لقد أعّد الله سبحانه وتعالى للكفار والمنافقين والعصاة عذابًا أليمًا يوم القيامة ؛ حيث سيكون عذابهم بالنار وهي التي أُعدت من أجلهم وعُرفت باسم جهنم ، وقد تميزت بشدة نيرانها التي تفوق بكثرة حرارة النار في الدنيا ، وقد وصف الله عزّ وجل أهوال هذه النيران وصفات جهنم في القرآن الكريم ، وذلك من أجل أن يُنذر الناس بشدة عذاب يوم القيام لهؤلاء الذين تكبروا وتجبروا في الأرض وخالفوا أوامر الله تعالى ، وقد ورد في

سورة الملك

وصف دقيق لبعض ما يحدث في جهنم يوم القيامة.

صفات نار جهنم في سورة الملك

سماع صوت غليانها

أكد المولى عزّ وجل أنه أعدّ للكافرين عذاب السعير يوم القيامة ، وهو عبارة عن إلقائهم في نار جهنم التي تتصف بصوتها العالي جدًا ، وفي ذلك يقول الله تعالى “وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ” ، وقد فسر بن الجرير هذه الآية بأنه صوت الصياح المرتفع من شدة العذاب ، كما قال الثوري بأن نيران جهنم تغلي بمن بداخلها كغلي الحب القليل في الماء الكثير.

شدة غيظها

لقد أوضح الله تعالى مدى غيظ جهنم من هؤلاء الكفار الذين أُلقوا فيها كي ينالوا جزاء سوء أعمالهم في الحياة الدنيا ، ولذلك فإنها تميزت بشدة غيظها الذي كاد أن يجعل بعضها يفارق بعضًا ، وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى “تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ” ، ويبدأ الخزنة في توبيخ أهل النار بسؤالهم عن النذير الذي حذرهم من أهوال نار جهنم وعذاب الله يوم القيامة.

الفرق بين نار جهنم ونار الدنيا

لا تشبه نار جهنم تلك النار الموجودة في الحياة والتي يخافها جميع الناس ولا يتحملون مجرد لمسها ، ومع ذلك فإن نار جهنم أضعاف مضاعفة من نار الدنيا ، وهذا ما يؤكد شدة ما تحمله من عذاب لأهل جهنم ، وقد أوضح الرسول صلّ الله عليه وسلم الفرق بين التارين في قوله “نارُكم جزءٌ من سبعينَ جزءاً من نارِ جهنَّمَ ، قيل : يا رسولَ اللهِ ، إن كانتْ لكافيةً ، قال: فُضِّلَتْ عليهنَّ بتسعةٍ وستينَ جزءاً ، كلُّهنَّ مثلُ حَرِّها”.

ومما يستدعي التأمل كذلك أن حرارة الصيف التي يشكو منها الناس ؛ إنما هي مجرد نَفس من نيران جهنم ، وكذلك فإن الجو البارد هو أيضًا مجرد نَفس منها ، وقد قال الرسول صلّ الله عليه وسلم في ذلك “اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ : يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا ، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ : نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ”.

وقد أوضح الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام مدى الشر الذي تحمله نيران جهنم يوم القيامة ، وذلك كي يعلم الإنسان حقيقة العذاب المؤكد يوم القيامة لمن خالفوا أوامر الله تعالى ومضوا في الأرض فسادًا ، وقد قال الرسول صلّ الله عليه وسلم في وصفه للجنة والنار “عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ” ، وهو يشير إلى الجنة بالخير بينما يرمز إلى النار بالشر الذي يلحق بالعصاة ، وقد بلغ النبي من علم الله الكثير ولذلك فإنه يوضح مدى ما يمكن أن يلقاه الإنسان يوم القيامة سواءًا من نعيم أو جحيم.