ما هي صفات الحجاب الشرعي

مفهوم الحجاب

الحجاب لغة

يأتي الحجاب في اللغة العربية بمعنى الستر، فإذا قيل: حَجَبَ فلانٌ الشيءَ؛ أي يَحْجُبُه حَجْباً وحِجاباً، وحَجَّبَه: بمعنى سَترَه، ويقال احْتَجَبَ، وتحَجَّبَ إِذا سُتر وكان مُستتراً من وراءِ حِجابٍ، وامرأَةٌ مَحْجُوبةٌ: بمعنى أنّها سُتِرَتْ بِسِترٍ يستُرها ويحجبها عن الناس،[١] وفلان الحاجِبُ: أي البَوَّابُ، وهي صِفةٌ غالِبةٌ، والجمعُ منه: حَجَبةٌ، وحُجَّابٌ، ويكون معنى حَجَبَه: مَنَعَه عن الدخول. يُطلَق الحِجابُ على اسمُ ما احْتُجِبَ به، أو كلُّ ما حالَ بين شيئين حِجابٌ، وقوله تعالى: (وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ)؛[٢] أي بينِنا وبينك حاجِزٌ في الدِّين.[٣]

الحجاب شرعاً

الحجاب شرعاً يُمكن تعريفه عدّة تعريفات، فمن المعاني أن يأتي الحجابُ بمعنى: الساتر الذي يستر جسم المرأة، فلا يشفّ ولا يصفُ،
ومرةً يأتي بمعنى: حجبُ المرأة المسلمة عن أنظارِ الرجالِ الأجانبِ غير المحارم لها،[٤]
فمعنى الحجاب شرعاً يتوافق ويتّفق مع تعريفهِ لغةً، وهو الستر؛ أي ستر جميع بدن المرأة من أعلى رأسها إلى أسفل قدميها،[٥]، وللحجاب صفاتٌ ومميزاتٌ يجب توافرها في اللباس حتى يُعتبر هذا اللباسُ حجاباً شرعياً كما نصّت عليه الآياتُ القرآنية وكما ذكرتهُ السُّنة الشريفة.

صفات الحجاب الشرعي

يجب أن يتوفّر في الحجابِ مجموعةٌ من الصفاتِ والهيئاتِ لكي يُعتبر حجاباً شرعياً موافقاً ومُطابقاً لما أمر الله سبحانه وتعالى وما أمر به رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، فإن فرّطت المرأة في حجابها أو غَفلت وتناست إحدى تلك الصّفات لم يُطلق عليها لفظ الستر بالحجاب الشرعي الصحيح، والذي يَجبُ عليها هو الالتزام به كما أمر الشرع الكريم، وكامرأةٍ مسلمةٍ حريصةٍ على تطبيقِ شعائر الدين الإسلامي الحنيف، وكمسلمةٍ تسعى لنيلِ رضا ربّها سبحانه وتعالى، وترجو الفوز بجنّاتهِ، وأهمّ صفات الحجاب الشرعي ما يأتي:[٦][٧]

  • أن يكونَ فضفاضاً؛ فلا يجوزُ أن يكون لباسُ المرأة ضيقاً يَصف أجزاءَ الجسمِ ويكشفها، وهذه الصفة تشمل جميع جسم المرأة، فالحجاب ليس محصوراً على تغطيةِ الرأسِ أو شعر الرأس أو جزءاً منه وسترهِ عن الآخرين من الرجالِ فقط، بل الأمر في الحجاب سترُ وتغطيةُ جميع البدن أيضاً كما نصت الشريعة الإسلامية السمحة على ذلك.
  • ألّا يكون الحجابُ رقيقاً؛ فيُظهِرُ ما تحتهُ من الجسد، أو يكشف تحته ثياباً تثير الفتنة لدى الرجالِ الأجانب، وقد بيّن الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- لأسماء بنت أبي بكرٍ -رضي الله عنهما- عندما دخلت عليه بثيابٍ رقيقةٍ، فقال لها: (يا أسماءُ إن المرأةَ إذا بلغتِ المَحِيضَ لم يَصْلُحْ أن يُرَى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهِه وكَفَّيْهِ)؛[٨] ذلك أنَّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- لم يَعتبر ما كانت تلبسهُ أسماء بنت أبي بكر حجاباً؛ لأنَّه يُظهرُ ما تحتهُ مما يثيرُ الفتنة، ويبتعد عن مفهومِ السترِ والحجاب الشرعي المعروف في الدين الإسلامي.
  • البعد في شكل الحجاب عن التشبه بلباسِ الرجال؛ أي تشبُّه النساء بالرجال؛ ذلك أنّ تشبه النساء بالرجال منهيٌّ عنه في الدين الإسلامي؛ لما فيه من تغييرٍ لخلقِ الله ومخالفة لصفة الحجابِ الشرعي الصحيح؛ للحديث الوارد عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- قال: ( لعنَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ؛ المتشبِّهاتِ بالرِّجالِ منَ النِّساءِ والمتشبِّهينَ بالنِّساءِ منَ الرِّجالِ)،[٩] فإنَّهُ يحرم على النساءِ التشبهَ بالرجالِ في جميع النواحي والمجالات في اللباسِ، وفي غير اللباس، وفي المقابل يحرم تشبُّه الرجال بالنساء.
  • ألّا يكونَ الحجابُ لباسُ شُهرةٍ؛ وذلك بأن يظهر فيه الكثير من الإسرافِ أو الخيلاء.
  • ألّا يكونَ الحجابُ من لباسِ أهل الكفرِ؛ كأن يكون معروف في ديانتهم، أو يكون من لباسُ أهل الفسقِ والمجونِ؛ وهو اللباس الذي اشتهر به أولئك بين عامة النَّاس كخصوصيّةٍ لهم، وكأن يحتوي أيضاً على رسوماتٍ لصُلبانٍ، أو تصاوير لأهل الكفرِ، أو كتابات بلغات أجنبية وعند ترجمتها تعطي معاني سيّئة وساقطة لا تليق بالمرأة المسلمة الطاهرة الشريفة العفيفة.
  • أن يكون الحجاب خالياً من رائحةِ عطر؛ بحيث يسهل الوصول إليها، أو إدراكها من قِبلِ الرجالِ غير المحارم، ويجدُها الرجالُ مُغريةً تُثيرُ الغريزة والفتنة لديهم عندما تصلهم رائحتها إن مرُّوا بقربها في الطريق، أو في السوق، أو في العمل.

الحجاب في القرآن والسنة

دليل الحجاب الشرعي من القرآن الكريم:

  • في سورة الأحزاب قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا).[١٠]
  • في سورة النور قال الله تعالى: ( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا).[١١]
  • في سورة الأعراف قال الله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ).[١٢]

دليل الحجاب الشرعي من السُّنة النبوية:

  • قول النَّبي عليه الصلاة والسلام:(يا أسماءُ إن المرأةَ إذا بلغتِ المَحِيضَ لم يَصْلُحْ أن يُرَى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهِه وكَفَّيْهِ).[٨]
  • ما رواه عبد الله بن مسعود عن النَّبي – صلى الله عليه وسلم – أنّه قال: (المرأةُ عورةٌ فإذا خرَجتْ استشرَفها الشَّيطانُ وأقرَبُ ما تكونُ مِن ربِّها إذا هي في قعرِ بيتِها)،[١٣] ودلالة هذا الحديث أنَّ جميعَ أجزاء المرأة هو عورة على الرجال الأجانب؛ سواء أكان ذلك في وجهها أو جميع أعضائها.[١٤]

فضائل الحجاب

للحجاب الشرعي الصحيح فضائل عديدة، ومن أهم فضائل الحجاب ما يأتي:[١٥]

  • حراسةٌ وحمايةٌ شرعية للأعراض.
  • طهارةٌ لقلوب المؤمنين والمؤمنات.
  • المحافظة على مكارم الأخلاق من الحشمة والحياء والغيرة.
  • علامةٌ مُميزةٌ للعفيفات الطاهرات.
  • وقايةٌ للمجتمع، وحمايةٌ من أمراض القلوب.
  • حفظ الحياء والفضائل.
  • حصانةٌ ضد الزنا.
  • درعٌ من التبرج والسفور.
  • الحجاب من تمام التقوى والإيمان.

المراجع

  1. ابن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار صادر، صفحة 298، جزء 1.
  2. سورة فصلت، آية: 5.
  3. سعيد بن على بن وهف القحطاني، إظهار الحق والصواب في حكم الحجاب والتبرج، والسفور، والخلوة بالمرأة الأجنبية، وسفرها بدون محرم، والاختلاط في ضوء الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح (الطبعة الأولى)، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 5، جزء 1.
  4. محمد أحمد إسماعيل المقدم (2004م)، عودة الحجاب (الطبعة الثانية)، الأسكندرية: دار القمة، صفحة 76، جزء 3.
  5. محمد رواس قلعجي – حامد صادق قنيبي (1988)، معجم لغة الفقهاء (الطبعة الثانية)، بيروت: دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 174.
  6. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري ( 1430 هـ – 2009 م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، دمشق: بيت الأفكار الدولية، صفحة 107، جزء 4.
  7. محمد أحمد إسماعيل المقدم (2004)، عودة الحجاب (الطبعة الثانية)، مصر: دار القمة ، صفحة 153، جزء 3. بتصرّف.
  8. ^ أ ب رواه الألباني، في غاية المرام، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم: 187، حسن.
  9. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2784، صحيح.
  10. سورة الأحزاب، آية: 59.
  11. سورة النور، آية: 31.
  12. سورة الأعراف، آية: 26.
  13. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5599، خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه.
  14. محمد أحمد إسماعيل المقدم (2004 م)، عودة الحجاب (الطبعة الثانية)، الإسكندرية: دار القمة، صفحة 329، جزء 3.
  15. بكر أبو زيد (2000م)، حراسة الفضيلة (الطبعة الثالثة)، الرياض: دار العاصمة، صفحة 84-88، جزء 1.