هل ينتقل الاكتئاب من الام الى الجنين؟

هل اصابة الام الحامل بالاكتئاب، يجعل جنينها أكثر عرضة للأصابة به أثناء حياته؟ اليكم النتائج في الدراسة الاتية:

هل  ينتقل الاكتئاب من الام الى الجنين؟

يمكن أن تزرع بذور الإكتئاب في رحم الأم “، ذلك هو الادعاء الوارد عن ميل اونلاين.

وبينما اكتشفت الدراسة الجديدة أن الإكتئاب خلال فترة الحمل يرتبط بزيادة خطر التعرض للاكتئاب لدى الأبناء الراشدين، فإن مجموعة من العوامل ممكن أن تسهم في ذلك.

و قامت الدراسة بتحليل البيانات التي تم جمعها من 103 من الأمهات الحوامل التي تم تقييم صحتها النفسية على الرغم من المقابلات التي تمت خلال فترة الحمل وحتى الوقت الذي أصبح طفلهم فيه في سن 16عاما. كما أجاب الأطفال أيضا عن أسئلة ذات طبيعة مماثلة حول صحتهم النفسية بمجرد أن بلغوا سن 25 عاما. كما قيم الباحثون أيضا ما إذا كانوا قد تعرضوا لسوء معاملة أم لا.

وكانت احتمالات تعرض الأطفال الذين كانت أمهاتهم مصابة بالإكتئاب خلال فترة الحمل للإكتئاب في مرحلة البلوغ حوالي ثلاث مرات مقارنة بالأطفال الذين لم تتعرض أمهاتهم للاكتئاب أثناء الحمل. كما أن إحتمالات تعرضهم لسوء المعاملة و هم أطفال كانت حوالي الضعف (وليس من الضروري أن يكون من قبل الأم).

وأشارت التحليلات إلى أن زيادة سوء المعاملة قد تفسر الصلة بين الإكتئاب الذي تمت ملاحظته على الأمهات أثناء الحمل والإكتئاب في النسل البالغ.

كما إقترح الباحثون إقتراحات مختلفة حول سبب وجود الصلة التي تمت ملاحظتها. وقد شمل هذا أن إمكانية تأثير الإكتئاب الذي تتعرض له الأم على نمو الطفل من خلال زيادة مستويات هرمونات التوتر في الرحم؛ هي التكهنات التي يبدو أن ميل قد إتخذتها حقيقة مؤكدة.

و في النهاية، فإنه ليس من الممكن القول على وجه اليقين بأن تعرض الأمهات للإكتئاب أثناء الحمل يسبب زيادة خطر التعرض للإصابة بالإكتئاب التي تمت ملاحظتها.

وبغض النظر عن ذلك، فمن الضروري أن تحصل النساء اللواتي يعانين من الإكتئاب خلال فترة الحمل على العلاج والدعم المناسبين.

 
من أين نشأت القصة؟

وقد أجرى الدراسة باحثون من كلية كينجز كوليدج في لندن، وذلك بتمويل من مؤسسة أبحاث الطب النفسي؛ المعهد الوطني لأبحاث الصحة / مؤسسة البحوث السريرية ويلكوم ترست كينج؛ مركز البحوث الطبية الحيوية التابع للمعهد الوطني لأبحاث الصحة في جنوب لندن ومودسلي؛ أمانة مؤسسة خدمات الصحة القومية؛ معهد الطب النفسي، وعلم النفس وعلم الأعصاب، كلية كينجز لندن؛ ومجلس البحوث الطبية في المملكة المتحدة.

وقد تم نشر الدراسة في المجلة الطبية لمراجعة الأقران، والصحيفة البريطانية للطب النفسي. وجدير بالذكر أن الدراسة متاحة على أساس الوصول المفتوح، لذلك فإن الوصول إليها وقراءتها مجانيان على الإنترنت فضلا عن التحميل كملف بي دي إف.

ومما تجدر الإشارة إليه أن تقرير ميل للدراسة من المرجح أنه يضيف امورا غير ضرورية من شأنها أن تقلق النساء الحوامل، كما أنها لا تسلط الضوء على الحدود والقيود المفروضة على هذه الأبحاث، وفي الحقيقة فإن هذه الأبحاث لا تبين السبب والنتيجة، أو ما إذا كانت العوامل الأخرى تلعب دورا في ذلك أم لا تلعب.

أيضا، فإن الإشارة إلى أن “فحص النساء الحوامل حيال حالة [كذا] [الإكتئاب] من شأنه أن يوقف المتابعة فيما ” لم يتم اختباره في هذه الدراسة.

 
ما نوع هذه الأبحاث؟

وهذه الدراسة عبارة عن دراسة تعرض منظورة تسمى دراسة تنمية الطفل جنوب لندن، والتي بدأت عام 1986. وتهدف إلى تقييم ما إذا كان تعرض الطفل لإكتئاب الأم أثناء فترة الحمل وبعدها يرتبط بخطر التعرض للإصابة بالإكتئاب في مرحلة البلوغ، وأيضا بخطر تعرضهم لسوء المعاملة في مرحلة الطفولة.

وقد أظهرت أبحاث سابقة وجود علاقة بين اكتئاب ما بعد الولادة عند الأم والإكتئاب في وقت لاحق عند الطفل، ولكن لم تحاول أية دراسات مستقبلية تقييم العلاقة والصلة بين إكتئاب الأم أثناء الحمل وإكتئاب الطفل عند بلوغه سن الرشد.

ومما هو جدير بالذكر أن دراسة التعرض المنظورة هي أفضل وسيلة لإجراء مثل هذه الدراسة، ولكنها لا تزال تضطلع ببعض الحدود والقيود. وأهم ما في هذه الدراسة هو احتمال أن العوامل أخرى غير العوامل التي هي موضع الإهتمام (اكتئاب الأمهات) والتي تساهم في الصلة المذكوةرة قد تمت ملاحظتها وأخذها في الإعتبار. وعندما تتابع مثل هذه الدراسات الناس على مدى طويل، كما فعلت هذه الدراسة، بل إنهم تعرضوا أيضا للمشاركين الذين فقدوا المتابعة، والتي من شأنها أن تحدث تحيزا في النتائج.

 

ما الذي تتضمنه هذه الأبحاث؟

حشد الباحثون الأمهات الحوامل في عام 1986 في 20 أسبوعا من الحمل. وقام الباحثون بتقييم صحتهم النفسية أثناء الحمل وبعده، وحتى صار عمر الطفل 16 عاما. كما قيم الباحثون أيضا ما إذا كان الطفل قد تعرض لسوء المعاملة أم لا، بالإضافة إلى تقييم الصحة النفسية للطفل عندما أصبح عمره 25عاما. ومن ثم قام الباحثون بعد ذلك بتحليل ما إذا كان اكتئاب الأمهات في أي مرحلة من المراحل مرتبطا بإكتئاب الطفل أو سوء المعاملة.

كما تم عمل مقابلات قياسية واحدة تلو الأخرى مع الأمهات الحوامل وحدها اللواتي في الأسبوع الـ20 و 36 من حملها، وذلك بالمحازاة مع أطفالهن اللذين بلغوا 4 و 11 و 16 و 25 عاما. وفيما يلي ما تم تقييمه في هذه المقابلات:

  • اكتئاب الأمهات أثناء الحمل (في الأسبوع الـ 20 و 36 )
  • اكتئاب الأمهات بعد الولادة (في غضون 3 و 12 و 48 شهرا بعد الولادة)
  • اكتئاب الأمهات خلال مرحلة طفولة النسل (في غضون 4 و 11 و 16 عاما)
  • سوء معاملة النسل (حتى سن 17)
  • إكتئاب النسل في مرحلة البلوغ (ما بين 18-25 سنة)

كما جمع الباحثون أيضا معلومات عن العوامل الأخرى التي قد تكون ساهمت في النتائج أو في تغييرها (الإرباك المحتمل) حتى يتمكنوا من أخذها بعين الاعتبار في تحليلاتهم.

ومن بين 153 امرأة أجروا المقابلة الأولى، لم ينهي الدراسة إلا 103 (67٪) إمراة وتم تحليل البيانات الخاصة بهم.

ماذا كانت النتائج الأساسية؟

ومن بين الأمهات اللواتي في العينة، تعرض 34 ٪ منهن للإكتئاب خلال فترة الحمل وعانى 35٪ من إكتئاب ما بعد الولادة. فيما تم الإبلاغ عن سوء المعاملة لـ 35٪ من النسل كما تطابق حوالي 38٪ معايير الإكتئاب في مرحلة البلوغ.

وقبل الأخذ في الإعتبار بأي إرباكات محتملة، فإن الأطفال المعرضين لإكتئاب الأمهات أثناء الحمل لديهم أرجحية تقدر 3.4 مرات للإصابة بالإكتئاب عند البلوغ مقارنة بالأطفال الذين لم يتعرضوا لذلك (نسبة الأرجحية أو (3.4)، 95٪ من فترة الثقة 1.5 إلى 8.1). وعند الأخذ في الاعتبار بسوء معاملة الأطفال والتعرض لإكتئاب الأمهات لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 1 إلى 16 سنة، لوحظ تلاشي هذه الإرتباطات.

ومما تجدر الإشارة إليه أن الأطفال الذين لإكتئاب الأمهات أثناء الحمل أكثر عرضة للتعرض لسوء المعاملة في مرحلة الطفولة (أو 2.4، 95% من فترة الثقة 1 إلى 5.7). وقد أشارت التحليلات إلى أن سوء المعاملة قد يكون “الرابط” بين اكتئاب الأمهات أثناء الحمل وإكتئاب النسل في مرحلة البلوغ.

 كيف يفسر الباحثون النتائج؟

استنتج الباحثون أن الدراسة “تظهر أن التعرض لإكتئاب الأمهات خلال فترة الحمل يزيد من قابلية تعرض النسل للإصابة بالإكتئاب في سن البلوغ”. كما ذكر المؤلفون أيضا أنه: “يمكن تقليل معدلات تعرض الطفل لسوء المعاملة والإضطرابات الإكتئابية المحتملة لدى الشباب من خلال التدخل أثناء الحمل. حيث يمكن فحص جميع النساء الحوامل فيما يتعلق بتعرضهن للإكتئاب وينصح النساء الحوامل اللواتي يتبين أنهن مصابات بالإكتئاب بافضلية وأولوية الخضوع للمعالجة النفسية –  وفقا لما يوصى به حاليا في المبادئ التوجيهية للملكة المتحدة فيما يتعلق بالصحة النفسية للفترة المحيطة بالولادة.”

الخاتمة

اكتشفت هذه الدراسة “دراسة التعرض المنظورة”  وجود صلة بين إكتئاب الأم أثناء الحمل وسوء معاملة الأطفال والإكتئاب في مرحلة البلوغ. وتشير النتائج إلى أن سوء معاملة الأطفال قد يكون “خطوة” وسيطة أو “رابط” بين إكتئاب الأمهات والأبناء.

ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه الدراسة لديها مواطن قوة كما أنها يفرض عليها حدود وقيود. وتتمثل مواطن القوة في المتابعة المستقبلية المنظورة للنساء وأطفالهن لمدة طويلة على مدى فترة زمنية طويلة. وجدير بالذكر أن الطبيعة المنظورة للدراسة هي أفضل وسيلة لجمع هذه المعلومات. وهذا ما سمح للدراسة باستخدام المقابلات التشخيصية القياسية الموحدة لجمع معلومات متسقة من المشاركين.

ويتمثل القيد الرئيسي لهذه الدراسة في أننا لا نستطيع الجزم بأن الروابط التي تمت ملاحظتها هي نتيجة لتأثير مباشر من اكتئاب الأمهات خلال فترة الحمل. و في حين استكشف الباحثون بعض الإرباكات المحتملة وأخذوها بعين الاعتبار، إلا أن هناك عوامل أخرى يمكن أن تساهم فيما نحن بصدده. ومن المحتمل أن تلعب مجموعة من العوامل البيئية والوراثية دورا في ذلك، وخصوصا بالنسبة لحالة معقدة مثل الإكتئاب، ولذلك فمن الصعب أن يتم فصل آثارها.

ويتمثل أحد القيود الأخرى في صغر حجم عينة الدراسة، وحقيقة أن ما يقرب من ثلث المشاركين لم يكملوا الدراسة. كما أن معدلات الإكتئاب في الدراسة كانت مرتفعة نسبيا أيضا، والتي يقترح المؤلف أنها قد تعكس سكان المدن الذين شملتهم الدراسة. مما يعني أن هذه النتائج قد لا تكون ممثلة لجميع السكان، وبالتالي قد لا يتم تعميمها على المجموعات الأخرى.

وكما تم جمع البيانات عن طريق إجراء المقابلات، والتي كانت تتعلق في بعض الحالات بالفترة السالفة من الزمن، فإنه من الممكن ألا يكون المشاركين صادقين أو قد لا يتذكرون بدقة المعلومات التي يمكن أن تؤثر على النتائج.

ويبدو أن هذه الدراسة قد اكتشفت بعض الإرتباطات، ولكن علينا أن نكون حذرين بشأن ما نخلص إليه. وعلى الرغم من ذلك، فإن الدراسة تلقي بالضوء على العديد من النساء اللواتي يتعرضن للإكتئاب في فترة الحمل، وتؤكد على أن المعالجة المناسبة مهمة جدا لصحة الأم وعافيتها، وكذلك طفلها وأسرتها.

وكما ذكر المؤلفون في مقالتهم، فإن استخدام مضادات الإكتئاب للنساء الحوامل يفرض مساحة من النقاش، وذلك نظرا لاحتمال وجود تأثيرات على الجنين. ويقرر الأطباء وصفهم في الحالات التي تفوق فيها فوائد استخدام المضادات على المخاطر المحتملة لاستخدامها.

ومن المهم أيضا أن نلاحظ أن هناك أشكالا أخرى متاحة من العلاج، مثل المعالجة من خلال المحادثة، بما في ذلك المعالجة السلوكية المعرفية. وعلى النساء الحوامل الذين يشعرون بالقلق حيال تعرضهم بالإكتئاب ألا يخفن من الكلام مع إختصاصي الرعاية الصحية حول هذا الأمر، وذلك لضمان حصولهم على الرعاية المناسبة.


من قبل
ويب طب –
الخميس 23 تموز 2015


آخر تعديل –
الأحد 8 تشرين الأول 2017


المرجع : webteb.com