بحث عن عوامل نشأة الفلسفة الإغريقية

تعتبر الفلسفة الإغريقية أحد أقدم وأهم وأبرز الفلسفات على مر العصور، ولطالما ساهمت في الارتقاء بالفكر الإنساني والنهوض وبه وتوعية المجتمع، والعمل على دحر التراث الباطل والتخلص من الأفكار والمعتقدات الغامضة غير الصحيحة، وكان لتلك الفسفة أبرز الأثر في تقدم المجتماعات القديمة في القرون الماضية، وفيما يلي نلقي الضوء على نشأة تلك الفلسفة في ضوء عدد من العوامل.


عوامل نشأة الفلسفة الإغريقية

1- العوامل التاريخية:


بدأت الفلسفة الإغريقية في الظهور في القرن الخامس واستمرت حتى القرن التاسع قبل الميلاد، وتمكنت تلك الفلسفة بعد ان انتشرت من توحيد الشعوب الإغريقية في بلاد

اليونان

الكبرى، وبالفعل تقاربت وجهات النظر بين كثير من القبائل والمدن داخل كيان الأمة اليونانية بعد أن كانت متفرقة في جزر بحر إيجه وآسيا الصغرى و

منطقة البلقان

وشبه جزيرة المورة وجنوب إيطاليا وصقلية، وفي تلك الأثناء أطلق الرومان اسم الإغريق على اليونانيين؛ لأنهم كانوا يتحدثون الإغريقية.


2- العوامل الاقتصادية


ساهمت الفلسفة الإغريقية في نشر الوعي الاقتصادي في اليونان، وتركت بصمة واضحة في شتى أمور المال والتجارة والمقايضة وذلك بسبب كونها حلقة وصل ما بين الشرق والغرب، وقد كان لأثينا أسطول تجاري بحري كبير ساعدها على الانفتاح والتبادل التجاري مع مختلف شعوب العالم وخاصة شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط، فضلًا عن اكتشاف المعادن وما ساهمت فيه من تطوير الاقتصاد اليوناني.

وكان للفلسفة الإغريقية القديمة عدد من الشعارات والمبادئ التي رسختها وساهمت على إثرها في تنشيط المفاهيم الاقتصادية لدى الشعب، وذلك من حيث ارباب العمل والعلاقة بينهم والعاملين لديهم والخدم والعبيد، وكذلك المبادئ الفلسفية الاقتصادية المرتبطة بتوزيع الثروات والتقييم المالي للأشخاص وكيف أن الحالة المادية للأسرة ليست معيارًا لتقييم مدى صلاحيتها وتأثيرها الإيجابي في المجتمع.


3- العوامل السياسية


ساعدت الأفكار الفلسفية المختلفة التي انتشرت منذ عدة قرون في بلاد الإغريق، على تكوين جو سياسي ملائم لانبثاق مقومات هذه الحضارة، فعلى سبيل المثال استطاعت الفلسفة وأفكارها السياسية ان تخرج أثينا من النظام السياسي الديكتاتوري الذي يقوم على حكم الأقلية والنبلاء ورؤساء وشيوخ القبائل والعشائر الذين كانوا يملكون الإقطاعيات والأراضي الواسعة، وتحولت لمناطق يحكمها الشعب ويختار حكامه بنفسه بعد ان كان مجرد عبيد ينفذ أوامر الحاكم بعد تأليهه عليهم.


4- العوامل الجغرافية


لقد ساعد الموقع الجغرافي لليونان أن تنهض وتحقق طفرة شاملة بالاستعانة بأفكارها الفلسفية العظيمة التي مالبثت أن انتشرت بين الدول المجاورة بفعل الموقع الجغرافي لليونان؛ فهي دولة يحيطها من الشرق بحر إيجة وآسيا الوسطى التي كانت تمد اليونان بمعالمها الحضارية وثقافات الشرق، ويحيطها من الغرب إيطاليا وصقلية و

إسبانيا

وكلها لها حضارات عظيمة، أما من ناحية الشمال فيحدها مقدونيا؛ ولذلك فإن اليونان القديمة أحد أهم دول العالم ومهد المدنية والحضارة والحكمة فيه.

وقد كانت أثينا كذلك مهدًا للنهوض بالعالم المحيط بها بعد أن انتشرت الفلسفة منها إلى دول الجوار؛ فأثينا تقع غرب إسبارطة، وموقعها المميز والاستراتيجي هذا ساعد اليونانيون القدماء على الخروج منها إلى مدن آسيا الصغرى، ومنها استطاعوا نقل حضارة الشرق من وإلى بلاد اليونان، وعلى إثر ذلك عرفت أثينا عددًا من الأنشطة الفكرية والفلسفية العظيمة التي أثرت على النظام السياسية ومبادئ الحرية والعدالة والمساواة، وغيرها من شعارات ومبادء الحكمة والنزاهة والوعي الإنساني.


5- العوامل الفكرية


لقد كان للفكر اليوناني القدرة على خلق فلسفة عامة جديرة بأن تنال احترام العالم في مختلف المجالات الفكرية؛ ففي مجال الأدب انتشر الشعراء وعلى رأسهم ”

هوميروس

” الذي كتب ملحمتي الإلياذة والأوديسة الخالدتين، وكذا “أرسطو” وهو الفيلسوف العظيم الذي أبهر العالم بأدبه حينما اهتم بالتنظير في فن الشعر والبلاغة والدراما التراجيدية وذلك في كتابيه “فن الشعر” و “فن الخطابة”، كما ساهم فلاسفة إغريق في تطور الفكر والأدب المسرحي مثل “سوفكلوس” و “يوربيديس” و “أسخيلوس”.