علامات قرب الفرج بعد الشدة

حال الدنيا.. تقلب بين عسر ويسر

جعل

الله

عز وجل بعد الشدة

الفرج

، ومن الضيق السعة، ولم يترك محنة إلا وجعل فيها منحة، وكل النكبات التي تحدث بالإنسان، يكون من وراءها عطاء، او رفع درجات في الآخرة، او تكفير عن ذنوب الدنيا

وحال الدنيا يتقلب بين خير وشر، وبين

ايام

الرخاء وايام الشدة، ويجب على المؤمن في ايام الرخاء ان يشكر الله على نعمه، وفي ايام البلاء ان يصبر، لأن الله سوف يكشف مصيبته برحمته، والمؤمن الحق هو من استطاع الشكر على النعم والصبر على المحن.

وإذا علم الله عز وجل ان المؤمن قد سلم امره لله، وانقطع الامل لديه في الدنيا إلى من عند الله عز وجل، لم يترك الله المؤمن لسعيه، إنما يشمله بعنايته، حتى تنتهي المحنة، ويتفرج هم المكروب، وتقضى حاجته.

الايات القرآنية التي تدل على قرب الفرج بعد الشدة

قال تعالى (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8))

هذه السورة القرآنية كلها تذكير بان الله عز وجل يشرح صدر المؤمن ويفك كربته، وبشارة من الله عز وجل بان اليسر مؤكد في حال لجأ المؤمن بصدق نية إلى الله واخلص في إيمانه.

وقال تعالى: سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا، سورة

الطلاق

، وهذه الآية هي ايضًا بشارة للناس الذين اشتد بهم العسر، بأن الله سوف يزيل الشدة ويرفعها عنهم، وفي قوله تعالى  وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا. سورة الطلاق دليل ايضًا على ان الله لن يترك المؤمن الصادق الذي فوض امره لله، واخلص في طاعته.

وقال تعالى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) سورة البقرة، وفي هذه الآية دليل قاطع على ان المؤمن لا يجب ان يفقد الأمل في اشد الظروف، وحتى في ظروف الموت التي لا يساويها اي شيء في الشدة، فإن الله تعالى اعلمنا بأن الإنسان لا يجب ان يستبعد الفرج من الله، لأن الله قادر على يفك الكرب كما أحيا القرية وأهلها.

والواجب على المسلم ان يلجأ إلى الله وحده في فك الكرب لأنه وحده القادر على كل شيء، قال تعالى  قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُۥ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَىٰنَا مِنْ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّٰكِرِينَ سورة يونس. [1]

لم يبتلي الله المسلم

الإنسان كثيرًا ما ينغمس بمتاع الدنيا الزائل ويعرض عن طريق الحق، فيقع في اللذة الحرام وينسى ذكر الله ولا يراجع نفسه للحظة، وببعد ذلك، تأتيه الشدة والألم، كمرض أو فقدان المال او فقدان الأولاد، عندها تهزة الشدة، ويدرك ان هذه الدنيا ما هي إلا متاع زائل ويصحو على نفسه فيبدأ بالتوبة إلى الله والدعاء والانكسار موقنًا بأن الله عز وجل هو وحده القادر على رفع الشدة.

وإن الرحمة الإلهية لا تنقص او تتحول عن الاشخاص عندما يحل بهم البلاء او المرض، او ينزل الهم والمصائب أو يفتقر الغني، إنما يدرك الله عز وجل ما يناسب عبده في هذه اللحظة، ويعطيه من الحلول والعلاجات ما يلزم لحل المشكلة التي وقعت عليه. [3]

علامات اقتراب الفرج بعد حدوث الشدة


  • الاتعاظ بالسابقين

    : يجب على المؤمن ان يطلع على


    نماذج في الفرج بعد الشدة


    ، ومن اشهر هذه النماذج

    الانبياء

    الكرام، فيدرك حينها أن كل الانبياء قد ابتلوا، وقد ذكر الله تعالى العديد من الشدائد والمحن التي مرت عليهم واعقبها فرج من الله ونصر.

  • القرب من الله عز وجل

    : التقرب من الله عز وجل واللجوء إليه وحده هو من سيرفع الشدة عن المؤمن، وفي حال لزم المؤمن الدعاء وقراءة القرآن فرج الله همه، لأن الله عز وجل قد حكم في هذه الآيات، وقوله هو الحق ووعده لا يخلف، قال تعالى (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)) سورة الانبياء

  • الدعاء والطلب من الله

    : كلما طال حزن المؤمن، واستمر استغفاره ودعاؤه، رحم الله تذلله، وتاب عليه ونجاه من القم، ونقله من الضيق والكرب إلى السعة والرحب، لذلك فإن من علامات الفرج هي التذلل والدعاء إلى الله الذي يزيل النقم ويجدد النعم للمؤمن الصابر. [1]

  • ترك الذنوب

    : من علامات قرب الفرج هي ترك الذنوب كي يستجب الله الدعاء ويرفع البلاء عن المؤمن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد (أطب طعامك تستجب دعوتك)

  • فعل الطاعات

    : من علامات اقتراب الفرج تقرب المؤمن إلى الله بالاعمال الصالحة، والسجود لله عز وجل حيث يكون المؤمن باقرب ما يكون من الله، وترك الصفات المذمومة والتخلص بالصفات الحميدة، حتى يستر الله الزلات، ويفيض بالخير على المقبل عليه. [2]

حكمة الله من الابتلاء


  • الابتلاء

    ما هو إلا إقامة حجة عادلة على العبد ليعلم العبد ان لله الحجة البالغة، فما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع الله الذنب إلا بتوبة، وقد وضع الله الابتلاءات والمصائب ليطهر الناس من ذنوبهم حتى وإن كرهناها، ولا يدرك العبد ايهما افضل المحنة او النعيم الذي كان يعيش يه وهو ناسي ذكر الله، فلعل المحنة وسيلة لتقربه من الله عز وجل.
  • الابتلاء وسيلة كي ينزع العبد عن نفسه رداء الكبر، ويلبس رداء الذل والافتقار لله عز وجل، ولو دام الاستعلاء في قلبه، فإن سخط الله سوف يحل به وعندها سيكون هلاكه.

  • التوبة

    لله عز وجل ترفع من مقام المؤمن، وتوجب له محبة الله وشكر الله عز وجل وحده على رفع البلاء، وهذا الأمر يقرب العبد من ربه، وإذا قبل الله عز وجل توبة المسلم، هداه العديد من النعم التي قد لا يدركها المسلم، ويتقلب فيها دون ان يشعر بها، لكن الله عز وجل هو المنعم وإليه يعود الفضل.
  • الهم والمصائب من اشد الوسائل كي يعود المسلم إلى ربه، فيكتشف المعاصي التي ارتكبها، ويفر إلى الله عز وجل ويصلح ذنوبه ويتوب عنها. [3]