التداعيات الصحية للهجوم بالأسلحة الكيماوية وسيناريوهات الرعب

كثر الحديث في الفترة الاخيرة عن الاسلحة الكيماوية، ومن منطلق كون ويب طب، موقعا يهدف الى التوعية والارشاد الصحيين، وبغض النظر عن الظروف السياسية التي تحيط بالمنطقة، رأينا من واجبنا ان نتطرق الى هذا الموضوع من باب التثقيف العام فقط.

التداعيات الصحية للهجوم بالأسلحة الكيماوية وسيناريوهات الرعب

تعتبر الأسلحة التي تعتمد على الكيماويات من أكثر الأساليب فتكا بالبشرية وأكثرها فظاعة ومن أكثرها سهولة في التصنيع والحيازة، حيث تعتمد هذه الأسلحة على مواد كيميائية متوفرة، كما تعتبر مكوناتها جزء من الدورات الصناعية العادية كما تعتمد على المخلفات الصناعية المنتشرة في كل مكان.

إليكم هذا الإستعراض الشامل لأهم السموم الكيميائية وأكثرها فتكا، أعراض الإصابة بها، علاجها، وتوخي الحذر منها ومن أشهرها غاز الخردل، السارين غاز الاعصاب والتابون!

 
يتم تصنيع الأسلحة السامة من مواد متوفرة ومتاحة في عمليات صناعية مختلفة. أكثر المواد الخطرة المستخدمة في الأسلحة السامة، شيوعا هي المهيجات، المواد الخانقة والغازات الصناعية القابلة للاشتعال، ملوثات إمدادات المياه، المؤكسدات ، الغازات والسوائل الحارقة، المركبات الصناعية ومبيدات الآفات العضوية الفوسفاتية.
كما تستخدم أشكالا مختلفة من المخلفات السامة كمجمعات نفايات النفط، الدخان، القمامة والصرف الصحي والمخلفات الطبية في أعمال الحرب السامة. وقد شهدت السنوات الأخيرة استخدام اساليب الحرب السامة بأحيان متقاربة.

طرق الإستهداف:
الإصابة الجلدية أو الإستنشاق أو إصابة العين هي طرق ممكنة للإصابة. قد تنتشر الكيماويات أيضا عن طريق مرشات تجارية زراعية، مبيدات المحاصيل، وكذلك عن طريق الرش بواسطة الطائرات والسفن. وذخائر القنابل ورؤوس الصواريخ البالستية، ويمكن أيضا عن طريق تلويث المياه والطعام. وهنالك الطريقة البسيطة جدا، وهي فتح حاوية مليئة بمادة ضارة على منطقة مزدحمة كمحطات القطار في المدن مثلا.
 
الأعراض: 
تتراوح أعراض الأسلحة الكيماوية بين الحروق أو تقرحات الجلد أو العيون، السعال، الأمراض الصدرية، الدوخة، الغثيان والنعاس والصداع والتشنجات، إضافة إلى التغوط والتبول اللا – إرادي والوخز والبثور وتقبض الحدقة والذي هو عبارة عن الانقباض المفرط لبؤبؤ العين. 
 
تشمل العلامات التي تشير للإصابة الكيماوية: تعدد حالات موت الحشرات والحيوانات في المنطقة، الإصابات البشرية الجماعية مباشرة بعد حدوث هجوم، تشكل طبقات دهنية أو فيلمية على المسطحات، ذبول الأشجار وتغير لونها وكذلك المحاصل الزراعية والنباتات المختلفة، وانتشار روائح لا تفسير لها  كروائح الفواكة والزهور وحتى روائح الثوم الحادة واللاذعة. 
 
حتى في تراكيز منخفضة جدا قد يكون السارين فتاكا:
قد يحدث الموت خلال دقيقة بعد ابتلاع وجبة سامة من السارين في حال لم تتم المعالجة السريعة بالترياق وعادة الأتروبين و البراليدوكسيم. يستخدم الأتروبين لمعالجة المضاعفات الفيزيولوجية للتسمم بينما يعالج البراليدوكسيم المضاعفات العضلية في حال تم استخدامه خلال ما يقارب الخمس ساعات. تم كذلك اقتراح عقار Biperiden كبديل عن الأتروبين كونه يخترق حاجز الدم في الدماغ بشكل أفضل وكذلك بفضل أثره الأكبر.
الأعراض الأولية بعد التعرض للسارين هي سيلان الأنف، الضغط على الصدر وانقباض البؤبؤ. وبعدها بقليل يصاب الشخص بصعوبات بالتنفس ثم الغثيان والترويل. يستمر الشخص بعدها بفقدان السيطرة على الوظائف الجسدية، وكذلك بالتقيؤ، التبول والتغوط. المرحلة التالية تتمثل بالوخز والارتجاج. في نهاية المطاف يصاب المستهدف بغيبوبة ويختنق من وقع التشنجات.

تشمل أعراض التعرض للتابون:
العصبية\ الضيق، انقباض بؤبؤ العين، سيلان الأنف، اللعاب الزائد، ضيق التنفس، التعرق، بطء ضربات القلب، فقدان الوعي، التشنجات والشلل الرخو، فقدان السيطرة على المثانة والأمعاء، توقف التنفس وبثور الرئة. يعتبر التابون ساما حتى بجرعات ضئيلة. فعدد وحدة الأعراض تتباين وفق كمية المادة المستوعبة في الجسم وسرعة امتصاصها. الجرعات القليلة التي تتناول بواسطة الجلد قد تسبب تعرقا موضعيا وقشعريرة يرافقها تضييق ملحوظ للبؤبؤ والقليل من الآثار الأخرى.  يحمل التابون نصف سمية السارين في حال الاستنشاق، ولكن في تركيزات صغيرة يهيج العيون أكثر من السارين. كما يتحلل التابون ببطء، بحيث أنه قد يؤدي التعرض المتكرر له لتراكمه في الجسم. 
عند امتصاص التابون عبر الجلد تظهر أثاره بشكل أبطأ من عند استنشاقه. قد يمتص المصاب جرعة قاتلة بسرعة ومع ذلك قد يتأجل الموت بساعة أو ساعتين. قد تطلق ملابس المصاب السم الكيميائي لغاية 30 دقيقة بعد التعرض للسم. تسبب الجرعة المستنشقة من التابون الموت خلال دقيقة إلى 10 دقائق ، بينما قد يسبب الشكل السائل منها، الداخل عبر العيون، الموت بشكل أسرع. مع ذلك قد يشفى الأشخاص الذين يتعرضون لجرعات مخففة من التابون، بشكل تام في حال تم علاجهم مباشرة بعد التعرض للمادة. 
غالبا ما يكون العلاج لاحتمال التسمم بالتابون عبارة عن ثلاث حقن من الترياق العصبي كالأتروبين، ويعمل كلوريد البراليدوكسيم (2-PAM Cl) كترياق، ومع ذلك ولكي يكون مؤثرا يجب استخدامه خلال دقائق ولغاية ساعات قليلة من بعد الإصابة.
 
VX غاز الاعصاب:
الاهتمام الرئيسي يجب ان يكون بإزالة الشكل السائل منه عن الجلد قبل إخلاء الشخص لمنطقة غير مصابة. بعد الإخلاء  يجب الحرص على إزالة الإصابة من خلال غسل المناطق المصابة بالمبيضات المنزلية وشطف المنطقة بالمياه النظيفة. بعد إزالة الإصابة يتم إزالة الملابس المصابة وغسل الجلد. من المفضل إزالة الإصابة قبل إخلاء المصاب لعلاج طبي إضافي.  
في حال تعرض الشخص لغاز أعصاب معروف أو طور أعراضا تشخص تعرضه لمركب أعصاب عليه تلقي حقن ترياق الأعصاب أتروبين، إضافة إلى البراليدوكسيم (2-PAM) وعقار مهدئ\مضاد للصرع كالديازيبام.  
 
لغاز الخردل تأثيرات قوية على ضحاياه:
كما أنه مسرطن ويسبب الطفرات بسبب خواصه القاعدية. كما أنه مذيب جيد للدهون وبسبب أن الأشخاص الذين يتعرضون لغاز الخردل نادرا ما يعانون من أعراض فورية، كما أن المناطق المصابة بغاز الخردل قد تظهر طبيعية تماما، فإن الضحايا ومن دون علمهم قد يتلقون جرعات كبيرة.
خلال 24 ساعة من التعرض لعامل الخردل، يشعر المصابون بحكة شديدة وتهيج بالجلد، يتحول بالتدريج لتقرحات كبيرة ممتلئة بسائل أصفر وذلك في كل مكان من الجلد كان قد أصيب بمادة الخردل. تسمى هذه بالحروقات الكيماوية وهي منهكة جدا. تخترق أبخرة غاز الخردل الأقمشة كالصوف والقطن بسهولة، وبذلك لا يحترق جلد المصاب الذي تعرض للمادة فقط.
 
في حال تعرضت العيون للخردل، تصبح متقرحة وتصاب بالتهاب الملتحمة، وبعدها تصاب الجفون بالإنتفاخ مما يسبب العمى المؤقت. قد تحدث أيضا انقباضات في بؤبؤ العين كما يبدو نتيجة للأثر الكولينوميمتيك للخردل. في حالات استنشاق الكميات الكبيرة يؤدي عامل الخردل إلى النزيف والتقيح في الجهاز التنفسي إضافة إلى إتلاف الأغشية المخاطية والتسبب في وذمة رئوية. ووفق مستوى الإصابة قد تتباين حروق غاز الخردل بين الدرجة الأولى والثانية، كما يمكنها أن تكون خطيرة وتسبب التشوهات وتشكل خطرا على شكل حروقات من الدرجة الثالثة. قد تكون الحروقات الخطيرة للجلد (مثلا عندما يحترق أكثر من 50% من الجلد) قاتلة إلى حد بعيد، حيث تحدث الوفاة بعد أيام أو حتى أسابيع من الإصابة. إن التعرض الخفيف والمعتدل لغاز الخردل ليس من المحتمل ان يتسبب بالموت، ومع ذلك تتطلب الإصابات وقتا طويلا حتى الشفاء الكامل. معنى الأثار المسرطنة والطفراوية لعوامل الخردل أن الضحايا قد يشفون من حروق غاز الخردل ولكنهم يحملون خطورة زائدة لتطوير سرطان في حياتهم المستقبلية.
 
قد يتم تقليل تلف الجلد في حال استخدام يوديد البوفيدون (بيتادين) على قاعدة جليكوفيرول، على وجه السرعة، ولكن بما أنه لا أعراض فورية للخردل، فلا يتم اكتشاف التعرض قبل بدء تهيج الجلد، وهي مرحلة متأخرة جدا من أجل التدابير المضادة. يمكن معادلة الخواص الفعالة لغاز الخردل عن طريق الأكسدة أو الكلوروناتسيا، باستخدام المبيضات المنزلية (صوديوم هيبوكلوريد) او عن طريق الهجوم المحب للنواة كاستخدام محلول إزالة التلوث: “DS2”. بعد تعقيم إصابات الضحية، يتوجب القيام بالعلاج الطبي لكل حرق حتى لو كان عاديا. تشفى الحروق الناجمة عن غاز الخردل ببطء، وكما كل أشكال الحروقات هنالك خطورة لحدوث تعفن الدم من الملوثات مثل Staphylococcus aureus و- Pseudomonas aeruginosa.
 

 


من قبل
ويب طب –
الأربعاء 28 آب 2013


آخر تعديل –
الاثنين 9 تشرين الأول 2017


المرجع : webteb.com