حكمة صيام شهر رمضان

إن الذي يغضب خاصة في رمضان لغير ما يغضب الله من سفاسف الأمور و توافيها يفوته الكثير ففي ذلك إهدار للطاقات و إستخفاف بالعقل و نقص من الأجر و الثواب ، أراد الله تعالى لشهر الخير و الرحمة أن يكون بمثابة التدريب العملي الذي يتغير بيه الإنسان المسلم ليكون بعد رمضان خير مما قبله و إلا فحمة الصيام لن تتحقق و لن يتم هذا التغيير إلا إذا دخل رمضان قلوبنا فحررها و جعلها ألين للطاعة و العبادة و أكثر خشية و تقوى ففي هذا الشهر يستدرجهم سبحانه للإكثار من فعل الخيرات و الحكمة من ذلك هي إستدراج المسلم حتى يتذوق حلاوة الإيمان و لذه القرب منه ليواظب على فعل الخيرات و يصبح بعد رمضان خير منه قبل رمضان ..

يعين أيضًا الصائم على التخلص من العادات و الطبائع الخبيثة و إن جبل عليها التي منها الغضب ، فهذا رسول الله صلّ الله عليه و سلم يقول إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قتاله فليقل إني صائم ، في تركيز رسول الله صلّ الله عليه و سلم على يوم صوم أحدكم صورة من صور الإعجاز العلمي فعندما نغضب تزداد نسبة إفراز أحد هرمونات الجسم المسمى بالأدرينالين إلى عشرات الأضعاف يؤدي هرمون الأدينالين إلى زيادة و تسارع حرق هرمون الجلايكوجين في الكبد هذا المخزون مهم فهو يتحول إلى سكر جلوكوز في الدم ليمد الجسم بالطاقة اللازمة أثناء الصيام .


الحكمة من صيام شهر رمضان

أما في حال الغضب يحترق مخزون الجلايكوجين سريعًا ليمد الجسم ما يحتاج إليه من طاقة أثناء الشجار و العراق فما إن ينتصف نهار الصيام إلا و قد أحس الصائم بإنهاك شديد و تعب و إجهاد نتجة استنزاف طاقته في غير محلها الصحيح و كذلك يؤدي هرمون الأدرينالين إلى زيادة الإضرار البولي و بذلك فإن الصائم الغاضب يفقد كمية أعلى من السوائل و في هذا إجهاد للكليتين و القلب و إضرار به و بجسده و قد يصيب الصائم من جراء ذلك إحساسًا بعطش شديد و إنهاك و إعياء في أخر يوم صومه .


الغضب أثناء الصيام

في دراسة إجريت في جامهة هارفرد قام الباحثون بوضع أسئلة تعين الأشخاص الأشخاص الإنفعاليين الذين يعانون من سرعة الغضب و حدة الطبع و اشترك في الدراسة 1305 رجال تمت متابعتهم لمدة سبع سنوات و أشارات الدراسة أن نسبة إصابة الأشخاص سارعين الغضب بالذبحات الصدرية كانت ثلاثة أضعاف نظرائهم الأقل غضبًا وصل الغرب بعد الدراسة و البحث و التقصي إلى أن كظم الغيظ و العفو و الصفح علاج و شفاء و منفعة للإنسان نفسه و هذا مختلف عن الإعتقاد السابق السائد و الذي كان يدعو للتنفيس عن هذه المشاعر و إخراجها و عدم كبتها بل و يجد مبرر للغضب ..

في ثقافتنا الإسلامية تتعدد النصوص التي تحذرنا من الغضب و تحسنا على الحلم يشير القرآن الكريم إلى الذين يتحكمون في إنفعالتهم و يوصفهم في درجة الإحسان و هي رتبه أعلى من الإيمان يقول الله تعالى:-


“و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين “

جعل الله تعالى من عملية الصيام من الخصائص الفسيولوجية ما يدرب به الصائم على كبح جماح غضبه بطريقة لاشعورية فإن أخطأ و غضب المرة الأولى فإنه سيدفع ثمن ذلك غاليًا إعياءًا و تعبًا و إرهاقًا و جوعًا و عطشًا و بذلك فإنه يتفادى بطريقة تلقائية كل ما يجره لإنفعالات الغضب أثناء الصيام فما إن ينتهي الشهر إلا و هو أقدر على التحكم في غضبه من ذي قبل ، فمن كان لديه هذه العادة الذميمه و خرج من رمضان بها فليسأل نفسه هل فاتني رمضان لأن رمضان لم يكن يومًا من أجل رمضان بل من أجل ما بعد رمضان ..