لامت ملامة مشفق متعتب – الشاعر البحتري

لامت ملامة مشفق متعتب،
وسطت سطية ناصح لم يكذب
واستشفعت بدموعها، ودموعها
لسن متى تصف الكآبة تسهب
ولحزنها بصميم قلبي موقع
ذاك على جمر الغضا المتلهب
غيداء عاجلها الزمان بنكثه
وبريبه المتصرف المتقلب
فابتزها حسن الغراء، وصادفت منها الخطوب غريرة لم تنكب
قالت: أراك بـ سر من را ثاويا
في مرتع جشب وعيش منصب
في حيث لا يلفي الشريف مناسباً
يحنو عليه برأفة وتحدب
فاعمد لظل من نزار فإنهم
أهل اللهى، أو جانب من يعرب
وانهض لأية بلدة حلوا بها
في الأرض إن قربت وإن لم تقرب
فهنالك الحسب الصميم، وحيث لا
يغريك من نسب قريب المطلب
قلت: اربعي في سر من را سيد
كرمت ضرائبه عظيم المنصب
بحر متى تقف الظلماء بمورد
منه يطب لهم جداه ويعذب
خضر بن أحمد طود عز شامخ
راس دعائمه، أمين المنكب
كهف إذا استذرى العفاة بظله
لجأوا إلى كنف رحيب مخصب
إن تمس عبد القيس عني قد نأت
والأزد بين تشتت وتشعب
فقد اعتصمت بموائل من وائل،
وغلبت أحداث الزمان بـ تغلب
بابن المورث من ربيعة مجدها
وابن المؤثل كل عز أغلب
كم من أب لك ذي مناقب جمة
حام، وجد ذي مكارم منجب
وعلا تقاصرت المساعي دونه
فسمت بذكركم سمو الكوكب
وإذا الكماة تكافحت في معرك
وتنازعت كأس الردى من مشرب
فلكم مواقف في الوغى مشهورة
بوارثة عن كل ليث محرب
يا خضر أمن مسود في سادة
من كل محتضر الرواق محجب
قد سدت في حال الحداثة يافعاً
ولبست أبهة الجليل الأشيب
وأرتك أعقاب الأمور روية
من حازم ماضي العزيم مجرب
فلأنت أرهف حين تدهم خطة
من مرهف شهرته كفك مقضب
ولأنت أنفح بالنوافل والندى
من واكف مسحنفر متصبب
ولأنت أمنع من كليب جانباً
للمستجير المرهق المترقب
وكأن وجهك حين تسأل مشرب
من حسنه ماء الحسام المذهب
خذها إليك وسيلة من راغب
متقرب، متوصل، متسبب
جاءتك في طيب التحية تجتنى
من منبت أنق وروض معشب
أوفى بها كالعقد فصل نظمه
بالدر إلا أنه لم يثقب
هذا وليك مستجيراً عائذاً
بذراك من زمن حديد المخلب
قد شام برقا من نداك أحبه
إذ كان برق يديك ليس بخلب