من هم الذين يدخلون الجنة بغير حساب

الحساب والأعمال

اجتهد الفقهاء للإجابة على هذا التساؤل الهام وهو الطاعات ، أو الأعمال التي تدخل المسلم الجنة ، أو ربما يدخل المسلم الجنة بمشيئة رب العباد ، ورحمته التي وسعت كل شيء ، فهناك الكثير من الآيات القرآنية ، والأحاديث في السنة النبوية ، التي روت قصص السابقين ، وأكدت على أن دخول الجنة مرهون برحمة الله ، ومرهون بعمل الصالحات ، ولهذا السبب ، يتساءل دوماً المسلم عن الاعمال التي تدخل الجنة بعد الحساب ، أو تلك

الأعمال التي تدخل الجنة بغير حساب

.

وقد ميز القرآن الكريم البعض ، عن غيرهم بميزة دخول الجنة دون حساب ، وهو موضوع لوقي بالكثير من الجدل بين فقهاء الدين ، متسائلين ، من هؤلاء الذين سيدخلون الجنة بغير حساب ، وهو تساؤل يثير للعديد من الأسئلة ، مثل كيف يمكن للمسلم دخول الجنة دون أن يتم حسابه ، والحساب مرهون دائماً بالأعمال ، حيث يحاسب صاحب العمل الصالح على عمله ، ومن ثم يؤهله لدخول الجنة ، وهل يعني ذلك أنه لن يقوم بأعمال صالحة ، وسيكون مؤهل لدخول الجنة لأنه فقط من هذه الفئة ، ولهذا السبب ، وجب حتمية الاستناد إلى دليل قوي من الحديث و القرآن الكريم ، للإجابة على هذا التساؤل ، ولمعرفة من هم الفئات التي ميزها الله سبحانه وتعالى لدخول الجنة دون حساب.[1]


الفرق بين الحساب والعذاب

الحساب هو عرض المؤمن على ربه يوم القيامة ، وفي يده صحيفة أعماله ، فينصب الله له الميزان ، ويقيس سيئاته مقابل حسناته ، و من ثم يحدد الله أي الكفتين ترجح ، وعليه يكون جزاءه ، إما الجنة ، وإما النار ، والنار هنا هي العذاب ، وهناك عباد آخرون ، ينظر الله في صحيفة أعمالهم فينجيهم بالرحمة ، ولا يحاسبهم على سيئاتهم ، وهناك آخرون ينجيهم الله بالمغفرة فلا يآخذهم على فعلوه من ذنوب ، وهناك آخرون عملوا من الأعمال الصالحة ، ما جعلتهم يدخلون الجنة مباشرة دون عذاب أو حساب.

من يدخل الجنة بلا حساب بالدليل

عند التمعن في معنى الجنة دون حساب ، لابد وأن نقف على معنى الحساب نفسه ، فالحساب عند الله يوم القيامة يعتمد على ميزان العدل الذي يقيمه الله العدل ، والعادل ، فينظر في صحف العباد فيجد ذنوبهم ، وإذا حوسب العبد بميزان الله فلن يدخل الجنة ، ولهذا السبب ، هناك حالات للمسلم لدخول الجنة دون حساب ، وهي نابعة من الأدلة مثل الفئة التي كون من السبعون ألف ، والفئة التي يغفر الله لها ، والفئة التي يرحمها الله كالتالي :


الذين يدخلون الجنة بصفات الصبر

من هؤلاء الذين يدخلون الجنة بلا حساب أو سابقة عذاب ، هم الذين صبروا في الدنيا على المكاره ، والذين قال الله تعالى في كتابه الكريم في حقهم ” إنما يوفى الصابرون أجرهم بلا حساب ” ، وهم المؤمنون الذين يقومون من قبورهم يوم القيامة ، ليدخلوا من أبواب الجنة مباشرة ، لا يحاسبون ، ولا يساءلون عن أعمالهم ، ويكون قد ميزهم الله بعدد من الصفات ، و أهمها الصبر على البلاء ، وكثرة الحمد والشكر لله تعالى ، والإيمان بقدر الله خيره وشره.

والدليل الوارد على ذلك في كتب الفقهاء ، أنه إذا كان يوم القيامة نادى مناد : ليقم أهل الفضل ، فيقوم ناس من الناس ، فيقال انطلقوا إلى الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون إلى أين ، فيقولون إلى الجنة ، قالوا قبل الحساب ، قالوا نعم ، قالوا من أنتم ، قالوا أهل الفضل ، قالوا وما كان فضلكم ، قالوا كنا إذا جهل علينا حلمنا ، وإذا ظلمنا صبرنا ، وإذا أسيء علينا غفرنا ، قالوا ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين ، وهنا يتجلى من صفات الصابرين الذين يدخلون الجنة بلا حساب ، أو سابقة عذاب عدد من الصفات والخصال التي ميزهم الله بها عن سائر الخلق ، فتميزوا يوم الحشر العظيم ، واستبقوا الباقيين لدخول الجنة ، دون أن ينصب لهم ميزان ، أو تعرض صحائفهم ، وأعمالهم على الله تعالى.[2]

الذين يدخلون الجنة بصفات السبعون الف

أخبر عنهم النبي حين قال: ” عرضت علي الأمم ، فرأيت النبي ومعه الرهط ، والنبي ومعه الرجل والرجل ، والنبي وليس معه أحد ” حتى قال في آخره: أنه أبلغ أنه يدخل الجنة من أمته سبعون ألفاً بغير حساب ولا عذاب ، فسأله الصحابة عنهم فقال: ” هم الذين لا يسترقون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون “

وقد ميز الله فئة من المسلمين بعدد من الصفات ، التي إذا ما قام بها المؤمن ، فإنه يدخل الجنة دون حساب ، حيث يكون هؤلاء ممن وصفهم الحديث الشريف ، من المؤمنين الذين استقاموا على دين الله ، ويكونوا قد قاموا عدد من الأعمال الصالحة ، مثل أداء الفرائض ، وترك المعاصي ، و كانوا حريصين على عمل الخير ، و فوق هذه الأعمال الصالحة ، يكون السبعون ألف ، لهم خصال ثلاثة كالتالي:


لا يسترقون

هم الفئة التي وان احتاجوا للرقية الشرعية ، فإنهم لا يُفتنون بهؤلاء الذين يتربحون من وراء الرقية ، مدعين أنهم قادرين على الاسترقاء ، و إزالة السح ، أو العين ، و المس ، حيث يكون المؤمنون من أمة رسول الله المميزون عن سائر العباد بدخول الجنة ، يسترقون أنفسهم بالرقية التي أمر بها رسولنا الكريم ، دون اللجوء لأية أساليب أخرى ، مع صدق التوكل على الله ، واليقين به.


لا يكتوون ولا يتطيرون

ميزهم الله بأنهم لا يكتوون ، بمعنى أنهم ان احتاجوا للتداوي بالكي ، فإنهم يمتنعون ، إلا في أقصى الحالات التي استثناها رسولنا الكريم ، كما ذكرهم رسولنا الكريم بأنهم لا يتطيرون ، وهو الشرط الثالث في هذه الفئة ، حيث أن التطير محرم ، وهو التشاؤم ، والمؤمن لا يتشاءم ، حيث يكون مؤمن بما كتبه الله في القدر خيره ، وشره ، والتطير كان معروف في الجاهلية ، أثناء ذهابهم للرحلات التجارية ، حيث كانوا يلقون سهامهم ، فإذا ذهبت لليمين استبشروا ، وإذا ذهب لليسار تشاءموا ، ولهذا السبب ابتعدت هذه الصفة عن المؤمن الذي ميزه الله بدخول الجنة دون حساب.


المتوكلون

حيث أن صفات هؤلاء الذين ميزهم الله عن سائر عباده ، أنهم دائمي التوكل على الله تعالى ، لا يخافون من الأقدار ، ودائما مؤمنين بقدر الله وان كان شر ، معتمدين على الله حق الاعتماد ، ويكونون في قمة اللجوء الى الله في كل أمور حياتهم و دنياهم.[3]