معنى الحوار والجدال والمناقشة والفرق بينهم

كثيرا ما نقع في حيرة عند اختيار الألفاظ الصحيحة، والتي تدل على أشياء معينة ، يحتاج إلى وصفها الكاتب أو المتحدث، حيث أن الخطأ في اختيار اللفظ يغير المعنى والمقصود منه، ومن بين هذه الالفاظ هي الحوار والجدال والمناقشة، ولكل لفظ معناه والغرض منه، وفقا لما جاء في القرآن الكريم وتفسير معانيها في المعاجم العربية.


أولا الحوار



الحوار

في اللغة يأتي من الحور ( بسكون الواو ) وهو الرجوع عن الشئ وإلى الشئ، فيقال هم يتحاورون أي يتراجعون بالكلام .

الحوار في معناه الاصطلاحي هو حديث بين شخصين، يتحدثون فيه عن موضوع معين، ولكل منهما وجهة النظر الخاصة به والتي يحاول توضيحها للطرف الآخر، ويكون الهدف منه هو التقريب في وجهات النظر المعتمدة على العقل والعلم ، بعيدا عن أي تعصب .

ولعل الحوار هو الأسلوب الأفضل الذي من المفترض أن يتبع في حياتنا اليومية، سواء في العمل أو في المنزل، وبين أفراد الأسرة، وحتى في الشارع ، ومن أهم سمات الحوار هو الهدوء والبعد عن أي تعصب أو خصومة .


ثانيا الجدال


الجدال في اللغة يأتي من جدل أي شدة الفتك، والجادل من الإبل وهو الذي قوي ومشي مع أمه ، ويقال رجل جدل إذا كان قوي الخصام ، ففي اللغة تدل كلمة الجدل على القوة والشدة .

دائما يكون الجدال بين شخصين متخاصمين حول موضوع معين، حيث يكون لكل واحد منهما وجهة النظر الخاصة به، والذي يعتقد فيها ويصدقها، رافضا تصديق وجهة النظر الآخرى، وهو بذلك متعصب لرأية حتى لو كان خطأ، ومن أهم سماته القوة والشدة في الكلام و

التعصب

بالرأي.

ولا يهتم أي من الخصمين أن يذكر الحقيقة حتى لو يعلمها، لأن الهدف هو أن يحقق الغلبة على الخصم، وهنا فإن الجدال ممنوع ومرفوض وليس من الآداب العامة ، ويدخل ضمن نطاق الجدال أيضا ما يقال عنه السفسطة ( اي من يحاول بالمعنى العامي اللف والدوران ) وأيضا المهاترة باستخدام حجج غير مبررة والاعتماد فقط على

فن الحديث

والكلام.

وقد ورد لفظ الجدال في القرآن الكريم في سياق الذم تسعة وعشرين مرة، إلا في ثلاثة مواضع فقط وهي:

قوله تعالى : (إدْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)

، وقوله تعالى: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)

، وقوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا)

وهنا فإن الجدل مذموم لأنه يفتقد شروطا أساسية كطلب الحق مثلا، فقال تعالى (قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا)، فنستنتج هنا بأن الجدل لا يحمد إلا أذا قورن بالحسنى.


ثالثا النقاش


النقاش في اللغة يأتي من نقش أي رسم وهنا رسم الكلام.

يعرف النقاش على أنه حديث بين شخصين، يكون على أساس التوضيح أي توضيح أخطاء الطرف الآخر، للوصول إلى نهاية ومصلحة لكلا من الطرفين، فإما أن تكون وجهة النظر صحيحة لأحد الطرفين، وإما أن تكون خطأ ، لذلك فإن النقاش أسلوب رائع متأدب ، ينتهي بالخير على كلا من الطرفين دون أي تغطرس .


رابعا المناظرة


لابد من ذكر معنى المناظرة في هذا الموضوع، والذي يعني الحديث بين طرفين متضادين في الرأي، كل طرف يقدم ما عنده بالأدلة والبراهين والمنطق، والدراسات والاحصائيات، بدون التطرق إلى الكلام المطلق، وفي الحقيقة تعتبر المناظرة من أهم أنواع الحوار ولكنها تحتاج إلى أشخاص ضليعين جدا ومتمكنين جدا سواء في العلم أو اللغة .


ومن أصول الحوار والنقاش:


1- التكافؤ بين المتحاورين، سواء في العلم والثقافة، أو العقل والفهم ، لأن غير ذلك قد ينتج عنه خروج الحوار عن مسارها، وهنا يظهر الجاهل وينطق لسانه بالجهل ، ويتحول الحوار إلى تهريج .

3-  التمتع بالأخلاقيات و

أداب الحديث

لكل من المتحاورين .

4-  لابد أن يكون التعامل بين المتحاورين باسلوب الحزم المحترم .

5- البعد عن الحكم على الطرف الثاني قبل انتهاء الحوار أو المناقشة .

6- استبدال الأمر بصيغة الرجاء أو الاقتراح .

7- تعويد النفس على حسن الاستماع والانصات للآخرين ، والتمعن في كل لفظ وكلمة تخرج منهم .

8- اعطاء الفرصة للطرف الآخر لابداء الرأي والحجة والبرهان عليه ثم الرد عليه بكل احترام