لا أرى بالعقيق رسما يجيب – الشاعر البحتري

لا أرى بالعقيق رسما يجيب
أسكنت آية الصبا والجنوب
واقف يسأل الديار، وعذل
في سؤال الديار أو تأنيب
ولعمر الحبيب إن اقترابا
منه لو تستطيعه لقريب
طرقت، والطروق، من حيث أمست
في بلاد أمسيت فيها، عجيب
نية غربة، وشوق مقيم
وادع في حجاله محجوب
بت ليل التمام أسهر بالوصـ
ـل بطيف الخيال وهو كذوب
وأرانا على الوصال، وللهجـ
ـر علينا سرادق مضروب
وأخ رابني فأضربت عنه،
أي إخوانك الذي لا يريب
ورأيت الصديق يختان في الود،
كما اختان في الصفاء الحبيب
حفظ الله جعفراً حيث تعرو
من صديق ملمة أو تنوب
ما أبالي إذا أخذت بحبل
منه ما أجمعت علي الخطوب
أريحي يشيد نائله البشـ
ـر إذا ما نعى النوال القطوب
في محل من فارس ما يصاب الـ
ـكل فيه، ولا يحس الغريب
دوحة من فروعها انشعب المجـ
ـد، وفي ظلها تلاقى الشعوب
نجباء، ولم يكن يلد المر
ء نجيباً ما لم يلده نجيب
قدمتهم على ذوي منتاهم
كرم يبهر النجوم وطيب
مجد لا يزال منهم صريخ
كسروي إلى المعالي يصوب
حيث ألفيتهم فثم جناب
ممرع حوله فناء رحيب
وإذا غبت عنهم أبرح الوجـ
ـد، وأربي ضرامه المشبوب
بأبي أنت، لا تسلني بحال
في دخيل الأحشاء منها وجيب
أنا بالشام موطني غير أني
بعد عهد العراق فيها غريب
نبوات من الصديق يروعـ
ـن جنابي كما يروع المشيب
واجتهاد من العدو ودهري
طالب في السلاح أو مطلوب
لا أزور الشآم غلا رقيب
لي على الخل أو علي رقيب
يصدئ الدرع بردتي، وبستا
ني وراحي ذو الميعة اليعوب
حيث لا يصطفى المليح من القو
م لأنس، ولا يراد الأديب
قد أتتنا الأنباء عنك وعن منـ
ـبج حين المحل فيها جديب
جئتها والسحاب فيها مغذ
فأريت السحاب كيف يصوب
وتغولت جانب الليل في سر
ك، والليل فاحم غربيب
ومن الحد في لقائك والحر
مان بعدي عنها وأنت قريب
وعناد من حادث الدهر أن يحـ
ـضر أرضي مخيماً وأغيب
مع شوق إليك تقدح في القلـ
ـب عقابيل بثه وندوب
وتمن لأن أراك وأن يهـ
ـلك إذ ذاك من بلادي الرغيب
فتراني يكون لي فيك حظ
من دنو أحيا به، ونصيب
هو عهد من الليالي حميد
إن تهيا ونائل موهوب
يـ ـابن عبد الغفار سرت مسيراً
أشرفت رغبة إليه القلوب
إن دنا معبد أو انقاد آب
بتأتيك أو أجاب مجيب
أو جرى في الذي تضمنت نجح
فهو ظني بك الذي لا يخيب