قصة السلطانة قسم ” كوسيم ” الحقيقية

كانت السلطانة قسم ”

كوسيم

” من أشهر وأكثر النساء نفوذًا في التاريخ العثماني، فقد امتد تأثيرها ونفوذها على مدار نصف قرن كاملًا، في البداية باعتبارها زوجة السلطان ومن ثم باعتبارها أم السلاطين. وقد وصفها المؤرخ التركي، يلماز أوزتونا، قائلا: ” كانت ذكية إلى درجة استثنائية، ماكرة ومراوغة، أستاذة في صنع خطط سياسية ومؤامرات متعددة الوجوه، مؤثرة ومقنعة في كلامها، كانت تُعنى بإرضاء الشعب، لذا تركت خلفها مؤسسات خيرية كثيرة العدد إلى درجة لا يستوعبها العقل، ثروتها الضخمة جداً انتقلت إلى الخزينة العامة للدولة فأنعشتها “.


قصة السلطانة قسم ” كوسيم ” الحقيقية


النشأة والوصول إلى الدولة العثمانية


وُلدت السلطانة قسم ” كوسيم ” في جزيرة تينوس في اليونان عام 1590، اسمها الحقيقي أناستاسيا. كان والدها أسقفًا، وفي سن الخامسة عشر اشتراها ” سيد أسياد ” البوسنة كجارية ثم أرسلها إلى إسطنبول وتحديدًا إلى حرم

السلطان أحمد الأول

. ودخلت الإسلام في قصر توبكابي بسبب حب السلطان العثماني الرابع عشر أحمد الأول لها، وتزوجها بعد ذلك، وهكذا بدأت حياتها داخل الإمبراطورية العثمانية.


قصة السلطانة قسم ” كوسيم ” الحقيقية


زواجها من السلطان أحمد الأول


كانت جارية السلطان أحمد الاول المفضل، وبعد إسلامها تغير اسمها إلى مه بيكر ثم غير السلطان أحمد الأول الاسم إلى قسم ” كوسيم ” وتزوجها ومنحها نفوذًا كبيرة وقوية داخل الإمبراطورية. أنجبت السلطانة قسم خمسة أبناء وهم شاه زاده محمد ومراد الرابع وشاه زاده قاسم وشاه زاده سليمان وإبراهيم، كما أنجبت أيضًا خمس بنات وهن عائشة سلطان وفاطمة سلطان وجوهر خان سلطان وهانزاده سلطان وبورناز عاتكة سلطان.


أعمال السلطانة قسم ” كوسيم ” الخيرية


اشتهرت السلطانة قسم بأعمالها الخيرية، فقدمت العديد من المساعدات للفقراء في جميع أنحاء

الدولة العثمانية

، وكانت تزور السجن كل سنة في شهر شعبان لتدفع الديون عن المسجونين المحكوم عليهم بالسجن بسبب ديونهم. كما جهزت بنات الأسر الفقيرة عند الزواج وساهمت في أعمال الري في مصر ومساعدة المسلمين الموجودين في مكة والمدينة. وكذلك اهتمت السلطانة ببناء العديد من الأبنية التي تفيد المسلمين والشعب عامة، مثل المساجد والمدارس وينابيع مياه الشرب داخل إسطنبول بل وخارجها أيضًا .


استبعاد السلطانة قسم ” كوسيم ” عن القصر


بعد وفاة السلطان أحمد الأول عام 1617م كانت السلطانة قسم ” كوسيم ” لم تتجاوز سن 28 عامًا، حين تم استبعادها عن سدة الحكم ونقلها إلى القصر القديم، ولكن بسبب حبها للسلطة وذكاءها ودهاءها وفطنتها استطاعت أن تطيح بالسلطان مصطفى مرتين وبعد قتل ابنه عثمان، تم تنصيب السلطان مراد الرابع ابن السلطانة كوسيم عام 1624، وقلدها ابنها منصب السلطانة الأم . ثم تولى أخاه السلطان إبراهيم الحكم عام 1640 إلى 1648، وقد عُرفت هذه الفترة بأنها فترة نفوذ كوسيم المطلقة كسلطانة أم بسبب ضعف شخصية السلطان إبراهيم وانشغاله بالخمر والنساء .


اغتيال السلطانة قسم ” كوسيم “


أُذيعت حكايات جنون السلطان إبراهيم وولعه بالنساء في البلاد، مما دفع الانكشارية إلى التمرد وطالبوا برأس السلطان إبراهيم إلا أن الأمر انتهى بخلعه وتنصيب ابنه الأمير محمد الذي لم يكن قد تجاوز سبع سنوات، وبات يعرف باسم السلطان محمد الرابع. وأصبحت الحاكمة الفعلية للبلاد هي السلطانة نورهان السلطانة الأم والدة السلطان محمد الرابع. وحاولت السلطانة قسم ” كوسيم ” بعد ذلك قتل السلطانة نورهان والسلطان محمد الرابع وتنصيب أحد أخويه الصغار والسيطرة عليه ولكنها فشلت، بعد ذلك سمعت بأن السلطانة نورهان قررت التخلص منها وحاولت الفرار ولكنها فشلت بعد أن عثر عليها خدم القصر وقتلوها خنقًا . وبذلك توفيت السلطانة قسم ” كوسيم ” عام 1651 بعد نصف قرن متصل من النفوذ في الإمبراطورية العثمانية .