نونية الإمام القحطاني الأندلسي

نونية القحطاني هي عبارة عن نظم شعري تم نسبه للإمام أبو عبد الله محمد بن صالح المُعافري القحطاني المشهور بالإمام القحطاني الأندلسي، وهو فقيه وحافظ، قام القحطاني في هذه الأبيات الشعرية التي بلغ عدد أبياتها 690 بيت على نظم العقيدة وأركان الإسلام، وبعض المسائل الفقهية وبعض مسائل الإيمان المتنازع عليها، وصفات الله عز وجل، بجانب بعض الآداب والمواعظ والحكم والأخلاق الحميدة.


بعض ما قيل في نونية القحطاني:


أعتنى بنونية القحطاني العديد من مشايخ الدعوة وعلماء العقيدة في العصر الحديث والعصر القديم، فأما علماء العصر الحديث فهم عبدالرحمن البراك، وحمد بن شمس الدين وغيرهم من مشايخ الدعوة السلفية، وأما من علماء العصر القديم مثل

ابن القيم الجوزية

، الذي أطرى عليها وعلى شاعرها القحطاني ولم يكتف بذلك بل اقتبس منها في شعره فقال:

ولقد شفانا قول شاعرنا الذي ** قال الصواب وجاء بالإحسان

إن الذي هو في المصاحف مثبت ** بأنامل الأشياخ والشبان

هــو قــول ربـي آيــة وحروفـــه ** ومدادنــا والرق مخلوقــان


وقفة مع بعض النقاط في نونية القحطاني:


استوقفت بعض الأبيات في نونية القحطاني بعض المحققين ممن وجدوا أنها تأخذ عليها وذلك إما لتطرقها لمرحلة التكفير مثل قوله بكفر فرقتي المرجئة والقدرية في قوله:   مرجيهم يزري على قدريهم ** والفرقتان لدي كافرتان

أو لأنه تطرق لبعض الأمور العلمية واتخذ رأيه الشخصي فيها دون أن يعتبر بآراء العلماء مثل قوله بأن الأرض مسطحة وليست كروية كما يدعي العلماء في نظره فقال:

كذب المهندس والمنجم مثله فهما لعلم الله مدعيان

الأرض عند كليهما كروية وهما بهذا القول مقترنان

والأرض عند ألي النهى لسطيحة بدليل صدق واضح القرآن

والله صيرها فراشا للورى وبنى السماء بأحسن البنيان

وهو ما تناوله الإمام محمد بن شمس الدين في تناوله للأبيات بالشرح والتعليق لتصحيح هذا الخبر فقال:

وقد استشكل على الناظم قول الله تعالى {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 20] فظن أن معناه أن

الأرض مسطحة

، بالرغم من أننا نرى به دليل على كرويتها، لأن الله تعالى ذكر هذه الآية في مقام الإعجاز فكأنه سبحانه وتعالى يقول: بالرغم من أن الأرض كروية إلا أناي جعلتها مسطحة في ما يراه ويحسه الذي يعيش عليها، ولو كانت مسطحة لكان ذلك أمراً عادياً، كذلك فأظن أن الشيخ لم يتأمل قوله تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} فهذا التكوير لا يمكن أن يكون لأرض مسطحة بل لأرض كروية، فهذا نص قرأني واضح في كروية الأرض.

ولم يكتفي الإمام محمد بن شمس الدين بذلك بل رأى أن نونية القحطاني تحتاج إلى شيء من العناية والترتيب حيث أن الشاعر كان ينتقل من موضوع إلى آخر بدون ترتيب فلم يخصص مثلًا فقرة للعقيدة ، وأخرى للفقه بل كان يتنقل من فقه إلى عقيدة إلى أخلاق ثم يعود إلى عقيدة وهكذا فقام محمد بن شمس الدين على ترتيب أبيات المنظومة حسب الموضوعات.


بعض الأبيات الشعرية من نونية القحطاني:

أنت الذي صورتني وخلقتنـي وهديتنـي لشرائــع الإيـمان

أنت الذي علمتني ورحمتني وجعلت صدري واعي القرآن

أنت الذي أطعمتني وسقيتني من غير كسب يد ولا دكان

وجبرتني وسترتني ونصرتني وغمرتني الفضل والإحسـان

أنت الذي آويتنــي وحبوتنـي وهديتني من حيــرة الخذلان

وزرعت لي بين القلوب مودةً وعطفت منك برحمةٍ وحنــان