تقييم سلوكيات الأطفال الخاطئة

مفهوم السلوك

يصِفُ المعنى اللغويّ لمصطلحِ السلوك عادات الأحياءِ وصفاتهم واتّجاهاتهم واستجاباتهم، ويتمحورُ المفهومُ بصورةٍ خاصَّةٍ حولَ أخلاق الإنسانِ وطبائعه ومسالكه التي يسلكها في مختلف المواقف، فالسُّلوكُ سيرة الإنسان وأخلاقه ومذهبه،[١] أمَّا المعنى الاصطلاحي للسلوك فإنَّه يحملُ إشاراتٍ متنوعة حولَ استجابة الكائنات الحيَّة بصورةٍِ عامَّة والإنسان على وجه الخصوصِ للمؤثرات المختلفة، وما يصدر عنه من أفعالٍ وأنشطةٍ قابلةٍ للقياس والملاحظةِ المباشرة وغير المباشرة، سواءً كان ذلك النشاط حركيّاً أو لفظيّاً أو انفعالياً أو فسيولوجياً أو معرفيّاً، وقد يكون السُّلوكُ فطريَّاً موروثاً أو مُتعلَّماً مُكتسباً.[٢]

سلوكيات الأطفال

يعتمد الطفل في بنائه السُّلوكيّ على تلقّي المؤثِّراتِ من البيئة المحيطة؛ من خلالِ ملاحظته لعاداتِ من حوله وتصرُّفاتهم وأفعالهم، فتنعكس عليه لتشكِّل أنماطاً سلوكيَّةً متشبّعةً في عاداتِه ومُتضمِّنة في شخصيَّته وتكوينه، وقد يبدأ اكتسابُ مثل تلك السُّلوكاتِ بالتّقليد المُتشبَّعِ من البرامج التلفزيونيَّة، أو سلوكات الأصدقاء أو زملاء المدرسة، واللعب، وغيرها من بيئات الطفل ومناطق احتكاكه، وتتنوَّعُ تلك السُّلوكات بين المرغوبِ والمذموم، فيبدي الأهلُ تقييماتٍ تصنيفية نحو هذه السلوكاتِ لتحديد الصَّواب والخطأ منها، فيُلزِم الوالدان الطفل على تعلُّم الحسن، وترك القبيح بأساليب وآلياتٍ مختلفة قد تنفع أحياناً أو قد تزيد الأمر تعقيداً.[٣]

تقييم سلوكيات الأطفال الخاطئة

قد تظهر عند الأطفال بعض الصفات والطباع والسلوكيات الخاطئة أو غير المحببة، وذلك نتيجة اندماجهم بمجتمعاتٍ مختلفة وممارستهم أنشطة جديدة مع تطورهم العمري، فعند تمرُّن الطفل على المشي واعتياده، يبدأ الطفل بمقارنة نفسه بسرعة الآخرين وحيويتهم وحركتهم فيُظهِر الطفل حالاتٍ من الانزعاج والغضب والصراخ بسبب رغبته في القيام بأعمال أكثر إتقاناً، الأمر الذي يسبب له شعوراً بالإحباط والضعف، مما يولد سلوكاتٍ عنيفة تتمثل بالصراخ والغضب والانزعاج،[٤]

مع تطوّر المراحل النمائية للطفل وتعرّضه للمزيد من المواقف والخبرات تبدأ شخصيَّته بتطبيع المشاهد المكتسبة ذاتياً بما فيها من سلوكاتٍ حسنة وخاطئة، وفي المرحلة ذاتها يُمارس الآباء دورهم في تربية الطفل شخصياً وسلوكياً بما يتلاءم مع توجهات الأسرة، وعادات المجتمع، وما يراه الأهل صحيحاً ومرغوباً، وتبرز في هذه الحالة أساسياتُ التقويم السليم والتعديل المرغوب والناجع في شخصية الطفل وتشكيلته السلوكية والأخلاقية والشخصية، إذ يُستحسن في المربي أن يمتلك مهارات تأهيلية تساعده على إتمام صنعته واحتراف التربية السليمة والتقويم الحسن.[٥]

معايير الحكم على السلوك الخاطئ

هناك معايير يمكن من خلالها الحكم على السلوك من حيث كونه سوياً أو شاذاً، ومن هذه المعايير:[٦]

  • معيار النشاط المعرفيّ: يظهر الاختلال في السلوك المعرفي؛ من خلال القصور أو الإعاقة التي تعترض القدرات العقلية؛ كالتفكير والتذكر والإدراك والانتباه والاتصال.
  • معيار السلوك الاجتماعيّ: تبرز سلوكات الأطفال الخاطئة اجتماعياً عندما تخالف العادات والتقاليد والاتجاهات المعروفة والسائدة لدى المجتمع.
  • التحكم الذاتي: يُمكن قياس شذوذ السلوك في تكراره واستمراره، وغياب القدرة على ضبطه والتحكم فيه.
  • المعيار الطبيعي: يقيس هذا المعيار توازن السلوكات مع المؤثرات الطبيعية والاعتيادية، ويعتبر أي سلوك منحرف أو مخالف للطبيعة سلوكاً غير سويٍّ.
  • ردود الفعل الانفعالية: حيث تعتبر السلوكات والتصرفات وردود الفعل المبالغ فيها واللاعقلانية عند وقوع المعاناة والغضب والكروب نوعاً من السلوكات الخاطئة.
  • المعايير النمائية: تمتاز المراحل العمرية للإنسان بخصائص عامة ومظاهر خاصَّة نمائية وسلوكية تُناسب كل مرحلة من عمره، ويعتبر تصدير أحد سلوكات المراحل السابقة إلى مراحل عمريَّة أكثر تقدُّماً مؤشراً واضحاً على شذوذ السلوك وسلبيته.

تقويم سلوكيات الأطفال الخاطئة

يُعدّ تعديل السلوكات الخاطئة عند الأطفال أمراً في غاية الحساسيّة، إذ إنّ التفاعل الإيجابي مع هذه السلوكيات من قبل الأهل والمربين تجعل سلوكات الطفل إيجابيَّة وحسنة، فتعديل السلوك مَوقوف على تغيير العادات والمواقف الخاطئة التي بُنيت عليها شخصية الطفل وسلوكاته المبدئية، وتغييرها بتشكيل أنماط جديدة من السلوكات الإيجابية المقبولة التي تترسَّخ في شخصية الطفل وتعزِّز بناءه وتجعل منه إنساناً سويّاً ومتكيِّفاً مع مجتمعه وذاته.[٧] ويمكن علاج السلوكيات الخاطئة والسلبية عند الطفل باستخدام أساليب مختلفة، منها: [٧]

  • العقاب: يختلف مفهوم العقاب كأحد أساليب تعديل السلوك عن المفهوم الشائع لدى عامّة الناس، حيث يرتبط العقاب عند عامة الناس بالإيذاء النفسيّ والجسديّ والتوبيخ والانتقاد، أما المُراد به علمياً فهو الذي يهدف إلى خفض السلوك غير المرغوب به من خلال طريقتين؛ الأولى تعريض الطفل لمثيراتٍ منفرةٍ عند ظهور السلوك الشاذ أو الخاطئ، والثانية حرمانه من تعزيزٍ يرغَبه كلما ظهر السلوك الشاذ أو الخاطئ، مما يؤدي بالنهاية إلى كبح رغبته في تكرار السلوك.
  • الإطفاء: يُعدّ الإطفاء أحد أساليب تعديل السلوك، ويقصد به إهمال السلوك وتجاهله بحيث لا يلفت انتباه الطفل لأهميته، فيَضعُف السلوك ويتضاءل حتى يختفي.
  • تعزيز السلوك العام: يُسمّى أيضاً تعزيز غياب السلوك، ويتضمن هذا الأسلوب تعزيز الطفل عند قيامه بأي سلوك ما عدا السلوك المراد تقليله، مما يؤدي مع الوقت إلى إطفاء السلوك الخاطئ.
  • تعزيز السلوك النّقيض: يسمى هذا الأسلوب بالإشراط المضاد، ويتضمن تعزيز الطفل عند قيامه بالسلوك النّقيض أو المضاد للسلوك غير المرغوب أو السلوك المراد تقليله، كأن يُعزّز الطفل عند مُداعبة شقيقه الأصغر، حيث إن السلوك الشّاذ الذي كان يمارسه ضرب شقيقه الأصغر.
  • الإقصاء: هو شكل من أشكال العقاب، يتضمن سحب المعززات والمثيرات الإيجابيّة المُحببة للطفل مدة زمنية محددة، وذلك بعد ممارسة السلوك الخاطئ فوراً.
  • الممارسة السلبية: ويشتمل إكراه الطفل على الاستمرار في فعل السلوك الخاطئ كلما قام به مدة زمنية إضافية، الأمر الذي ينعكس على شعور الطفل بكراهية السلوك واعتباره أمراً مزعجاً.

المراجع

  1. “معنى سلوك”، معجم المعاني.
  2. “السلوك”، AL Moqatel، اطّلع عليه بتاريخ 9-5-2017.
  3. أسيمة صالح (9-3-2014)، “التعامل مع السلوكيات الخاطئة عند الأطفال”، عنب بلدي، العدد 107، صفحة 10.
  4. “سلوكيات الطفل- كيف نحسنها ونقومها”، مجلة اليقظة، اطّلع عليه بتاريخ 18-5-2017.
  5. هبة الله سعد (6-3-2016)، “8 قواعد لتعديل سلوك الأطفال”، سوبر ماما، اطّلع عليه بتاريخ 18-5-2017.
  6. مهدي أبو عال (25-5-2011)، “السلوك السوي والسلوك اللاسوي”، جامعة بابل-كلية التربية الأساسية، اطّلع عليه بتاريخ 19-5-2017.
  7. ^ أ ب جمال الخطيب (2008)، تعديل السلوك الإنساني (الطبعة الأولى)، عمان- الأردن: دار الفكر، صفحة 188.