العظة والعبرة من قصة اصحاب الاخدود


قصة أصحاب الاخدود

هي قصة ظلم تتكرر كثيرًا في تاريخ الدعوات، وهي في الوقت ذاته قصة فداء وتضحية في سبيل الدين، سُطرت القصة بدماء الشهداء لتصبح نور يضيء درب المؤمنين ولعنة تصب على الكافرين أو الظالمين الغاشمين، والقصة أيضًا تاريخ ناصع لا يكذب عن طبيعة المعركة التي كانت تدور بين المؤمنين والكافرين وبين الطغاة والدعاة، وبين البغاة والهداة، تحوي قصة أصحاب الاخدود على الكثير من الفوائد الهامة والتي تتخذ للعبرة والعظة يمكن اعتبارها من

قصص قبل النوم

للصغار .

قصة أصحاب الأخدود

عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلّ الله عليه و سلم قال : (( كان ملك فيمن كان قبلكم ، و كان له ساحر ، فلما كبر قال للملك : إني قد كبرت فابعث إلي غلاماً أعلمه السحر ، فبعث إليه غلاماً يعلمه ، و كان في طريقه إذا سلك راهب ، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه ، وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب و قعد إليه ، فإذا أتى الساحر ضربه ، فشكا ذلك إلى الراهب فقال : إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي و إذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر .

فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس ، فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل …

فأخذ حجراً فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس ، فرماها فقتلها و مضى الناس ….

فأتى الراهب فأخبره ، فقال له الراهب أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى فإن ابتليت فلا تدل علي …

و كان الغلام يبرئ الأكمه و الأبرص ، و يداوي الناس من سائر الأدواء فسمع جليس الملك و كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال ما ههنا لك أجمع ، إن أنت شفيتني ، فقال إني لا أشفي أحداً .إنما يشفي الله تعالى ، فإن آمنت بالله تعالى دعوت الله فشفاك فآمن بالله تعالى فشفاه الله تعالى .

فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك : من رد عليك بصرك ..؟

قال ربي قال ولك رب غيري ؟..! .. قال ربي و ربك الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام

فقال له الملك : أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ منه الأكمه و الأبرص و تفعل و تفعل فقال : إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله تعالى … فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب فجيء بالراهب فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ، ثم جيء بجليس الملك فقيل له ارجع عن دينك فأبى ، فوضع المنشار في مفرق رأسه ، فشقه به حتى وقع شقاه ..

ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به إلى جبل كذا و كذا فاصعدوا به الجبل ، فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه ، و إلا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا ، و جاء يمشي إلى الملك ، فقال له الملك ما فعل بأصحابك فقال كفانيهم الله تعالى …

فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به فاحملوه في قرقور و توسطوا به البحر ، فإن رجع عن دينه و إلا فاقذفوه فذهبوا به فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا .و جاء يمشي إلى الملك … فقال له الملك ما فعل بأصحابك فقال كفانيهم الله تعالى …

فقال للملك أنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به قال ما هو ؟ ..

قال تجمع الناس في صعيد واحد و تصلبني على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل : بسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني …

فجمع الناس في صعيد واحد و صلبه ثم أخذ سهماً من كنانته ، ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال : بسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه فمات ….

فقال الناس آمنا برب الغلام ..

فأتى الملك فقيل له أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس . فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدت و أضرم فيها النيران و قال : من لم يرجع عن دينه فأقحموه ففعلوا حتى جاءت امرأة و معها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام : يا أماه اصبري فإنك على الحق )) رواه الإمام مسلم.

العظة والعبرة من قصة أصحاب الاخدود

هناك الكثير من الفوائد والعبر التي نستفيدها من قصة أصحاب الأخدود وهي :

ـ بطل قصة أصحاب الاخدود هو غلام، وهذا الغلام أجرى الله على يديه العديد من الأحداث، وهذا يشير إلى ضرورة الاهتمام بالأطفال والانتباه إليهم، ذلك لأنهم إذا كانوا اليوم أطفالًا فأنهم في الغد يكونوا رجالًا يحملون المزيد من الأفكار، ولابد من الاهتمام بتربية الطفل وصولًا إلى التمام.

ـ ضرورة اعتراف الأستاذ بأن تلميذه أفضل منه، وذلك نستشفه من قول الراهب ” أي بني أنت اليوم أفضل مني “، وهذا يحمل الكثير من المعاني ومنها تواضع العالم الأستاذ، وأن المجتمع لن يتقدم ولن يتحسن حاله إذا بقى التلميذ يقلده في كل شيء، حيث أن وسائل التشجيع عند النبي صلّ الله عليه وسلم أهمها إطلاق بعض الألقاب العلمية على الصحابة المتميزين كقوله عليه السلام ” أقرؤكم أبي وأفرضكم زيد”.

ـ صدق اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى وطريقة الدعاء و

الثقة بالله

، حيث يتضح من القصة أن الغلام يحمل الثقة المطلقة بأن الله عز وجل قادر على حمايته، واستغنى عن التفاصيل في كيفية وآلية النجاة، حيث أن آلية النجاة لا تأتي حسبما يخطط له الإنسان وإنما تأتي على الكيفية التي يريدها الله سبحانه وتعالى وما على الإنسان إلى أن يحسن الثقة بالله سبحانه وتعالى.

ـ الإصرار على نشر الدعوة، وجاء هذا واضحًا في ” وجاء يمشي للملك، حيث أنه بعدما نجا في المرة الأولى وفي المرة الثانية لم يهرب بل عاد إلى الملك الظالم، وهذا يُعطي درسًا عظيمًا للدعاة في الإصرار على الدعوة وإظهار الحق وتحدي الباطل.