لا جديد الصبا ولا ريعانه – الشاعر البحتري

لا جَديدُ الصِّبَا، وَلاَ رَيَعَانُهْ
رَاجعٌ بَعدَمَا تَقَضى زَمَانُهْ
يأشَرُ الفَارِغُ الخَليُّ، ويَأسَى
مُترَعُ الصّدْرِ مِنْ جَوًى مَلآنُهْ
قاتِلي سرُّ ذا الهَوَى إنْ تجََنّيْـ
ـتُ عَلَيْهِ، أَمْ فاضِحي إعْلاَنُهْ
أتَخَشّى زِيَالَ عَلْوَةَ، بَلْ هجـ
ـرَانَهَا، والمُحبُّ خاشٍ جَنَانُهْ
يَذهبُ البرْقُ، حيثُ شَاءَ، بلُبّي،
إنْ بَدا البَرْقُ، أوْ بَدَا لَمَعَانُهْ
وَلَقَدْ أذْكَرَتْكَ رَوْحَةُ رِيحٍ
ألّفَتْ عَارِضاً، يُرِفّ عِنَانُهْ
حَنّ فيها أثْلُ الغُوَيرِ، فأشجَى
مُغرَماتِ القُلُوبِ، واهتَزّ بانُهْ
لَيْلَتي في هَماِنيَاءَ جَديرٌ
صُبْحُها أنْ يَشُوقَني عِرْفَانُهْ
وَلِيَتْني الشَّمُولُ فِيها دِرَاكاً،
بيَدَيْ مُرهَفٍ، خَضِيبٍ بَنَانُهْ
بَاتَ يَثْني بَلَوْنِها لَوْنَ خَدٍّ
مُشبِهٍ أُرْجُوَانَهَا أُرْجُوَانُهْ
وَلَقَدْ خِفْتُ، أوْ تَوَهّمْتُ ظَنّاً
بأبي الفَتْحِ أنْ يَطُولَ زَمَانُهْ
وإذا صَحّتِ الرّوِيّةُ يَوْماً،
فَسَوَاءٌ ظَنٌّ امرِىءٍ وَعِيَانُهْ
إنْ تُغَطّي عنكَ الأصَادقَ تُبدي
شِدّةُ الدّهرِ عَنْهُمُ، وَلِيَانُهْ
يُعرَفُ السّيفُ بالضّرِيبَةِ يَلْقَا
ها، وَيُنبي عن الصّديقِ امتِحَانُهْ
وإذا ما أرَابَ دَهْرٌ، فَمَنْ أعْـ
ـدَاءِ شَاجٍ يُرِيبُهُ إخْوَانُهْ؟
فالْهُ عَنْ نَبوَةِ الأخِلاّءِ، إذْ كا
نَ عَتيداً في كلّ عُودٍ دُخانُهْ
حَفِظَ الله حَيثُ أصْبَحَ عبدُ الله
أوْ حَيْثُ أصْبَحَتْ أوْطَانُهْ
مَذْحِجيُّ النجارِ والبَيْتِ لمْ يَقْـ
ـعُدْ به، يَومَ سُؤدَدٍ، نَجْرَانُهْ
غِبْتُ عَنه، فَغَابَ عَنِِّي سرورِي،
إنّما يَجْمَعُ السّرورَ مُعَانُهْ
نِيّةٌ عُقّبَتْ بحِرْمَانِ حَظٍ،
رُبّ نأيٍ يَنْأى بِهِ حِرْمَانُهْ
سَعِدَ الشّاهِدُ المُقيمُ وَمِنْ أسْـ
ـعَدِ قَوْمٍ بِوَابِلٍ جِيرَانُهْ
زَوْرَةٌ قُيّضَتْ لإيوَانِ كِسْرَى،
لَمْ يُرِدْها كِسْرَى، ولاَ إيوَانُهْ
يَطّبي أبْيَضُ المَدائِنِ شَوْقي،
أفَلاَ المَذْحَجِيُّ، أوْ غُمْدانُهْ
أجدَرُ النّاسِ بامتِنَانٍ وأحْرَى الـ
ـنّاسِ طُرّاً أَلاَّ يُمَنّ امتِنَانُهْ
غُمّ عَنا أينُ السّماحِ وأضْلَلْـ
ـنَا مَكَانَ المَعرُوفِ لوْلا مكانُهْ
إنْ يَقُلْ وَاعِداً تُوَافِ إلى النُّجْـ
ـحِ يَداهُ في صَفقَةِ، وَلِسَانُهْ
ضامِنٌ للّذي يُرَادُ لَدَيْهِ،
قَلِقُ الفِكْرِ، أوْ يَصِحَّ ضَمَانُهْ
خُلُقٌ طَيّعٌ، إذا رِيضَ للجُو
دِ انثَنى عِطفُهُ، ولاَنَ عِنَانُهْ
كُلّما جاءَتِ اللّيالي بإحْسَا
نٍ، فَبادي إحْسَانِهْ
جُمَلٌ من لُهًى يُشكِّكنَ في القَوْ
مِ: أهُمْ مُجْتَدُوه أمْ خُزّانُهْ
ليسَ يُخْشَى منهُ التّفَنّنُ في الرّأ
يِ، ولاَ يُسْتَقَلّ فيهِ افْتِنانُهْ
يَنتَهي الحارِثُ بنُ كَعْبِ بنِ عمرٍو
بعُلاها حَيث انتَهَى بُنْيَانُهْ
إنْ تَقُلْ في حَديثِهَا، فهُوَ الفَرْ
عُ سَمَا، في أرُومِهَا، فَيْنَانُهْ
أوْ تَسَلْ عَنْ قَديمِها، فَزَعيما
سَلَفَيْهَا يَزِيدُهُ وَقِنَانُهْ