هل يكافئ الله من سكت عن الإساءة

هل يكافئ الله من سكت عن الإساءة

لعل البعض يبحث عن حكم من سكت عن الإساءة، وهل يكافئ

الله

من سكت عنها، كما يدعو الدين

الإسلام

ي المؤمنين إلى الرد على الإساءة بلطف، حتى تسود روح المودة والأخوة والمحبة بين الناس، وترك العداء والكراهية بين الناس وذلك اقتداءً بقول الله تبارك وتعالى: “وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ”.

ومن تسامح هذا الدين الإسلامي الطاهر أنّه يعمل على تشجيع الأخوة بين أفراد المجتمع المسلم، ويعزز كل ما يؤدي إلى المحبة بين المسلمين واستمراريتها، ويرفض كل ما يؤدي إلى ضعف

الحب

وإفساده، وجعل شرط من شروط الإيمان المحبة بالله والصبر على الإساءة لما لهذا الفعل من عظيم الأجر عند الله سبحانه وتعالى.

فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: “لا تدخلون

الجنة

حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا

السلام

بينكم”، كما حث الإسلام على

القيم

النبيلة التي من شأنها أن تحافظ على بقاء الأخوّة الإسلامية.

فإذا أهانك أعداؤك قولًا وفعلًا، فلا ترد عليهم بالسب، وتجنب إهانتهم لك بلطف منك عليهم، فهذا يدعو الجاني إلى الحق، وهو أقرب إلى توبته والندم وعودته مع

التوبة

عما فعله، كما بيّن الله سبحانه وتعالى أنّ الشر مقرون بالخير، كما قرن دفع السيئة بالحسنة والصبر والصلاة والإنفاق، كما وعد سبحانه وتعالى من سكت عن الإساءة بعقبي الدار في الدار الآخرة، حيث قال الله سبحانه وتعالى:

“وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ”، كما لم ينتقموا بذلك ممن أساء إليهم، بل رحّبوا به بلطف، فيعطون لمن حرمهم، ويغفرون لمن حرمهم. تضر بهم ، ودعوا لمن قطعهم ، وأحسن إلى من أساء إليهم. وأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم مع من أساء إليه تؤكد تماما أثر المغفرة في حشد الناس وجمعهم.

كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم شديد الشفقة والرحمة والتسامح والصبر والحلم والمثابرة مع أنه طرد وابتعد عن أهله، وغادر مكة بعد محاوله قريش قتله، ولكن ولما عاد إلى مكة منتصرًا، قال لأهل مكة ماذا تظنون أنّي فاعل بكم؟” قالوا: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء، أي أنتم أحرار وهذا يدل على عظم سماحته صلى الله عليه وسلم.

إن الكلمة التي ينطق بها الإنسان للآخرين دون إدانة أو تفكير سليم تؤدي إلى تدمير العلاقات والأخوة والإصلاحات التي بناها، كما تترك أثرًا نفسيًا سيئًا على التعبيرات البغيضة والكلمات المهينة التي ينطق بها، فكم من المشاكل التي يتم حلها في مجلس إصلاحي أو حواري، وأحد الحاضرين ينطق بكلمة تستفز الطرف الأخر في المشكلة أو تثير موضوع الجدل فتنهار جهود الإصلاح وتفشل تلك المساعي ويصبح الوضع أكثر تعقيدًا، ورحم الله من قال خيراً ثم نام أو سكت.

كما أنّ الصمت ينال ما لا يقال، فالعديد من العلاقات الطيبة بين

الأصدقاء

أو تلك بين

الأقارب

والجيران هدمت بسبب الكلمات الهدامة المؤلمة التي قالها شخص ما، فالكلمة لها حسابها لذلك يجب أن علينا التفكير فيما يجب أن نتحدث عنه وما ينتج من تأثيرات وردود أفعال الآخرين، حتى لا نتحدث عما يسبب المشاكل أو يمنع حلها أو يسيء للآخرين ويؤذي مشاعرهم ويضع حواجز نفسية بين جميع أفراد المجتمع.

كما أنّ الصمت عن الإساءة ليس ضعفًا، لكنه يُعتبر تفوق بشكل خاص على الحمقى وسفهاء العقول، كما يجب على العاقل أن يسكت على الإساءة إلا إذا اضطر إلى الكلام، فمعظم النّاس يأسفون عند الكلام وأقل من يندمون إذا سكتوا وأطول بؤس للناس وأعظم مشاكلهم من كان له لسان مطلق وقلب مطبق، ويجب على الحكيم الأ يتكلم أكثر مما يسمع وهو يعلم أن له أذنان فقط وفم واحد، حيث أنّ لسان الحكيم وراء قلبه فإنّ أراد أن القول، عاد إلى

القلب

، وإن كان عنده حديث قاله وإلا فلا.

يجب ألا يبدأ الحكيم في الكلام إذا لم يسأل، ولا يتكلم إلا لمن يقبل، ولا يجيب إذا أساء إليه، ولا يعوض إذا سمع، حيث أنّ البدء بالصمت حتى ولو كان جيدًا، فإن الصمت أمام القبيح يعتبر أفضل منه، ويجب تأديب الشخص العاقل لترك ما يسمح له بقوله حتى لا يسقط في المنهيات، وأن يكون موته في ما يترتب عليها، لأنه إذا كثر الحديث عنها ، فإن صاحبها يورث العصيان.

كيفية الرد على الإساءة

هناك العديد من الأساليب للرد على لسوء المعاملة والإساءة، حيث تتبيّن أبرزها فيما يلي:

  • تحمل الإساءة بأفضل طريقة، كما لا يجب أن نسيء الظن في الناس المحيطة بنا.
  • لا يجب

    الحزن

    من فطور المُسيء، والتمني له بالخير.
  • اتخاذ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مثالًا للاقتداء به صلى الله عليه وسلم لما تعرض لأشد الإصابات وطرد من بيته حينما دعا قومه لعبادة الله تعالى الواحد الأحد، ودعا الله سبحانه وتعالى قائلًا: “اللهمَّ، اغفِرْ لقومي، فإنهم لا يعلمون”.
  • لا يجب

    النظر

    بعين واحدة للنّاس والحكم عليهم من المظاهر، لأنّ كل إنسان معرض للأخطاء والزلات، وكل البشر يخطئون، وقد يكون المسيء يومًا ما فاعل خير.
  • قبول عذر الجاني وعدم تأنيبه، والصمت عن الإساءة، وتحويل الأمر إلى الله تعالى، ولكن المغفرة والمساحمة تعتبر خير من الرد على الإساءة بإساءة مماثلة أخرى.

كيف تتعامل مع من أساء إليك

يعتبر

التسامح

والعفو عن المسيء من أفضل الفرص وأكثرها سخاء للرد على الإهانة، فقد دعا الله عباده إلى التحلي بالصبر والتسامح والغفران، حيث أنّ

العفو والتسامح

من أبرز الصفات التي اتصف بها النّبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ويمكن التعامل مع من أساء إليك من خلال ما يلي:

  • مقابلة الإساءة بالعفو والإحسان: حيث يدعو الدين الإسلامي عباده المخلصين إلى الرد على الإساءة  بالإحسان، وذلك لنشر عاطفة وقيم الأخوة والمحبة بين الناس، والحد من العداء والكراهية والبغضاء بين الناس، وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على تسامح العقيدة الإسلامية، لأنّها تدعو إلى الأخوة بين أفراد المجتمع المسلم للتوبة.
  • عدم التعامل مع الجانب المظلم عند الإنسان: حيث هناك قوتان فقط في الإنسان تتعارضان معه، وهما: قوة الخير وقوة الشر، وعندما ينتصر أحدهما على الآخر، تكون شخصية الإنسان عليه فكل أحوالهم من نور وظلام وحق وكذب وقبح وجمال تندمج فيهم فيكون هذا الشيء سنة إلهية وحكمة إلهية وطبيعة بشرية.

  • الإحسان

    إلى النّاس: حيث أنّ

    الصدقة

    والإحسان إلى النّاس من أجمل الأشياء، فالرحمة صفة تفوح منها رائحة المسك ومحبوبه للجميع، والإنسان الخير

    محبوب

    من الله تعالى والعباد، والصدقة تكون من خلال التعامل معهم بأخلاق حسنة ومعاملتهم بأمانة وإسداء النصح والتخفيف من معاناتهم ومساعدة الضعيف وإراحة المنكوبين وإطعام الفقراء وإعطاء الصدقات للمحتاجين وإرشاد الضائع وتعليم الجاهل وتسهيل المعسر والصلح بين الخلافات والتسامح وسائر الأخلاق الإسلامية ذات القيمة والمعنوية.

الوسائل المُعينة على ترك الإِساءة

هناك العديد من الطرق والوسائل لمساعدة الفرد على إيقاف الإساءة، حيث يتبيّن ذلك فيما يلي:

  • يجب التحلى بالصبر والحلم في جميع الأمور، كما لا يجب الرد على الإساءة بالإساءة بل مقابلتها بلطف.
  • كما يجب الإكثار من الدعاء والاستغفار.
  • كما أنّ ترك الأذى يريح القلب ويقوي الروح.
  • يجب حسن النية بالله سبحانه وتعالى العظيم.
  • يجب تقصير الأمل، لأنّ الأمل الطويل يؤدي إلى الإساءة.[1]