كيف سقطت الدولة العباسية على يد هولاكو

سقطت الدولة العباسية على يد هولاكو سنة 656 هـ.


سقطت الدولة العباسية على يد هولاكو الأخ الأصغر لحاكم المغول (منكوقآن بن تولوي بن جنكيز خان) في يوم الأحد الموافق (4 من صفر 656 هـ، 10 فبراير 1258م)

بعد أن قام الخليفة بالاستسلام لحصار هولاكو بعد أن باءت جهوده في التوصل لحل سلمي بالفشل، وسلَّم الخليفة بغداد (عاصمة الخلافة) إلى هولاكو بعد أن وعده بالأمان فخرج مع أهله وولده، وثلاثة آلاف شخص من أعيان بغداد وعلمائها، وأمر هولاكو بوضعهم في مكان خاص، وبناءًا على طلب هولاكو أرسل الخليفة رسولًا ليدعو الناس للخروج من المدينة لإحصائهم وأن يقوموا بإلقاء أسلحتهم، وما إن خرج الناس من الأسوار حتى انقض عليهم المغول وقتلوهم جميعًا.

استمر فتك الغزاة الهمج ببغداد وأهلها نحو أربعين يومًا، لم يُفرقوا بين رجال ونساء وأطفال، لم يسلم أحد من القتل على أيديهم، قاموا بتخريب المساجد ليسرقوا الذهب من القباب، سرقوا القصور وهدموها، وقاموا بإتلاف العديد من الكتب القيمة، وقتلوا رجال العلم، وكانوا كلما مشَّطوا منطقة أشعلوا النيران بها، فالتهمت النيران كل ما في طريقها بما في ذلك جامع الخليفة، ومشهد الإمام موسى الكاظم وغيرها من البنايات العريقة التي كانت تعج بالفن الإسلامي، وقدَّر المؤرخون عدد ضحايا الغزو المغولي بمليون وثمانمائة ألف نسمة، والبعض قدّر الضحايا بمليون نسمة.

دخل هولاكو بغداد في اليوم التاسع من صفر ومعه حاشيته، ويصحبهم الخليفة العباسي، وقد ختم هولاكو أعماله في بغداد بالاستيلاء على قصر الخلافة وعلى مافيه من أموال وكنوز، وقتل الخليفة (المستعصم بالله) وولده الأكبر وخمسة من رجاله المخلصين الذين رفضوا التخلي عنه في محنته، انتهت الخلافة العباسية التي حكمت العالم لمدة خمسة قرون من قلب عاصمة الخلافة (بغداد، زهرة المدائن، ومدينة النور) بقتل الخليفة العباسي في (14 من صفر 656 هـ، 20 من فبراير 1258)، وقد أحيا الخلافة العباسية من جديد الظاهر بيبرس في القاهرة بمصر.[1]

أوامر هولاكو بعد استسلام الخليفة العباسي

  • أمر هولاكو الخليفة أن يأمر أهل بغداد بإلقاء الأسلحة وأن يمتنعوا عن المقاومة، وقد كان أغلب أهل المدينة لا يستطيعون حمل السلاح، فكان له ما طلب بسهولة.
  • أمر هولاكو بتقييد الخليفة العباسي واصطحابه إلى قصره  ليدل التتار على الكنوز من ذهب وفضة وتحف ثمينة في قصره، وفي بين المال.
  • أمر القائد المغولي الهمجي بقتل أبناء الخليفة العباسي أمام عينيه قبل قتله، فقاموا بقتل ولده الأكبر (أحمد أبو العباس)، والأوسط (عبدالرحمن أبو الفضائل)، وأسروا ولده الثالث (مبارك أبو المناقب)، وأسروا أخوات الخليفة الثلاثة : (فاطمة، وخديجة، ومريم).
  • قام ابن العلقمي (الوزير الخائن) بذكر أسماء بعض رجال العلم الذين يكرههم بشدة، ودل هولاكو عليهم، فأمر هولاكو باستدعائهم، فكانوا يأتون بالعالم ونسائه وأولاده لمكان معيَّن بجوار المقابر، ويذبحون العالم كما تُذبح الشاه، وتؤخذ النساء، والأطفال إما للسبي، أو للقتل.

ذُبح أستاذ دار الخلافة الشيخ محيي الدين يوسف بن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي (العالم الإسلامي المعروف)، وذُبح معه أولاده الثلاثة : (عبد الله، وعبد الرحمن، وعبد الكريم)، وذُبح المجاهد (مجاهد الدين أيبك)، وزميله (سليمان شاه)، وهما الاثنان اللذان قادا الدعوة إلى الجهاد في بغداد، وذُبح شيخ الشيوخ ومؤدب الخليفة ومربيه (صدر الدين علي بن النيار)، ثم ذُبح بعد هؤلاء خطباء المساجد، والأئمة، وحملة القرآن، وقد ذُبح الجميع أمام الخليفة، فكم من الألم والخوف قد ألَّم به حينئدٍ.[2]

كيف سقطت الدولة العباسية


سقطت الدولة العباسية


بسبب

ضعف الحاكم، وخيانة الوزير مؤيد الدين العلقمي، وحصار هولاكو، وضعف الجيش

.

توفي جنكيز خان سنة (624هـ ، 1223م) بعد أن سيطر المغول بقيادته على بكين (عاصمة الصين)، والدول الخوارزمية (بخاري، وسمرقند، ونيسابور)، فقد فرض النغول سيطرتهم على المنطقة الشرقية من العالم الإسلامي، وقاموا بتدمير معالمها الحضارية، وقتل أهلها، وبعده تولى الحكم منكوقآن بن تولوي بن جنكيز خان ونجح في إدارة البلاد، وبدأ في الغزو والتوسُّع، فقام بإرسال إخوته للغزو، قوبيلاي الأخ الأوسط إلى جنوب الصين وشرق آسيا، وهولاكو (الأخ الأصغر) إلى إيران وماتبقى من العالم الإسلام، فقد وكَّل إليه القضاء على الطائفة الإسماعيلية، والقضاء على الخلافة العباسية.

خرج هولاكو إلى الغزو ومعه جيش يبلغ 120 ألف جندي مدرَّب على القتال، وانطلق من قراقورم (عاصمة المغول) متجهًا نحو الغرب مع جيشه المسلَّح صاحب السمعة المخيفة، وعندما وصل إلى إيران خرج الأمراء لاستقباله، وخضعوا له وقدموا فروض الولاء والطاعة وقدموا الهدايا، ثم عبر نهر (جيحوم) متجهًا للقضاء على الطائفة الإسماعيلية، وبعد معاك دارت بينهما هُزم زعيم الطائفة الإسماعيلية (ركن الدين خورشاه)، وقد كان القضاء على هذه الطائفة من أفضل ما قام به المغول رغم وحشيتهم، إلا أن الطائفة الإسماعيلية أشاعت المفاسد والإنحراف، وبثت الرعب في النفوس، وكان يخشاها الملوك والسلاطين.

انتقل المغول إلى همدان بعد نجاحهم في القضاء على الطائفة الإسماعيلية، وقام هولاكوا بمراسلة الخليفة العباسي يدعوه إلى هدم الحصون والأسوار، وردم الخنادق، والاستسلام، وإلا لن يدع في بغداد إنسانًا حيًا، فرد الخليفة بالرفض ودعى هولاكو أن يعود إلى بلاده ويكف عن غروره، فأرسل هولاكو له من جديد يعرض عليه أن يبقيه في منصبه إن استسلم وقدَّم الجزية، فرد الخليفة بأن ذلك لا يجوز شرعًا، وأبدى استعداده لدفع ما يطلبه المغول من أجل أن يعودوا من حيث أتوا، واستمرت الرسائل، ولكن الخليفة رفض الاستسلام.[1]

الحصار وسقوط بغداد

حاصر هولاكو المدينة الحصينة وبدأ في قصفها بالقذائف النارية والحجرية، يقول ابن كثير : (وأحاطت التتار بدار الخلافة يرشقونها بالنبال من كل جانب، حتى أصيبت جارية كانت تلعب بين يدي الخليفة وتضحكه، وكانت من جملة خطاياه، وكانت تسمى عرفة، جاءها سهم من بعض الشبابيك فقتلها وهي ترقص بين يدي الخليفة فانزعج الخليفة من ذلك، وفزع فزعًا شديدًا، وأحضر السهم الذي أصابها بين يديه، فإذا عليه مكتوب : (إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره، أذهب من ذوي العقول عقولهم)، فأمر الخليفة عند ذلك بزيادة الاحتراز، وكثرت الستائر على دار الخلافة)، ولم يُعلِّق ابن كثير على هذه الواقعة، فهي واضحة، وخير دليل على عدم رجاحة عقل الحاكم أن لو يتزود بالحرس، بل أمر بالمزيد من الستائر لحجب الرؤية حتى تستطيع الراقصات أن ترقصن في أمان.

استمر القصف أربعة أيام في اليوم الرابع بدأت الأسوار الشرقية تنهار، واشتبك جيش المغول بالجيش العباسي بقيادة (مجاهد الدين أيبك)، وهُزم العباسيين لقلة خبرة الجيش في الحروب وفر القائد هاربًأ، وعلم حينها هولاكو أن الخصم لا يملك جيشًا، ولايستطيع الدفاع عن نفسه فتمكّن من العاصمة، أشار الصديق الخائن (مؤيد الدين العلقمي) على صديقه الخليفة أن يخرج للمفاوضات، فخرج ذليلًا لخيمة هولاكو وراء الأسوار الشرقية لبغداد ومعه وفدًا كبيرًا يضم سبعمائة من أكبر بغداد أدخلوا منهم سبعة عشر فقط وأخذوا الباقين للتفتيش ولكنهم قتلوهم جميعًا، وقد كان قدومهم بناءًا على طلب هولاكو، حيث أنه طلب حضور كبار رجال الدولة، والفقهاء، وحكماء المدينة، وعلماء الإسلام، والأمراء، والأعيان، فتخلَّص هولاكو منهم جميعًا دون عناء، وبدأ في فرض شروطه، واقتحم رجاله بغداد يعيثون فيها فسادًا.

اكتشف الخليفة أنه المغول ليس لهم عهد، ولكن اكتشافه جاء متأخرًا، وشاهد مدينته تُحرق، وأولاده يقتَّلوا، ونساءه تُسبى، وقصره يُنهب، وقد قال تعالى فيمن على شكالتهم : (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً).[1][2]