كيفية التجارة مع الله


ما هي كيفية التجارة مع الله


من المعلوم لدى الجميع أن التجارة قائمة على تقديم مجهود ما مقابل الحصول على ربح ما، ومعروف كذلك أن ربح التجارة هو الأكبر بين أغلب

المهن

لكن هل يمكن التجارة مع

الله

، وما هي كيفية التجارة مع الله، وهل يمكن لإنسان أن يتاجر مع ربه.


قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((كل الناس يغدو فبائعٌ نفسه فمعتقها، أو موبقها))؛ رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، ومعنى الحديث هو ما يشير إلى التجارة مع الله، فمن يبيع نفسه، قد يبيعها ويعتقها من عذاب النار، وقد يبيعها ليهلكها في النار كل بحسب بيعته.


إذن كيف يتاجر الإنسان مع الله، يتاجر مع الله بأن يقدم لله نفسه وماله في سبيل رضا الله، وهذا توضيح لكيفية التجارة مع الله بالنفس أو بالمال او بكل منهم:


  • أن يجاهد الإنسان في سبيل الله بنفسه في الدفاع عن دين الله لو حارب الكفار أو من اعتدى على ديار المسلمين.

  • أن يقدم روحه فداء لدين الله لو خيروه بين الإيمان والقتل، يختار الإيمان.

  • يتاجر الناس مع الله بإظهار الحق، والمجاهرة به.

  • ينفق ماله في سبيل الله.

  • يتصدق بماله.

  • قراءة

    القرآن الكريم

    ، والمواظبة عليه.

  • إقامة الصلاة.


كما يمكن بيان كيفية التجارة مع الله عن طريق هذه الآيات  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ [الصف:10-13].


كما تبين من الآيات، فإن التجارة مع الله تكون بالإيمان بالله، والإيمان برسول الله، والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس، والربح يكون أن يغفر لهم ذنوبهم، وأن يدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار، وأن يسكنهم في مساكن طيبة، وأن يرزقهم السكن في جنات عدن، ويكتب لهم النصر القريب.


ويمكن تفصيل كيفية التجارة مع الله عن طريق القرآن الكريم على سبيل المثال فقد قال سبحانه وتعالى، [ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَتۡلُونَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ سِرࣰّا وَعَلَانِیَةࣰ یَرۡجُونَ تِجَـٰرَةࣰ لَّن تَبُورَ * لِیُوَفِّیَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَیَزِیدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۤۚ إِنَّهُۥ غَفُورࣱ شَكُورࣱ  ]، [فاطر 29 ، 30].


ليتبين من الآية أن تلاوة القرآن الكريم تجارة، ومنها حديث النبي عن كل حرف من القرآن الكريم بحسنة، عن عبدُالله بن مسعودٍ : أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَن قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألف لام ميم حرف، ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ[1].


ثم يأتي كذلك ذكر إقامة الصلاة، ومن بعدها الإنفاق سرا، وعلانية وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنَّ اللهَ يقبلُ الصدقةَ ويأخذها بيمينِهِ فيُرَبِّيها لأحدكم كما يُرَبِّي أحدكم مهرَهُ حتى إنَّ اللقمةَ لتصيرُ مثلَ أُحُدٍ وتصديقُ ذلك في كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ { أَلَمْ يَعْلَمُوْا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ } و{ يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ }.


ومن ذلك تتضح كيفية التجارة مع الله، حيث تكون بالمال، وبالنفس، في صوره المتعددة السالفة الذكر، لتكون تلك تجارة رابحة، يربي فيها الله للناس صدقاتهم وحسناتهم وتتضاعف، كما تضاعف الأموال بالعمل والتجارة. [1]


قصص في التجارة مع الله


كثير من الناس تتاجر مع الله، عن طريق الأعمال الصالحة سابقة الذكر، ويرجو رضاه وغفرانه، وكثيرة هي

قصص

الناس التي بها تجارة مع الله.


لكن من

أهم القصص التي فيها تجارة مع الله

، وعلم الناس بما ربح المتاجر كانت من قصص الصحابة حيث نبأنا النبي صلى الله عليه وسلم، بما فازوا به، ومن ذلك

قصة

ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه.


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جهز جيش العسرة فله

الجنة

)، وجهز عثمان ، بثلاثمائة بعير، وألف دينار، فقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (ما ضرَّ عثمان ما عمل بعد اليوم) رواه الترمذي.


وروى أحمد وابن حبان والحاكم- وصححه الحاكم ووافقه الذهبي عن أنس بن مالك : أن رجلا قال يا رسول الله إن لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها فأمره أن يعطيني أقيم حائطي بها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أعطها إياه بنخلة في الجنة فأبى فأتاه أبو الدحداح فقال بعني نخلك بحائطي قال ففعل.


قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني قد ابتعت النخلة بحائطي فجعلها له فقال النبي صلى الله عليه وسلم كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة مرارا فأتى امرأته فقال يا أم الدحداح اخرجي من الحائط فإني بعته بنخلة في الجنة فقالت قد ربحت البيع أو كلمة نحوها، وهنا فقد اشترى أبا الدحداح نخلة في الجنة وباع مقابلها بستانه.


خطبة التجارة مع الله


بسم الله والحمد لله اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، عباد الله إن حديثنا اليوم عن كيفية التجارة مع الله، هل يمكن أن يتاجر الإنسان البسيط مع ربه، ويربح التجارة، وكيفية التجارة، وربحها، إن ربح التجارة مع الله ليس مال في الدنيا فقط، وليس بركة، فقط، وإنما التجارة مع الله، من ثمارها، الأغلى والأهم والأثمن الجنة.


وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه حين يذكُرني.


إن ذكَرَني في نفسِه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكَرني في مَلأ، ذكرتُه في ملأ هم خيرٌ منهم، وإن تقرَّب منِّي شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا، وإن تقرَّب إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ منه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيتُه هَرْولةً»، وفي روايةٍ بهذا الإسنادِ، ولم يَذكُر: «وإن تقرَّب إليَّ ذراعًا، تقرَّبتُ منه باعًا» (رواه مسلم).


هنا تتبين بوضوح كيفية التجارة فليس المردود عاديا، بل هو أمر عظيم، فمن يذكر الله في نفسه الضعيفة الفقيرة، يذكره الله في نفسه العظيمة، ومن يذكر الله في ملأ من الناس، يذكره الله في ملأ هو خير من ملأه.


وإن حاول أن يتقرب إلى الله، وتقرب شبر تقرب له الله ذراع، وهكذا يكون كل عمل ابن

آدم

بفقره ووضاعته، بمردود عظيم من عند المولى سبحانه وتعالى، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. [2]


شروط التجارة الرابحة مع الله


لابد من شروط للتجارة مع الله حتى تكون تلك التجارة رابحة، ومن هذه الشروط ما يلي:


  • بالنسبة للأعمال بالقلب والجوارح أن تكون فيها النية خالصة لله وحده، لا رياء فيها ولا سمعة.

  • بالنسبة للأعمال المادية أن تكون من مال طاهر، لأن الله لا يقبل سوى المال الطاهر.

  • أن يرجو بها رضا الله وعفوه.

  • اليقين بالله، وبصدق ما وعد.