الدول أن يكون الشعار المستخدم هو تحقيق الأمن، وسواد النظام العام والحفاظ عليه واستقرار واستقلال الدولة، واستتباب العدالة، والمساواة، والحفاظ على الحريات والحقوق، لكن هل يأتي وقت وتجد أن العنف مبرر وحق مشروع، لها أن تمارسه، ويكون بالنسبة للدولة أمر مُلح، للإجابة على السؤال الهام متى يكون العنف مبررا ؟ ” وحقاً مشروعاً، تخلص الإجابة في توضيح

معنى

العنف أولاً.


العنف معناه هو ما ضد معنى الرفق، وأخذ الأمر بشدة، وبشكل خارق، وهذا يفهم في اللغة من عدة مواضع تؤكد مفهوم العنف، والعنف في اللغة أيضاً عكس الرقيق،  أما العنف في الإصطلاح، فهو من الممارسات القديمة مثل قدم الحياة، والكون، ويمكن التأكد من ذلك من خلال مطالعة الأثار والجداريات وغيرها وحتى الأساطير، والتي كلها تشير بشكل أو بأخر إلى العنف، لكن هل كان تحت مسمى واضح ومفهوم.


هل النقاش حول العنف، مفهومه ومعناه وغيرها من الاستفسارات حوله مثل متى يكون العنف مبررا ؟ ” وحقاً مشروعاً، كلها أمور قديمة أم حديثة، خقيقة تلك الأمور كلها بالفعل حديثة، ومعاصرة وليست قديمة أو تعود لأزمنة سابقة، حيث بدأ هذا السجال عن العنف مع كتابات المفكر الفرنسي جورج سوريل، حيث كان العنف قبله جزء من معتقدات وتفكير عن الألهة وما تبعثه في النفوس.


ومنذ ذلك الوقت تحولت النظرة إلى العنف إلى وجهات أخرى، وتعددت تلك الوجهات وتباينت ما بين وجهة نفسية، ووجهة معنوية، وأخلاقية، ووجهة سياسية، وتعد الوجهة الأولى والثانية للعنف في الأنف لا يمثلان بشكل أساسي عنف مشروع، وتبقى وجهة العنف السياسي، هي الوجهة التي تمثل أحياناً صورة من العنف المشروع.


والعنف المشروع هو عنف الدول التي تتمكن من خلال الحصول على شرعيتها هي ذاتها باعتبار عنفها بذلك مشروع، الدولة تأخذ هذا المنطلق بعد تنازل المواطنين عن استعمال العنف بينهم، وانتقلت الأمور من هذا المفهوم من حقبة لحقبة ليكون أكثر تطوراً، لذا فليس العنف المشروع والمبرر عنف فردي، أو من حق الافراد.


من الطبيعي أن العيش تحت مظلة دولة، حضارية، يربط الحقوق والحريات والممارسات فيها بالتنازل للدولة عن ممارسة العنف الشرعي، فلا يحق مثلاً لمن تغتصب أرضه، أو ممتلكاته أن يلجأ للعنف في استردادها، بل من قد تتخذ العنف وسيله لرد حقوقه ليه، هي الدولة وحدها، بسلطتها التنفيذية وغيرها من أشكال السلطات.


وبذلك يمكن تعريف العنف شرعي أو مبرر، عند اتخاذه من قبل سلطة سياسية، تم الاتفاق من مواطنيها على شرعيتها، والتي تستخدمها بشكل سياسي وقانوني، أي أن مرد شرعية العنف هو شرعية الحكم ذاته، ذلك لأن مغتصب السلطة، أو الحاصل عليها نتيجة لاستخدامه القوة، مثل الانقلابات العسكرية، لا تعطي الحق الشرعي في العنف، ولا يوصف العنف في مظلتها بالعنف الشرعي المبرر. [1]


العنف في الدولة


هذا المفهوم الخاص بالعنف، وما حوله يخضع لعلم الاجتماع، والفلاسفة، والمتكلمين، والتنظير، كلها أمور تتعلق بالدولة والمجتمع، وحقوقهم وتنظيم العلاقات وغيرها، و

أشهر

من تناول هذا الأمر كان ماكس فيبر، ذلك لأن العنف بشكل عام يعد ظاهرة خطيرة في أي مجتمع بداية من

العنف الأسري

المرفوض، ووصولاً إلى عنف الدول والحكومات.


يعد العنف واحد من أدوات أي دولة في

العالم

، مهما كانت تلك الدولة متقدمة، أو تحترم الحقوق والحريات، وحتى الدول الديمقراطية، والمستبدة، ذلك لأن سيطرة حكم الحاكم في أي دولة مفاده هو أن يكون بإمكانه استخدام هذا العنف بشكل مبرر وشرعي.


والأمر هنا يختلف ما بين استخدام العنف المبرر الشرعي كأداة للقمع والتسلط والقهر والكبت، وتقييد الحريات، وفرض السياسات، وبين العنف الشرعي الحقيقي الذي تحتاجه الدولة للحفاظ أيضاً على الحقوق والحريات والنظام العام.


إذن فإن العنف يعد سلاح في يد كل صا

حب

سلطة على إقليم، الفرق في طريقة استخدامه والهدف منه.


لذلك لا يوجد دولة على وجه الأرض يمكن لها أن تستغني عن العنف، أو تهمش وجوده، أو تتنازل عنه، ذلك لأن حق الدولة في العنف الشرعي هو حق للمواطن في حفظ النظام العام والحقوق، ما دام في إطار تحقيق النظام، وليس في إطار الحريات، وخاصة إذا كانت نطاق الحريات السياسية بوجه خاص.


وقد استخدم العلماء، مع اختلاف توجهاتهم وثقافاتهم، وفهمهم مفهوم العنف المبرر أو المشروع بصيغة تلائم  أيدولجياتهم، ووعيهم العام والخاص، وتأثرهم بمعتقداتهم، وغيرها من الأمور المؤثرة في التفكير، والاعتقاد، والسلوك، والأفكار.


وبذلك يكون من حق الدولة التي تحكم بشكل ديمقراطي انتخابي فيه سيادة القانون، وفصل السلطات أن تقوم باستخدام العنف، ويعتبر وقتها هذا العنف مبرر بل وشرعي، في حالة المساس بأي شكل من الأشكال للإقليم الذي تستحم فيه، بالأمن والنظام العام، والحقوق والحريات.


مفهوم العنف المشروع في الفلسفة


متى يكون العنف مبررا ؟ ” وحقاً مشروعاً، المنظور الآن من اتجاه الفلاسفة، ونظرتهم للفكرة، وهذا المبدأ، حيث أنهم يرون أن العنف له مظاهر متعددة، ومختلفة، بداية من العنف بالطريقة الفيزيائية، ومنها الاغتيال والقتل، وكذلك هناك العنف النفسي، عن طريق العزل، والتعذيب، والعنف في مفهومه الاقتصادي بالاستغلال والحصار للدول أو للفئات الضعيفة، وهناك العنف السياسي أيضاً.


وقد أعرب الفلاسفة عن وجهة نظرهم في العنف، منهم مثلاً كارل ماركس، الذي رأى أن العنف الذي يوجه في المجتمع، قد يكون عنف ذو صفة طبقية كما كان في بعض الحقبات التاريخية السابقة، ويرى ماكس فيبر أن الجوهر الأساسي للعنف مرجعه للسلطة، وهي صاحبة الحق المشروع فيه، وهو ما تبين سابقاً في وجهة نظره عند طرح سؤال متى يكون العنف مبررا ؟ ” وحقاً مشروعاً، كما تبين.


لذلك يتسائل الفلاسفة والمفكرين في العصر الحديث، هل الدولة التي تقوم على ديموقراطي أم استبدادي، وبذلك يفرقون بين


هذا الحق للدول بحسب نظام الحكم فيها، إذا كان الحكم فيها ديموقراطي قائم على الانتخاب، والحياة السياسية وفصل السلطات، يكون العنف وقتها مبرر وشرعي، وعلى العكس من ذلك للدول الأخرى.


العنف المشروع عند جورج سويل


كان جورج سوريل أحد المفكرين الفرنسيين، الذين تناولوا إشكالية متى يكون العنف مبررا ؟ ” وحقاً مشروعاً، من وجهة نظرهم، وكان جورج سويل، من أصحاب الرأي الذين تبنوا نظرية حق ومشروعية السلطة الحاكمة أو الحاكم في استخدام العنف، باعتباره حق تنازل عنه المحكومين للحاكم، من أجل الحفاظ على الأقليم أو الدولة التي يعيشون بها.


إذن فإن حق العنف من منظور جورج سويل ، لم يتطرق إلا إلى مشروعية العنف، لمجرد وجود السلطة أو الحكم في يد من يحكن، بعكس النظرة الأكثر حداثة، والتي قامت بربط العنف الشرعي المبرر بطريقة الحكم، وأسلوبه، إذا كان ديموقراطي، أو استبدادي.


إذا كان قائم على انتخابات أم إنه احتكاري، إذا كان قائم على فصل السلطات، أم تتحكم فيه سلطة واحدة، وغير ذلك من تفاصيل نظام الحكم التي تحدد مدى مشروعية العنف المستخدم بشكل شرعي من قبل الدولة.