شرح حديث مراتب الدين

هناك درجات محددة في الدين الإسلامي يصل إليها المسلم وفقًا لعمله في الدنيا ، و التي تُسمى مراتب الدين الإسلامي ، و تلك المراتب لا تفرق أحد عن أحد إلا بالعمل الصالح و التقوى ، فكلما زاد عمل الإنسان الصالح زادت مرتبته .


مراتب الدين الإسلامي


مرتبة الإسلام

– الإسلام هو أول مراتب

الدين الإسلامي

، بل و هو المرتبة الأساسية في الدين ، قال تعالى: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) ، و يكون الإسلام بأن يشهد المرء بأنه لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله ، و هذا هو الركن الأول من أركان الإسلام الخمسة .

– و الإسلام في المعنى العام هو عبادة الله الواحد الأحد ، أما في معناه الخاص فهو الدين الذي جاء به الرسول الكريم محمد صل الله عليه وسلم ، و يُراد به الدين الإسلامي بمعناه الشامل ، بأصوله ، و فروعه ، و ما اشتمل عليه من اعتقاد ، و قول ، و فعل ، غير مقترن بالإيمان ، كما يُراد به الدين المقترن بالإيمان ، و ما يشير إليه من أفعال ، و أقوال ظاهرة .

– عن الصحابي

عمر بن الخطاب

رضي الله عنه، أن

الرسول عليه الصلاة والسلام

قال: (الإسلامُ أن تشهَدَ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وأن مُحمَّدًا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، و تُقِيمَ الصَّلاةَ ، و تُؤتِيَ الزَّكاةَ ، و تصُومَ رمَضانَ ، و تحُجَّ البيتَ ، إن استطَعْتَ إليه سبيلًا) ، و قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في بيان الحديث السابق : (وَالْمَقْصُودُ تَمْثِيلُ الْإِسْلَامِ بِبُنْيَانِهِ وَدَعَائِمُ الْبُنْيَانِ هَذِهِ الْخَمْسُ، فَلَا يَثْبُتُ الْبُنْيَانُ بِدُونِهَا، وَبَقِيَّةُ خِصَالِ الْإِسْلَامِ كَتَتِمَّةِ الْبُنْيَانِ) .


مرتبة الإيمان

– الإيمان هو التصديق بالدين ، و عندما يصل الإنسان إلى مرحلة الإيمان فإنه يصبح كامل اليقين الراسخ في نفسه و لا يتزعزع ، و هو مرتبة أعلى من الإسلام ، فقد يكون المرء مسلماً و لكن لم يتمكن الإيمان من قلبه بعد ، و للإيمان حالتان ، و هما أولاهما الإيمان غير المقترن بذكر الإسلام ، و يراد به حينها الدين جمله ، و قد حصره الله في من التزم بباطن الدين ، و ظاهره ، أما بالنسبة إلى الحالة الثانية فهي الإيمان المقترن بالإسلام ، و يُراد به حينئذ الاعتقادات الباطنة .

– قالهُ الله بحق

الأَعراب

: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) ، ولا يصح الإيمان ببعض المعتقدات دون الآخر ، كما كان في الجاهلية من الإيمان بالربوبية دون الألوهية ، حيث قال الله سبحانه في حالهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَـنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَـنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا) .

– يقوم الإيمان على ستة أركان ، و هي :

الإيمان بالله

، و ملائكته ، و كتبه ، و رسله ، و اليوم الآخر ، و بالقدر سواءً كان خيراً أم شراً ، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم لـ

جبريل عليه السلام

في الحديث الذي يرويه

البخاري

في صحيحه: (أن تَؤْمِنَ باللهِ وملائكتِه وبلقائِه ورسلِه، وتُؤْمِنُ بالبَعْثِ) ، و قال

الحسن البصري

في ذلك : (ليس الإيمان بالتحلي ، و لا بالتمني ، و لكن هو ما وقر في القلوب ، و صدقته الأعمال) .


مرتبة الإحسان

– مرتبة الإحسان هي أعلى المراتب ، و من يصل إليها فقد أسلم و دخل الإيمان في قلبه ، و لا يصل إليها العبد إلا حين يخلص قلبه لله تعالى و يكثر من طاعته و تتحقق لديه التقوى ، أما عن تعريف الإحسان في اللغة فهو ضد الإساءة ، و هو إتقان العمل ، و إجادته ، و إخلاصه .

– أما بالنسبة للتعريف الاصطلاحي للإحسان فهو ، أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، و هذا من أشد ما يعلق قلب العبد بربه ، و يمكن أن ينقسم الإحسان إلى قسمين و هما أولاهما الإحسان إلى العباد ، و ثانيهما إحسان العبد في عبادته لله ، و ترك المحرمات ظاهرها ، و باطنها ، ومما يدل على ذلك قول الله تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ، كما قال أيضاً: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) .

– و قد جاء تعريف الإحسان في

الحديث الشريف

، و له ثلاث مراتب : أولاها خوف الله ، و خشيته ، و استشعار مراقبته ، فيعبده كأنه يراه بقلبه على وجه الحضور ، و ثانيها الحياء منه سبحانه ، فيستحي أن يراه الله و هو على معصية ، و أن يفقده في مكان أمر ، أو طاعة ، و لا يجعله أهون المطلعين ، و الناظرين إليه ، و المرتبة الثالثة هي أنس العبد بربه ، و اطمئنانه إليه .