أشعار حسان بن ثابت

صلّى الإلهُ

صَلّى الإلهُ على الّذِينَ تَتَابَعُوا

يَوْمَ الرّجِيعِ فأُكْرِمُوا وأُثِيبوا

رأسُ الكتيبة ِ مرثدٌ وأميرهمْ

ابنُ البكيرِ أمامهمْ وخبيبُ

وابنٌ لطارق وابنُ دثنة فيهمِ

وافاهُ ثمّ حمامهُ المكتوبُ

مَنَعَ المَقَادَة َ أنْ ينَالوا ظَهْرَهُ

حتى يجالدَ إنهُ لنجيبُ

والعاصمُ المقتولُ عندَ رجيعهمْ

كسبَ المعالي إنهُ لكسوبُ

وأحسنُ منك لم ترَ قطُّ عيني

وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني

وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ

خلقتَ مبرءاً منْ كلّ عيبٍ

كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ

أغرُّ

أغَرُّ عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّة ِ خَاتَمٌ

مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ

وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ

إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ

وشقّ لهُ منِ اسمهِ ليجله

فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمدُ

نَبيٌّ أتَانَا بَعْدَ يَأسٍ وَفَتْرَة ٍ

منَ الرسلِ والأوثانِ في الأرضِ تعبدُ

فَأمْسَى سِرَاجاً مُسْتَنيراً وَهَادِياً

يَلُوحُ كما لاحَ الصّقِيلُ المُهَنَّدُ

وأنذرنا ناراً وبشرَ جنة ً

وعلمنا الإسلامَ فاللهَ نحمدُ

وأنتَ إلهَ الخلقِ ربي وخالقي

بذلكَ ما عمرتُ فيا لناسِ أشهدُ

تَعَالَيْتَ رَبَّ الناسِ عن قَوْل مَن دَعا

سِوَاكَ إلهاً أنْتَ أعْلَى وَأمْجَدُ

لكَ الخلقُ والنعماءُ والأمرُ كلهُ

فإيّاكَ نَسْتَهْدي وإيّاكَ نَعْبُدُ

عفتْ ذاتُ الأصابعِ

عفتْ ذاتُ الأصابعِ فالجواءُ

إلى عذراءَ منزلها خلاءُ

دِيَارٌ مِنْ بَني الحَسْحَاسِ قَفْرٌ

تعفيها الروامسُ والسماءُ

وكانَتْ لا يَزَالُ بِهَا أنِيسٌ

خِلالَ مُرُوجِهَا نَعَمٌ وَشَاءُ

فدعْ هذا ولكن منْ لطيفٍ

يُؤرّقُني إذا ذَهَبَ العِشاءُ

لشعثاءَ التي قدْ تيمتهُ

فليسَ لقلبهِ منها شفاءُ

كَأَنَّ خَبيأَةٍ مِن بَيتِ رَأسٍ

يَكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وَماءُ

عَلى أنْيَابهَا أوْ طَعْمَ غَضٍّ

منَ التفاحِ هصرهُ الجناءُ

إذا ما الأسرباتُ ذكرنَ يوماً

فَهُنّ لِطَيّبِ الرَاحِ الفِدَاءُ

نُوَلّيَها المَلامَة َ إنْ ألِمْنَا

إذا ما كانَ مغثٌ أوْ لحاءُ

ونشربها فتتركنا ملوكاً

وأسداً ما ينهنهنا اللقاءُ

عَدِمْنَا خَيْلَنا إنْ لم تَرَوْهَا

تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُها كَدَاءُ

يُبَارِينَ الأسنّة مُصْعِدَاتٍ

عَلَى أكْتافِهَا الأسَلُ الظِّماءُ

تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ

تلطمهنّ بالخمرِ النساءُ

فإما تعرضوا عنا اعتمرنا

وكانَ الفَتْحُ وانْكَشَفَ الغِطاءُ

وإلا فاصبروا لجلادِ يومٍ

يعزُّ اللهُ فيهِ منْ يشاءُ

وَجِبْرِيلٌ أمِينُ اللَّهِ فِينَا

وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ

وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ أرْسَلْتُ عَبْداً

يقولُ الحقَّ إنْ نفعَ البلاءُ

شَهِدْتُ بِهِ فَقُومُوا صَدِّقُوهُ

فقلتمْ: لا نقومُ ولا نشاءُ

وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ يَسّرْتُ جُنْداً

همُ الأنصارُ عرضتها اللقاءُ

لنا في كلّ يومٍ منْ معدٍّ

سِبابٌ أوْ قِتَالٌ أوْ هِجاءُ

فنحكمُ بالقوافي منْ هجانا

ونضربُ حينَ تختلطُ الدماءُ

ألا أبلغْ أبا سفيانَ عني

فأنتَ مجوفٌ نخبٌ هواءُ

وأن سيوفنا تركتك عبداً

وعبد الدار سادتها الإماء

كَأنّ سَبِيئَة ً مِنْ بَيْتِ رَأسٍ

تُعفيِّها الرّوَامِسُ والسّمَاءُ

هجوتَ محمداً فأجبتُ عنهُ،

وعندَ اللهِ في ذاكَ الجزاءُ

أتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ

فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُمَا الفِداءُ

هجوتَ مباركاً براً حنيفاً

أمينَ اللهِ شيمتهُ الوفاءُ

فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ

ويمدحهُ وينصرهُ سواءُ

فَإنّ أبي وَوَالِدَهُ وَعِرْضي

لعرضِ محمدٍ منكمْ وقاءُ

فإما تثقفنّ بنو لؤيٍ

جُذَيْمَة َإنّ قَتْلَهُمُ شِفَاءُ

أولئكَ معشرٌ نصروا علينا

ففي أظفارنا منهمْ دماءُ

وَحِلْفُ الحارِثِ بْن أبي ضِرَارٍ

وَحِلْفُ قُرَيْظَة ٍ مِنّا بَرَاءُ

لساني صارمٌ لا عيبَ فيهِ

وَبَحْرِي لا تُكَدِّرُهُ الّدلاءُ

إن تمسِ دارُ ابنِ أروى

إن تمسِ دارُ ابنِ أروى منه خالية ً

بابٌ صَريعٌ وَبابٌ مُخرَقٌ خَرِبُ

فقَدْ يُصَادِفُ بَاغي الخيرِ حاجَتَهُ

فِيها ويَأوي إليها الذِّكرُ والحَسَبُ

يا أيّها النّاسُ أبْدُوا ذَاتَ أنفسِكُمْ

لا يَسْتَوِي الصّدقُ عندَ اللَّهِ والكذِبُ

إلا تنيبوا لأمرِ اللهِ تعترفوا

بغارةٍ عصبٍ منْ خلفها عصبُ

فيهمْ حبيبٌ شهابُ الحربِ يقدمهمْ

مستلئماً قدْ بدا في وجههِ الغضبُ