تفسير ” ومن أحسن قولا ممن دعا  إلى الله “

{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [سورة فصلت: 33]، تفسير الآية وبيان فيمن نزلت مع ذكر بعض الأحاديث عن فضل المؤذن، وما يتحصل عليه من ثواب عظيم.


تفسير الآية:



{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ}:

أي دعا عباد الله إليه

{وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}:

أي وهو في نفسه مهتد بما يقوله، فنفعه لنفسه ولغيره لازم ومتعد وليس هو من الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه وينهون عن المنكر ويأتونه، بل يأتمر بالخير ويترك الشر، ويدعو الخلق إلى الخالق تبارك وتعالى، وهذه عامة في كل من دعا إلى خير وهو في نفسه مهتد، ورسول الله صل الله عليه وسلم أولى الناس بذلك، وقيل: المراد بها المؤذنون الصلحاء كما ثبت في صحيح مسلم: «المؤذنون أطول الناس أعناقًا

يوم القيامة

» وفي السنن مرفوعًا: «الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، فأرشد الله الأئمة، وغفر للمؤذنين».

قالت

السيدة عائشة

رضي الله عنها: في هذه الآية فهو المؤذن إذا قال: «حي على الصلاة» فقد دعا إلى الله، وهكذا قال عمر أنها نزلت في المؤذنين، وعن أبي لمامة الباهلي، رضي الله عنه أنه قال: في قوله

{وَعَمِلَ صَالِحًا}

قال: يعني صلاة ركعتين بين الآذان والإقامة، وعن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال: «بين كل آذانين صلاة»، وعن

أنس بن مالك

رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة».

جاء عن الحسن البصري أنه تلى هذه الآية فقال: هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحًا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين، هذا خليفة الله.


سبب نزول الآية:


جاءت الآية عامة في المؤذنين وفي غيرهم، وأما حال نزول هذه الآية فإنه لم يكن الآذان مشروعًا بالكلية، لأنها مكية والآذان إنما شرع بالمدينة بعد الهجرة، حين أريه عبدالله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري في منامه، فقصه على رسول الله صل الله عليه وسلم، فأمره أن يلقيه على بلال فإنه أندى صوتًا كما هو مقرر في موضعه.


أحاديث في فضل المؤذن:



عن

سعد بن أبي وقاص

أنه قال: سهام المؤذنين عند الله يوم القيامة كسهام المجاهدين، وهو بين الآذان والإقامة كالمتشحط في سبيل الله في دمه.




قال ابن مسعود: لو كنت مؤذنًا ما باليت ألا أحج ولا أعتمر ولا أجاهد.




قال

عمر بن الخطاب

: لو كنت مؤذنًا لكمل أمري، وما باليت ألا أنتصب لقيام الليل ولا لصيام النهار، سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: «اللهم اغفر للمؤذنين» ثلاثًا، قال: فقلت: يا رسول الله تركتنا ونحن نجتلد على الآذان بالسيوف، قال: «كلا يا عمر، إنه يأتي على الناس زمان يتركون الآذان على ضعفائهم وتلك لحوم حرمها الله على النار، لحوم المؤذنين».