نور الدين زنكي والكاهن اليهودي

غزا الصليبيون العالم الإسلامي في عام 1095 واحتلت القدس ، ومعظم دول المشرق تحت ضعف

الدولة العباسية

في العراق ، ووسط الهزائم المبتلاة بها الدول الإسلامية ، ظهرت راية الجهاد لتحريرها من أيدي الصليبيين للشخصيات التي كتبت أسمائهم في التاريخ ، و كان أبرزها

صلاح الدين الأيوبي

، الظاهر بيبرس ،

سيف الدين قطز

، و نور الدين زنكي.

كان

نور الدين محمود

، ابن عماد الدين زنكي ، مؤسس الدولة الزنكية ، واحداً من أكبر الزعماء المسلمين الذين قاتلوا ضد الصليبيين في المشرق وجاءوا إلى الدولة الفاطمية في مصر ، ووصفه المؤرخون بأنه أجمل حاكم مسلم بعد الخليفة عمر بن عبد العزيز .

نور الدين زنكي

– ولد نور الدين محمود زنكي ، في 17 شوال 511 هـ 1118 م ، في حلب ، و نشأ تحت رعاية والده ، و كان ملك حلب والموصل وغيرها ، و قد تعلم القرآن والفروسية.

– نور الدين اعتنى بمصالح الرعية ، و ما تمكن من الحصول عليه من اقطاعيات و اراضي أعطاها إلى الإقطاعيين من العرب البادية ، و اقام العديد من المدارس منها العدلية و النورية و دار الحديث ، كما أن نور الدين هو أول من بنى مدرسة حديثة قام ببناء مسجد نوري في الموصل ، و قد بنى الخانات على الطرق ، وكان متواضعاً وكريما ، وكرّم العلماء ، ودرّس في المدرسة الحنفيّة ، وكان الفقهاء عليه.

قتال نور الدين زنكي ضد الصليبيين

عرف نور الدين محمود ، ذو الثلاثين عام ، بكونه واضحاً في رؤيته ، و كان هدفه منذ توليه السلطة حتى موته ، الجهاد لتحرير الأرض من الصليبيين المعتديين ، وخاصة

بيت المقدس

، وتوفير الأمن للشعب ، وأدرك أن النصر على

الصليبيين

لا يمكن تحقيقه إلا بعد فترة طويلة من الجهاد المرير الكامل من التضحيات في خطوات متتالية أقرب إلى كل يوم حاسم ، وضع بالتالي أسس سياسة متكاملة تشمل توحيد بلاد الشام و مصر ، التي عانت الاضطرابات.

شجاعة نور الدين زنكي

قال عنه الحافظ ابن كثير: “وأما شجاعته فيقال: إنه لم ير على ظهر فرس أشجع ولا أثبت منه”، وقال كذلك: “وكان شجاعاً صبوراً في الحرب، يضرب المثل به في ذلك، وكان يقول: قد تعرضت للشهادة غير مرة، فلم يتفق لي ذلك، ولو كان فيّ خير ولي عند الله قيمة لرزقنيها، والأعمال بالنيات، وقال له يوماً قطب الدين النيسابوري: بالله يا مولانا السلطان لا تخاطر بنفسك؛ فإنك لو قتلت قتل جميع من معك وأخذت البلاد، وفسد المسلمون؛ فقال له: اسكت يا قطب الدين فإن قولك إساءة أدب مع الله، ومن هو محمود؟ من كان يحفظ الدين والبلاد قبلى غير الذي لا إله إلا هو؟ ومن هو محمود؟ قال فبكى من كان حاضراً رحمه الله” .

قصة نور الدين زنكي مع الكاهن اليهودي

هذه الرقعة دونها الأمير نور الدين زنكي عام 551 هجرية (أنا المنتصر بالله المجاهد في سبيله الأمير نور الدين زنكي طلبت كتابة هذه الحادثة ليقرأها من له علم بالقرآن و التوراة والإنجيل و

علم الفلك

، في شهر صفر من عام 551 هجري كنا نجاهد الإفرنج في انطاكيا وقد حاصرنا حصناً اسمه “حارم” و أثناء حصارنا نظرت فرأيت بيت من عيدان الشجر فقلت لمن هذا البيت فقالوا انه لكاهن يهودي فقلت أحضروه بين يدي فلما أحضروه لاطفته بالكلام فعرفت انه تجاوز المائة عام من عمره فسألته ما علمك فقال الكثير فقلت عن أمتي وأمتك فقال أتُصدقني لو قلت يأتي زمان نقبض أربع أركان الأرض فيه فقلت ألا لعنة الله عليك كيف؟ ، فقال أتُصدقني لو قلت لك سوف نعلو عليكم و نقتل صغاركم و رجالكم و نتوج عليكم ملوككم ،فقلت: انك لكاذب قال: أتصدقني لو قلت لك في ذاك الزمان نطعم ونسقي نجوع ونميت و بإشارة من إبهامنا ندك المدن و أعظم الملوك يركع لنا فقلت انك لشيطان و من يدمركم و كيف تنتهون فقال لا نخشى إلا من ملك بابل فانه طاغية جبار عنيد ينقلب علينا بعد إن توجناه فقلت أكمل حديثك فقال نجمع عليه أهل الأرض مرتين وجنود لا طاقة له بها ، ويأتي طير من السماء يلقي ما في بطنه فيظن الناس وجنده وأهله أنه انتهى فيمرح أعداؤه ويبتهجون ولكن لا تكتمل البهجة، ويظهر بعد أيام معدودة كأنه عفريت من

الجن

، فيتبعه رجال ظلمه لارحمة في قلوبهم فيكون سبب في قتل بشرا لا يحصون وتكون نهايتنا على يديه ويقتل منا ما لا يتخيله بشر ويموت بالحمى في وادي السيسبان فقلت والله انك لكاذب، فقال: والله يا مولاي لو قرأت كتابكم وحديث رسولكم بحفظ وعلم لوجدتني صادقاً.