أين يقع مسجد ضرار

المساجد

المساجد في الشريعة الإسلامية هي دور العبادة التي يخلص فيها الإنسان لربّه عز وجل، والتي يتقرب بها إليه، والتي يجتمع فيها مع كلّ من يحبهم، فيتواصل معهم، ومن هنا فإنّ أهداف المسجد كلها خير بخير، ومن هنا، ومن هذه الخيرية التي تشع من المسجد بكافة أوقاته وأحواله، فإن تأسيسه يجب أن يكون متوافقاً مع هذه الغايات الجليلة.

لا يجب أن يكون بناؤ المسجد بهدف نيل الثناء من الناس، ولا يجب أن يكون بناؤه بهدف تقسيم المسلمين إلى أحزاب، ولا يجب أن يُبنى المسجد بهدف نشر ثقافة كره الآخر، وإلغاء مبادئ الأخوة الإنسانية مع الناس، فالمسجد بيت الله، ودار العبادة الذي يجب أن يكون أولاً وأخيراً منارة يلتجئ إليها كل ضال، أو منكوب، أو متعثر سواءً كان مسلماً أم غير مسلم، كما هي طبيعة دور العبادة في كافة الديانات والثقافات، فالله ربّ العالمين، والمسجد ودور العبادة إجمالاً هي بيوت الله، ومن هنا فدور العبادة وعلى رأسها المساجد من المفترض أن تكون للعالمين.

مسجد الضرار

مسجد الضرار هو المسجد الذي بني في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة لأبي عامر الراهب، والذي فر إلى أعداء الدولة الإسلامية دولة الروم، فبنى المنافقون له هذا المسجد، وكان بناؤهم له لأبي عامر وليس لله تعالى، ومن هنا فقد هدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا المسجد، ونزلت الآية الكريمة: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)، إذ كان هذا المسجد سيتّخذ مكاناً من أجل التأليب على المسلمين، ومحاربتهم.

لم يرد ذكر هذا المسجد في كتاب الله -عزّ وجل- لغرض قص قصة على من يقرأ كتاب الله -عز وجل-، بل لأنّ مساجد الضرار ستظل تبنى إلى أبد الدهر، ولكن الفرق يكمن في أنّ الإنسان بعد انقضاء عهد النبوة لم يعد قادراً على التمييز بين ما بني لوجه الله تعالى، وما بني لوجه الشيطان، ومن هنا فإن هذه الآية موجهة بشكل رئيسي لكل من يريد أن يبني مسجداً، فكل إنسان أعلم بنيّته ومقصده، ويجب أن يضبط أي شخص إيقاع تصرفاته وأن يوجه بوصلته لله تعالى قبل أن يقوم بأيّ عمل مهما كان صغيراً. ومساجد الضرار هي المساجد التي تُبنى لرياء، أو شهرة، أو لغاية التفرقة بين المسلمين، أو لغاية بث الكراهية بين أبناء المسلمين وبين أبناء الأرض الذين من المفترض أن يتقرّب الإنسان منهم ويحببهم في دينه بدلاً من أن يلعنهم ويسبهم، وكلٌّ على نفسه بصيراً.