سر الفضيلة داخل المخ

فوري17 نوفمبر 2023
سر الفضيلة داخل المخ

اختلف الفلاسفة في تعريف الفضيلة ، فمنهم من قال أنها صفة أخلاقية للتمييز بين الخير والشر ، ومنهم من قال أنها خصلة تنمى في الشخص عن طريق التربية والمجتمع المحيط به ، وحده سقراط الذي كان أقربهم إلى الواقع حين قال حكمته الشهيرة “الفضيلة هي المعرفة” . أي أن الفضيلة مرتبطة بشكل ما بالعقل ، وليس بالنواحي الروحية والتربوية لدى الشخص . أما الآن فلم يعد الأمر متروكاً للشكوك ، وبعدما بدأ العلماء في بحثهم المتعمق في المخ البشري ، أعلنوا أنهم على وشك اكتشاف المنطقة التي تتمركز فيها الفضيلة داخل المخ ، ولاحظوا أيضاً أن الأشخاص الذين يمكن وصفهم بالفضلاء ومن يمتلكون الوازع الأخلاقي بشكل كبير يكون لديهم كمية أكبر من المادة السنجابية . فما هي هذه المادة ، ولماذا تكون أكبر لدى شخص عن الآخر ، وهل يعني هذا أن الفضيلة لا يمكن تنميتها وأن الرذيلة سببها خلقياً وليس مكتسباً ؟


ما هي المادة السنجابية ؟


المادة السنجابية أو المادة الرمادية ، هي العنصر الرئيسي بالجهاز العصبي المركزي ، وتنتشر على سطح النصف الأيمن والأيسر من المخ ، وفي القشرة الدماغية وفي منطقة المهاد . تصدر هذه المادة الإشارات العصبية والتي تتحكم في جميع الوظائف الحيوية بالجسم ، والتي تنقلها بعد ذلك المادة البيضاء لبقية أنحاء الجسم . ترتبط المادة الرمادية بنسبة الذكاء والقدرة على التعلم لدى الأطفال ، وسرعة الاستجابة والانتباه ، وكذلك وُجد أن تدهور المادة الرمادية ونقص كثافتها يعرض الشخص للإصابة بالذهان .


الفضيلة داخل المخ


وفي دراسة طبية حديثة أجريت في 2015 ، وشملت عينة من 67 طالب جامعية يدرسون علم إدارة الأعمال ، والذي خضعوا لاختبارات تقيس مستوى الحس الأخلاقي لديهم ، وكذلك أُجري لهم تصوير للمخ بواسطة الرنين المغناطيسي للوقوف على بنية المخ لديهم . توصلت الدراسة إلى أن كل من هؤلاء المتطوعين كان لديهم مستويات مختلفة من الحس الأخلاقي ، أما من تميزوا بحس أخلاقي مرتفع فكان لديهم كم أكبر من المادة الرمادية في مختلف مناطق المخ . ويعتبر هذا الكشف هو الأول من نوعه والذي يربط علمياً بين الفضيلة والأخلاق ومراكز معينة بالمخ . يفسر هذا الاكتشاف لماذا يتميز بعض الأشخاص بالفضائل والسمات الشخصية الخيرة ، ولماذا يميل البعض الآخر للرذيلة . وعلى الرغم من ذلك ، فإن هذه المادة الرمادية والتي خلقنا بها يمكن تنميتها ، حيث وجد الباحثون أيضاً أن ممارسة تمرينات التأمل وممارسة الطقوس الدينية والروحية يزيد من كمية المادة الرمادية بالمخ . كذلك ، تساهم التربية والبيئة المحيطة في تعزيز الفضائل داخل الإنسان .