ماسبب عبقرية بعض الاشخاص ؟ ” المادة البيضاء بالمخ “

فوري17 نوفمبر 2023
ماسبب عبقرية بعض الاشخاص ؟ ” المادة البيضاء بالمخ “

تُرى ما السبب الذي يجعل من بعض الأشخاص عباقرة ويجعل من الآخرين أشخاص عاديين ، وما السر وراء الذكاء الخارق الذي يظهر على أحدهم ويجعل منه شخصاً متميزاً؟ هل هو شيء مادي ملموس داخل المخ أم مجرد تعليم وتدريب متقن وبيئة مؤهلة تعطي الفرصة لظهور الأشخاص المتميزين؟ وفي ظل سعيهم إلى الوصول إلى كشف خبايا المخ البشري ، توصل العلماء إلى أن هناك غلاف رقيق يكاد يكون غير مرئي يتحكم بشكل مباشر في كفاءة وسرعة نقل المعلومات من مراكز المخ إلى بقية أعضاء الجسم ، كما يلعب دوراً رئيسياً في الاستيعاب والتركيز والفهم والقدرة على التعلم .


أسرار المادة البيضاء


ينقسم المخ إلى ثلاث طبقات وهي القشرة الخارجية والموجودة أسفل عظام الجمجمة مباشرة ، ثم المادة الرمادية ، يليها ما يسمى المادة البيضاء . وتحيط المادة البيضاء بمراكز المخ وتتخلل البنية الداخلية لها . تصدر المادة الرمادية بالمخ الإشارات العصبية والتي تتحكم في جميع الوظائف الحيوية ، من تنفس ، دوران الدم ، حركة ، تفكير ، رؤية وغيرها ، ثم تقوم المادة بيضاء بنقلها إلى بقية أنحاء الجسم . والمادة البيضاء مغطاة بطبقة خارجية تسمى الميلين وشكلت تلك المادة لغزاً محيراً أمام العلماء منذ عشرات السنوات ، إلا أن كشفت الدراسات الحديثة أن مادة الميلين تلعب دوراً رئيسياً في سرعة نقل الإشارات العصبية من المادة البيضاء إلى الجسم ، وتلك السرعة تؤثر بدورها على درجة الاستجابة وقوة التركيز ونسبة الذكاء ، وكذلك فإن أي خلل في كمية الميلين يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالكثير من الأمراض العصبية ومن أهمها الاضطراب ثنائي القطب والفصام . يستمر الميلين في التكون حتى سن الخامسة والعشرين ، ولعل ذلك هو أحد أسباب عدم قدرة المراهقين على اتخاذ القرارات الصائبة ، تلك الميزة التي نطلق عليها البلوغ النفسي والقدرة على اتخاذ القرار .


لماذا هم عباقرة ؟


السؤال الذي يتوارد إلى أذهاننا دائماً ، لماذا هذا عبقرياً ، لماذا فلان نابغاً في مجال معين ، هل هو بسبب الذكاء الوراثي أم الحصول على درجات عالية من التعليم ، أم أنها مجرد ضربة حظ؟ والإجابة تكمن في المادة البيضاء . ترتبط المادة البيضاء بالقدرة على التعلم والاستيعاب وخاصة تلك العلوم التي تتطلب المعرفة التراكمية والحفظ واسترجاع المعلومات على المدى الطويل . نجد أن الأطفال لديهم القدرة على التعلم والحفظ بطريقة تفوق الكبار ، ويرجع هذا إلى أن المادة البيضاء لديهم لا تزال قيد النمو والتطور وتظل هذه القدرة موجودة حتى سن الشباب ، نجد الأمر مختلف بالنسبة لكبار السن حيث يبدأ الشخص في النسيان بعد سن الستين الأمر الذي يختلف من شخص لآخر . وهنا يظهر سؤال آخر ، لماذا لا نكون جميعنا أذكياء بنفس الدرجة ولدينا القدرة ذاتها على التميز ، يرجع هذا إلى أن في سن الطفولة ، نمتلك جميعاً قدرة كبيرة على التعلم ، وعند حصول الطفل على فرصة للتدريب واكتساب المهارات وتلقي العلوم والتركيز عليها ، يطور هذا من قدراتها العقلية عن أقرانه ، فضلاً عن الاهتمام الذي يتلقاه من المدرسة والجامعة والمنزل . أما بالنسبة للمهارات مثل الرسامين والموسيقيين ، فإن تعلمهم لتلك الهوايات في سن مبكرة تكون فيها الميلين قيد التطور والنمو ، يهيأ أدمغتهم للممارسة مثل هذه الهوايات ويصقلها التدريب والدراسة في المراحل الحياتية التالية .