كيف تفقد الشعوب المناعة ضد الاستبداد


في ضميري دائما صوت النبي … آمرا: جاهد وكابد واتعب



صائحا: غالب وطالب وادأب … صارخا: كن أبداً حراً أبي



كن سواءً ما اختفي وما علن … كن قوياً بالضمير والبدن



كن عزيزاً بالعشير والوطن … كن عظيما في الشعوب والزمن

نلاحظ في الفترة الأخيرة السعي الدائم من قبل الشعوب و بخاصة شبابها للحصول على الحرية و الخروج من تحت عباءة الإستبداد التي تطغى عليهم , هذا الإستبداد الذي يمثل آفة تأكل المجتمعات و تقضي عليها .



ملامح الإستبداد .



تحيط بالإنسان مجموعة من العوامل البيئية منها الجغرافية و الإقتصادية و الإجتماعية و التي تؤثر على الإستبداد و طبيعته و بشكل عام فإن الإستبداد لا يميز بين الشرق و الغرب و إنما فقط الطبائع التي تسمح للمستبد بأن يظهر و يمارس إستبداده على الناس .

تعتبر البيئات الفقيرة واحدة من البيئات التي تمثل مرتعًا خصبًا لوجود و نمو الإستبداد , حيث أن الفقر يفقد الإنسان الجرأة و الصحة النفسية فيصبح من السهل ممارسة الإستبداد عليه و بخاصة اذا اقترن الفقر مع الجهل مما يدفعنا الى التساؤل عن : –

1- ما هى العوامل التي تضغط على الشعوب مما يجعلها تتقبل هذا الإستبداد ؟

2- كيف يقوم الطغاة بضرب قوى المقاومة و مسح الشخصية الخاصة بالإنسان ؟

3- ما سر الطاعة التي يبديها البعض لذوي السلطة او لبعض الفئات من الشعب ؟

4- هل تتعرض الشخصية الإنسانية لدى البعض من الشعوب او الامم الى الهدم بشكل متتالي مما يجعل لديهم القابلية لممارسة الإستبداد عليهم ؟

يجب أن تعرف أن اي بيئة ضيقة او قاسية هى مرتع للعبودية حتى أن بعض الناس او المجموعات حاولت التأسيس للعبودية و جعلها نظام فهو لا يرى الا أن العبيد لا يلدون الا عبيد .



هل تقاوم الشعوب محرريها ؟




متى تتمرد الشعوب ؟



اثبتت التجارب على مر التاريخ أن هناك بعض الفئات من الشعوب تقف في صف جلادها لانه غالبًا يملك السلطة عليهم سواء سلطة المال او سلطة النفوذ و المصالح و بخاصة فإن المستبد دائمًا يقوم بإستئناس فئة من المجتمع تقوم بفعل كل ما يأمر به المستبد , كما أن تربية المجتمعات على الإستبداد توجد طبقة من الناس ترى أن السيد هو القاسي و العنيف مما يستوجب الخضوع له , و من العوامل التي يمكن ان تكون مساعدة على الخضوع هى الضغوط التي تتعرض لها الشعوب مما يجعل نفوسها تقبل الإستبداد و الجور و الظلم مما يسهل عليها تقبل الخضوع و نرى افضل تعبير لذلك فيما قاله المتنبي : –

” قد تعيش النفوس على الضيم حتى*** لترى في الضيم أنها لا تضام” .

كما يساهم تبلد المشاعر و البيئة دورًا ملموسًا في تقبل الإستبداد فالبيئة الفاسدة او التي تنتشر بها الرذائل هى بيئة تعمل على قلب الموازين و تجعل من أفرادها عجينة طيعة و سهلة التشكيل و الضغط عليها مما يوصل الى العبودية المختارة .

السؤال هنا كيف تفقد الشعوب حريتها و ترضى بالعيش بغيرها ؟ هل يعود ذلك الى الجبن او الأمل او عدم المبالاة نظرًا لانهم لم يعيشوا الحرية و يقوموا بتذوقها ؟

الإنسان لا يولد عبدًأ او خانعًا للإستبداد و لكن عدم تعهد هذا الإنسان بالنصح و عدم وجود قدوة حسنة تقوم بتوجيهه و وجود بيئة مناسبة كالبيئة المنغلقة و القاسية او الفاسدة يسمح بأن تغلب الرذائل على النفس البشرية مما يجعلها فريسة سهلة للإستبداد و المستبد ليتحكم بها حيث تجد بعض الشعوب تحولت الى العبودية و لم تعد تحن الى الحرية كما لو كانت تخلصت من هم حمل ثقل الحرية على أكتافها .



كيف نتجرع سم الاسترقاق ؟



كيف تقوم الشعوب بتجرع سم الرق و لا تشعر بمرارة هذا السم ؟ . تمثل البيئة المحيطة الدور الرئيسي في سهولة تجرع مثل هذا السم , فالبيئة التي يوجد و ينشأ بها الإنسان حيث الثقافة التي تؤثر على فطرة الإنسان المحبة للحرية فطبيعة او فطرة الإنسان انها محبة للحرية و تعتبر أفضل بيئة لإنعاش الإحساس بالحرية و عشقها وجود أناس متعلمون و مثقفون فهما السلاح الافضل لإنتاج شعوب واعية تواقة للحرية , لذا فإن كل مستبد يقوم بضرب تلك المميزات في اي مجتمع مما يخلق شعوب جبانة جشعة لا ضمير لها و لا تمتلك الشهامة و لا النخوة كما يفقدون الهمة و يصيبهم الهم .



أدوات الإستبداد .



تتعدد أدوات الإستبداد و منها الملاهي و الفنون و الأعياد الكثيرة و الإحتفالات مما يدفع الشعوب الى الأحساس بأنها تعيش في رخاء , حيث أنه يمكن ان يطغى إطعام الفم على مرارة الإستبداد لبعض الوقت و هى احد الطرق لفرض المستبد لسلطته و لكن بعض المستبدين الآخرين يتبعون سياسة التجويع و كذلك اتباع سياسة المنح و المنع مما يجعل الشعوب تشعر بان المستبد يعطيها من ما لديه , كما يقوم بتجهيل الشعوب فالجاهل هو الاسهل في السيطرة عليه نظرًا لغياب الوعي .

دائمًا يسعى المستبد الى قتل الإنسانية لذا فإنه عندما تزول او تخف قبضة الطاغية بشكل مفاجأ فإن تلك الشعوب تنفلت و تصبح الامور فوضاوية و تستهين تلك الشعوب بالقانون و الحرية , و مع الامور الفوضاوية نجد مجموعة من المستبدين الصغار التي تنشأ في محاولة لاستغلال تلك الفئات و تقوم بإضفاء بعض الصفات المبجله عليها و يساعد تفشي الجهل في تسهيل مهمة تلك الشخصيات .

نستطيع نحن كشعوب مسلمة ان نتغلب على تلك العبودية و الإستبداد فقط اذا قمنا بإتباع تعاليمنا الإسلامية في حياتنا في منازلنا في أعمالنا , هنا ستجد انك تقوم بممارسة الحرية المنضبطة و التي تلتزم بحدود الشرع , ديننا يحتوي على الدواء لكل العلل المجتمعية اذا قمنا بفهمه و تطيبق مفاهيمه بشكل صحيح .