امثلة حول منهج الرسول في الدعوة والتعليم 

منهج الرسول ﷺ في الدعوة

من هدي الرسول الكريم محمد صلى

الله

عليه وسلم في دعوته إلى الله تعالى كان معتدلاً ونبذ التشدد في الدين، حيث إن بغيضة الدين وقساوته تتسبب في معاناة أرواح البشر، وتؤدي هذه

القسوة

إلى التطرف الديني، والابتعاد عن لطف الأديان، كما يؤدي إلى ضياع حقوق الإنسان وفقدانها وحقوق الآخرين، فاتخذ رسولنا الكريم هذا النهج في دعوته إلى

الإسلام

، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه فيقول:

“«جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا» فَقَالُوا: «وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ! قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا»، وَقَالَ آخَرُ: «أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ»، وَقَالَ آخَرُ: «أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ» فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا .. أَمَا وَاللَّهِ، إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»” (رواه البخاري).

فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثالا يحتذى به في

التسامح

والعدل وقدوة في

التعليم

، فكان يبعد عن التشدد وكان أكثر الناس تسامحاً، حيث كان منهج الإسلام في العبادة هو الوسيط الذي يشرح بموقف الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حين قال «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا، وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا…»” (رواه البخاري).

نماذج حول تعاليم الرسول ﷺ في الدعوة والتعليم

وفيما يلي نماذج يحتذي بها حول تعاليم الرسول ﷺ في الدعوة والتعليم و

مواقف تربوية من حياة الرسول

:


  • علمهم فعلا السيرة الحميدة والأخلاق الحميدة

إنه من أهم وأعظم وأبرز أساليب الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما يأمر بشيء ما، يقوم بعمله أولاً ثم يشعر الناس بالألم من أجله، فإنهم يتبعون طريقهم فقط، وقد

ورد

في

القرآن الكريم

بعض الآيات في قوله عز وجل: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا» (الأحزاب 21)‍‍‍.

ومما لا شك فيه أن التربية على العمل بالفعل تكون أقوى، وتؤثر على الروح، وتساعد الذاكرة والفهم وتحتاج إلى التربية بالشيء والأفعال لتقتدي بها وتتعاطف معها، والعمل والتعليم في العمل منهج فطري في التربية، وهذا هو أبرز وأعظم منهجياته – صلى الله عليه وسلم.

وكان هذا من نهج رسولنا الكريم في التعليم، حتى في

الصلاة

فعن سهل بن سعد بن الساعدي رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قام على المنبر، فاستقبل

القبلة

وكبّر وقام الناس خلفه، فقرأ وركع وركع الناس خلفه، ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى حتى سجد بالأرض، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: «أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي».


  • كان يراعي الفروق الفردية بين المتعلمين

كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يراعي الفروق الفردية بين المتعلمين و المستجوبين، لذلك فهو معتاد على دعوة الجميع بما يتناسب مع مستواه حسب فهمه، ويحتفظ بقلب المبتدئين، لذلك فهو لم يجيب على كل سؤال لديه بما يفهمه وبما يناسبه، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «كنا عند النبي- صلى الله عليه وسلم- فجاء شاب فقال: يا رسول الله أُقبّل وأنا صائم؟ قال: لا، فجاء شيخ فقال: أقبل وأنا صائم؟ قال نعم، فنظر بعضنا إلى بعض فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إني قد علمت لما نظر بعضكم إلى بعض، إن الشيخ يملك نفسه».


  • تعليمه عن طريق الحوار والمساءلة

ومن أبرز أساليبه في التعليم -صلى الله عليه وسلم- الحديث وطرح الأسئلة للفت انتباه السامعين وإلهام نفوسهم للإجابة، وحثهم على التفكير في الجواب حتى يتمكنوا من جواب النبي إذا لم يستطيعوا الإجابة – سوف يقتربون من الفهم، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: «قال رسول الله r: أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم، يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء قالوا: لا يا يبقى من درنه شيء، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحوا الله بهن الخطايا».

و عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله يقول: «تدرون من المسلم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. قال: تدرون من المؤمن؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم، والمهاجر من هجر السوء فاجتنبه».

ومن

أشهر

الأمثلة على التعليم عن طريقة الحوار والمساءلة حديث رسولنا الكريم مع جبريل عليه

السلام

وهو يعلمه اركان الايمان فعن عُمَر بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: «بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِيمَانِ، قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِحْسَانِ، قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ السَّاعَةِ، قَالَ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا، قَالَ: أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنْ السَّائِلُ، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ».


  • تعليمه من خلال المقارنات والأمثال

وكثيرا ما يستخدم – صلى الله عليه وسلم – في بيان المعنى الذي يريد أن يشرحه، وذلك بضرب الأمثال حيث يشهد الناس بأعينهم و يتذوقون بألسنتهم، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: « عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ».


  • التعليم بغضبه وتوبيخه

كان صلى الله عليه وسلم يغضب عند الاقتضاء إذا تجاوز المتعلم نطاق بحثه وأسئلته وانتقل إلى أشياء لا يجب أن تطرح أو تدخل، فإنه – صلى الله عليه وسلم – سوف يغضب بشدة ويعنفة في التعليم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَنَازَعُ فِي الْقَدَرِ، فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْنَتَيْهِ الرُّمَّانُ، فَقَالَ: «أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ، أَمْ بِهَذَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حِينَ تَنَازَعُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ أَلَّا تَتَنَازَعُوا فِيهِ».[1]