محافظة عفيف

محافظة عفيف

تُعتبر محافظة عفيف واحدةً من محافظات العاصمة السعوديّة الرياض، فهيَ واقعة في الجزء الغربيّ من منطقة الرياض، وتُمثّل مدينة عفيف المركز الإداريّ للمحافظة؛[١] وذلك نظراً لتوسطها بين عدد كبير من القرى يصل إلى 350 قرية،[٢] أمّا عدد سكان المحافظة في عام 2017م فيصل إلى 77978 نسمةً، يُشكّل نحو 67281 منهم مواطنين سعوديي الأصل، بالإضافة إلى 10697 من المواطنين غير السعوديين.[٣]

تعود تسمية محافظة عفيف بهذا الاسم نسبةً إلى بئر عفيف العود الموجود فيها، كما تتميّز المحافظة بحدثٍ تاريخيّ مهم حدث فيها عام 1945م، إذ انطلق الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود بأوّل تحليق جويّ بالطائرة في حياته، فقد حلّق بها من محافظة عفيف إلى محافظة الحويّة في منطقة الطائف، ممّا جعل عفيف المدينة السعوديّة التي تأسّس فيها الأسطول الجويّ السعوديّ.[٤]

موقع وجغرافية محافظة عفيف

تقع محافظة عفيف وسط هضبة نجد، فهي واقعة أعلى الهضبة على ارتفاع يبلغ نحو 1050م- 1200م عن سطح البحر،[٢] وتبعد المحافظة عن الرياض نحو 480 كم باتجاه الغرب، ونحو 400 كم عن مدينة الطائف باتجاه الشرق، ونحو 400 كم عن محافظة القصيم،[٥] وما يقارب 500كم عن مدينة مكة المكرّمة.[٢] وتبلغ مساحة محافظة عفيف نحو 26810 كم2، أمّا حدود المحافظة فتتمثّل بمنطقة القصيم من الجهة الشماليّة، ومدينة مكة المكرّمة من الجهة الجنوبيّة، ومحافظة القويعيّة ومحافظة الدوادمى من الجهة الشرقيّة، ومنطقة المدينة المنوّرة من الجهة الغربيّة،[٦] ويتميّز موقع محافظة عفيف بوقوعه على خطّ الرياض مكة القديم، والذي أسهم بازدهار الحركة التجاريّة للمدينة،[٢] أمّا بالنسبة إلى موقعها الفلكيّ فهو يتمثّل بخط عرض 23 درجة و54 دقيقة، وخط طول 42 درجة و56 دقيقة.[٥]

تقع عفيف في نطاق الدرع العربيّ، لذا توصف جيولوجيّتها بأنّها ذات صخور بركانيّة وناريّة، إلى جانب الصخور الرسوبيّة الموجودة في المناطق السهليّة،[١] ويوصف مناخها بأنّه حار في فصل الصيف، وبارد وماطر في فصل الشتاء، كما أنّ المياه الجوفيّة في المنطقة قليلة،[٥] وتمتلك محافظة عفيف طبوغرافيّةً متنوعةً، فهي تتألّف من مناطق سهليّة واسعة تنتشر فيها المراعي، وتتخلّلها عدد من المرتفعات الجبليّة، والأودية، والكثبان الرمليّة،[١] وهي كما يأتي:[١][٢]

  • المناطق الجبليّة: يُحيط بمحافظة عفيف سلسلة من الجبال من اتجاه الشمال؛ من أشهرها جبل أصفر عفيف، بالإضافة إلى عدّة جبال وهي جبل شعر اكف، وجبل محدى، وجبل الجثوم، كما يوجد في عفيف العديد من المرتفعات الجبليّة، ففي وسط المحافظة إلى الجنوب الشرقيّ منها توجد جبال الأطوله، وجبال المردمة، وفي شرق المحافظة توجد جبال النير، وجبال العرائس، وجبال الكوده، وفي جنوبها توجد جبال رغبا، أمّا في الغرب فيوجد جبل حبر وجبل الغرابة.
  • الهضاب: يوجد في عفيف عدد من الهضاب، ففي الشمال الغربيّ يوجد هضاب الدهم، ومثلثه، وطخفه، والمضيح، أمّا في غرب المحافظة فتوجد هضاب الذنائب والدريعوات.
  • الأودية: من الأودية الشهيرة الموجودة في المحافظة وادي الجرير الذي يبعد 80 كم شمال مدينة عفيف، ووادي الشبرم، ووادي المياه، ووادي غثاه، ووادي أبوعشرة، وبالرغم من ندرة المياه في المنطقة إلّا أنّ وادي جرير يُعدّ رافداً مائيّاً يُغذّي وادي الرمّة.

أهمية موقع محافظة عفيف

تكمن أهميّة موقع محافظة عفيف بوجود عاملين رئيسيين هما: الموارد الطبيعيّة، والموقع الجغرافيّ، فعلى صعيد الموارد الطبيعيّة فإنّ المحافظة تمتلك تنوعاً في الموارد البيئيّة؛ نظراً لتنوّع المناطق الجغرافيّة فيها، الأمر الذي دفع البشر منذ عصور ما قبل التاريخ للاستيطان فيها، فالجبال المنتشرة في عفيف كانت مصدراً للحجارة التي استخدمها البشر قديماً في صناعة أدواتهم البدائيّة، ووفّرت لهم موادّ لبناء مدنهم، كما استطاعوا استخراج المعادن الخام منها لصناعة الأدوات، والأسلحة، وغيرها، إذ يوجد اليوم العديد من المواقع الأثريّة التي تؤكّد استخراج المستوطنون القدامى للمعادن، أمّا الأودية المنتشرة في المحافظة فقد ساهمت في توفير الماء والغذاء، وانتشرت فيها النباتات، والأشجار، والحيوانات البريّة.[١]

تقع محافظة عفيف وسط الجزيرة العربيّة، ممّا جعل منها منذ القدم معبراً للطرق التي تربط بين شرق الجزيرة وغربها، فكانت هذه الطرق التي تخترق وسط محافظة عفيف معابر رئيسيّةً للحجّ والتجارة، الأمر الذي ساهم في تطوّر المدينة من الناحية الثقافيّة والاقتصاديّة، فمن هذه الطرق طريق الحجّ البصريّ الذي يُعرف بكونه طريق تجاريّ مهمّ منذ فترة ما قبل الإسلام، فهو يمرُّ شمال مدينة عفيف بمسافة 40 كم، وطريق حجر اليمامة الذي يربط بين البحرين ومكة المكرمة، والذي يمرّ غرب مدينة عفيف بمسافة 30 كم، كما يلتقي هذا الطريق مع طريق البصرة عند محطة الدفينة الواقعة على بعد 120 كم غرب مدينة عفيف.[١]

مراحل تأسيس محافظة عفيف

كانت محافظة عفيف قديماً منطقةً شبه مهجورة خاصةً في فصل الصيف، ولم يكن يقطنها أحد سوى بعض المسافرين المترحلين بين نجد ومكة في فصليّ الشتاء والربيع، والذين كانوا يتمركزون عند المورد المائيّ المسمّى “عفيف”، وهذا ما يُطلق عليه التشكيل الأوّل لمحافظة عفيف، وبعد ذلك قطن المنطقة بعض من السكّان الذين كانوا يُمارسون تربية الماشية ورعيها، وقد كانوا يتنقلون باستمرار بحثاً عن الآبار المائيّة للاستقرار حولها، كما كان بعض السكّان يمتهنون التجارة، فكانوا يمتطون الجمال وصولاً إلى أسواق مكة والرياض لجلب البضائع.[٤]

بدأ التشكيل الثاني لمحافظة العفيف، والذي حدث بعدما قدّم الملك عبد العزيز المؤسس مكرمةً للمنطقة قبل أكثر من سبعين سنةً، شمل تعبيد الطريق الرئيسيّ الذي يربط الرياض بالحجاز مروراً بمدينة عفيف، والذي يُعتبر طريقاً مهمّاً لتأثيره المباشر على المستوى الاقتصاديّ للمدينة، وقد أدّى ذلك إلى ازدهار مدينة عفيف وتطوّرها، كما حدث لاحقاً نموّ حضاريّ في المدينة بفضل التغيير الشامل الذي حدث في كافة أرجاء المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز، فعُبّدت الطرق الرئيسيّة، ودخلت التكنولوجيا المدينة، وانتشر التعليم، وتوسّع العمران، واستقرّ البدو في القرى التابعة للمحافظة، وأصبح للمدينة دوائر حكوميّة لخدمة المواطنين فيها، كما افتُتحت الحدائق وانتشرت المناظر الجماليّة في المدينة، وافتُتحت الأسواق التجاريّة فأصبحت عفيف مركزاً تجاريّاً مهمّاً.[٤]

محافظة عفيف في التاريخ

استوطن منطقة عفيف في العصر الجاهليّ وعصر الإسلام المُبكّر قبيلة بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصة، ومنهم انحدرت عدّة قبائل قطنت المنطقة، وهم: قبيلة بنو البكاء من عامر بن صعصعة العدنانية، وبنو رواس، والضباب، وبنو جعفر، وبنو الأضبط، وهم بطون قبيلة بنو كلاب بن ربيعة العدنانية، وقد كان لهذه القبائل أثراً تاريخيّاً في وسط الجزيرة العربيّة، فإلى جانب ملكيّات الموارد المائيّة والمعادن، وحدود القبائل، فقد شهدت عفيف “يوم الذنائب” وهو أحد أيّام حرب البسوس التي نشبت بين قبيلتي بكر وتغلب، والتي نجم عنها مقتل زعيم قبيلة تغلب كليب بن ربيعة، كما شهدت المنطقة “يوم شعر” الذي وقعت فيه حرب بين قبيلة بني عامر وقبلية غطفان.[٧]

تقع محافظة عفيف وسط المملكة العربيّة السعوديّة؛ لذلك فقد مرّ بها عدد من أشهر الرحّالة الذين عبروا المنطقة أثناء رحلات الحج، كما وصلها الرحّالة الإنجليزيّ تشارلز داوتي وذلك عام 1876م، وقد وصف مدينة عفيف قديماً بأنّها منطقة يُحيط بها هضاب من صخور الحرّة، ومباني بدائيّة مبنيّة من الكتل البازلتيّة المُشذّبة، وتنتشر فيها أشجار السلم، وأهم ما يُميّزها بئرها الذي يبلغ عمقه نحو عشر قامات، كما مرّ بالمنطقة الدبلوماسيّ اليابانيّ إيجبرو ناكانو عام 1940م، والذي كان في رحلة عمل من جدّة إلى الرياض، فوصف عفيف بأنّها منطقة تنتشر فيها الحشائش الخضراء ورعاة الغنم من البدو المترحلين، وبعدما بدأت عفيف تتحوّل إلى بلدة صغيرة زارها الرحّالة محمود شاكر عام 1942م، فوصفها بأنّها مدينة فارغة إلّا من بئر ماء عذب، وإلى جانبه بُنيت محطة بنزين من الحجارة، وحانوتان لتبادل السلع.[٧]

التعليم في محافظة عفيف

اعتمد أهل المحافظة على الحفظة لتعليم أبنائهم القرآن الكريم، إذ لم يكن في عفيف كتاتيب منظمة يستطيع الصغار التعلّم فيها، واستمرّ الحال على ذلك حتّى عام 1949م، حينما صدرت موافقة من قِبل مدير عام المعارف في منطقة عفيف على افتتاح أوّل مدرسة فيها، فأُقيمت المدرسة السعوديّة لتكون أوّل مكان مُنظّم لتلقّي أبناء المدينة التعليم، وخلال الأعوام 1953م-1957م انخرط غالبيّة من حصلوا على شهادة النجاح في الصف السادس في تدريس الطلّاب في المدرسة، وفي السنوات اللاحقة افتُتحت العديد من المدارس للبنين والبنات في عفيف، وتخرّجت الكثير من بنات المحافظة من كليّة التربية ليُصبحن معلّمات، كما افتُتحت فروع للجامعات، وكليّات العلوم، والطب، بهدف التوسّع في الحصول على التعليم الجامعيّ لأبناء المحافظة.[٢]

اقتصاد محافظة عفيف

كانت الحياة الاقتصاديّة في محافظة عفيف تعتمد بشكل أساسيّ على تربية الماشية، نظراً لطبيعة سكّان المنطقة التي تتصف بالبداوة، والذين استغلّوا المساحات الواسعة من الصحراء في عفيف لتربية الماشية، أمّا البعض الآخر فكانوا يُساهمون في اقتصاد المنطقة من خلال أعمال التجارة والزراعة البسيطة، ومع ازدهار محافظة عفيف في مجال التعليم، والتجارة، والعمران، تطوّر مجال التجارة والزراعة ليواكب الحياة المعاصرة، فأصبح بذلك أساس الاقتصاد في المحافظة.[٢]

السياحة في محافظة عفيف

من أبرز المعالم السياحية في محافظة عفيف ما يأتي:[٤]

  • بركة زينب: تقع هذه البركة بالقرب من منطقة الصقرة والخضارة في محافظة عفيف، ويعود تاريخ إنشائها إلى عهد هارون الرشيد، فقد شيّدتها زوجته زبيدة التي كانت تسعى لخدمة حجّاج الكعبة منذ طفولتها، فأقامت هذه البركة على طريق الحجّاج لتكون ملاذاً لهم، وهي واحدة من عدّة برك قامت بإنشائها.
  • حديقة الملك عبد العزيز: أُنشئت الحديقة بجهود من بلديّة محافظة عفيف، وهي واقعة عند المدخل الشرقيّ للمحافظة، وتضمّ عدّة مناطق للمتنزهين كالمساحات الخضراء، والجلسات، والملاعب، وألعاب الأطفال، والشلّالات، ومطعم يُقدّم الوجبات السريعة والمشروبات للزوّار.
  • حديقة الملك عبد الله: أُنشئت الحديقة في حيّ السليمانيّة.
  • جامع الأمير سلطان: وهو أحد أبرز معالم عفيف الدينيّة، فهو أكبر جامع في المحافظة، وقد شُيّد عام 1978م من قِبل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، كما أعاد ترميمه على نفقته.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح د.سعيد العتيبي (13-12-2013)، “لمحات من تاريخ عفيف .. الموقع وأهميته”، www.afifnews.com، اطّلع عليه بتاريخ 5-2-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ “عفيف والتاريخ”، جريدة الرياض، 8-5-2013، العدد 16389. بتصرّف.
  3. الهيئة العامة للإحصاء (2017)، منطقة الرياض، صفحة 24. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث “نبذة عن المحافظة”، edu.moe.gov.sa، اطّلع عليه بتاريخ 5-2-2020. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت “بلدية محافظة عفيف”، momra.gov.sa، اطّلع عليه بتاريخ 5-2-2020. بتصرّف.
  6. “المحافظات”، www.moi.gov.sa، اطّلع عليه بتاريخ 5-2-2020. بتصرّف.
  7. ^ أ ب د.سعيد العتيبي (21-12-2013)، “لمحات من تاريخ عفيف – عفيف في المصادر وكتب الرحلات”، www.afifnews.com، اطّلع عليه بتاريخ 5-2-2020. بتصرّف.