سر الصخور المتحركة في وادي الموت

يذخر العالم بالكثير من الغوامض والغرائب العجيبة ، وكثيرًا ما تخرج علينا نشرات الأخبار بمعلومات أو رصد لأحداث غريبة للغاية ، يبذل فيها العلماء الجهد لسنوات عديدة ، من أجل تقديم تفسير منطقي لها ، ومن بين غرائب العالم ، سمعنا عن الصخور المتحركة في البحيرة الجافة ريس تراك Racetrack.


بداية لغز الصخور المتحركة

شهد طريق يعرف باسم طريق بلايا Playa ، ظاهرة غريبة للغاية ارتبطت بمنطقة تعرف باسم وادي الموت في أمريكا ، وكانت الظاهرة عبارة عن تحرك لمجموعة من الصخور ، لمسافة تقدر بحوالي 320 كيلو مترًا! حيث سارت الصخور من بحيرة ريس تراك الجافة ، لتترك آثارها على الرمال ، تنبيء عن حركتها وتعلن عن سر غامض وغريب ، وتترك الجميع يتساءلون كيف تحركت تلك لصخور الضخمة من مكانها؟

بدأ العلماء في مختلف التخصصات بالبحث بشأن تلك الصخور المتحركة ، في منطقة تعرف باسم وادي الموت في كاليفورنيا ، وذلك منذ أن تم اكتشافها عام 1940م ، حتى كشف أحد الباحثين ويدعى ريتشارد نوريز ، وهو أحد باحثي معهد سكريبس لعلوم المحيطات ، التابع لولاية كاليفورنيا حيث وُجد اللغز ، النقاب عن سر الصخور المتحركة في البحيرة الجافة Racetrack ريس تراك .[1]


نبذة عن وادي الموت

يعد وادي الموت أحد أشهر الأماكن في ولاية كاليفورنيا الأمريكية ، وهو عبارة عن واديًا يقع في شرق وسط ولاية كاليفورنيا ، ويمتد جزء من هذا الوادي صوب جزيرة نيفادا ، وهذا الوادي منخفض بشدة عن سطح الأرض المعتاد ، وتغطيه وتملؤه الصدوع الأرضية التي كونت الوادي العميق به ، وهو شديد الجفاف وليس به أي نوع من أنواع الحياة على الإطلاق ، ليس هناك سوى الصحراء والصخور فقط ، وقيل أن تلك الحياة القاسية ، أو بمعنى أصح لا توجد حياة بهذا الشكل ، هو ما جعل الكثيرون يطلقون عليه اسم وادي الموت.[2]


ظاهرة الصخور المتحركة

عرفت ظاهرة الصخور المتحركة باسم الصخور المنزلقة أيضًا ، وهي ظاهرة جيولوجية بحتة ، ولكنها تسببت كثيرًا في حيرة العلماء المتخصصون لأكثر من قرن من الزمان ، وحدثت تلك الظاهرة في محيط بحيرة ريس تراك الجافة Racetrack Playa ، على طريق بلايا في منطقة جبال بانامنت Panamint ، تلك المنطقة التي كونت واديًا جافًا هو وادي الموت الشهير في كاليفورنيا.

الشيء العجيب فيما يتعلق بتلك الظاهرة ، ليس فقط كون الصخور قد تحركت من مكانها وإنما سببها أن تلك الصخور ثقيلة الوزن ، حيث يصل وزن أقلها حجمًا حوالي 320 كيلو جرامًا ، على رمال الصحراء الجافة ، لمسافة طويلة وتركت خلفها آثارًا عميقة وصلت إلى عمق 30 سم ونصف ، مع عدم وجود لأي شكل من أشكال الحياة في هذا المكان ، فهذا الانتقال لم يتم بفعل بشر أو حيوان ضخم أيضًا.

كذلك فيما يتعلق بتلك الظاهرة ، لاحظ علماء وخبراء

الجيولوجيا

أن تلك الظاهرة تتكرر بشكل دوري ، كل عامين مرة في نفس التوقيت ، ويبقى أثر الحركة لمدة تتراوح من ثلاث سنوات إلى أربعة. وجدير بالذكر أيضًا ، أن الوجه السفلي لتلك الصخور يتحدد مع شكل المسار الذي تركته خلفها ؛ فالصخور الناعمة تترك خلها مسارات منحنية ، بينما الصخور الخشنة تترك خلفها مسارات أفقية ثابتة ، ووصول امتداد تلك المسارات من 3 أمتار إلى أكثر من 260 مترًا ، وهي مسافة طويلة لحركة جماد في حد ذاتها! خاصة وأن هذه المسارات لا تأخذ في كل مرة نفس المسار ، بل تتجه كل مرة في طريق مختلف ، ولم يتم تصويرها حتى الآن.[3]


تفسير ظاهرة الصخور المتحركة

بالطبع أمر غريب وخارق مثل ما حدث مع الصخور المتحركة ، لابد أن يحظى باهتمام العديد من العلماء والمتخصصين ، لقبعوا خلف المعلومات التي تجمعها ، بحثًا عن تفسيرات منطقية لتلك الظاهرة ، وكان من بين أهم التفسيرات لها ؛ هو أن الرياح الشديدة قد تكون سببًا في حدوث مثل تلك الحركة مع الصخور ، ولكنها بقيت الفرضية الأقل قوة وتأثيرًا لتفسير تلك الظاهرة.

فقد تم التقاط العديد من الصور لتلك المنطقة التي تحركت فيها الصخور ، باستخدام

الأقمار الصناعية

، في منطقة وادي الموت والبحيرة الجافة ، إلا أن خبراء الجيولوجيا وعلوم الطقس ، أثبتوا أن قوة الرياح في هذا المكان لا يمكنها تحريك أي صخرة من مكانها ، وبالتالي لا يمكن أن تكون فرضية الرياح القوية ، هي التفسير العلمي الأنسب لزحزحة تلك الصخور من مكانها.

فيما ذهب فريق آخر إلى تفسير الظاهرة ، بربطها بالطقس البارد في هذا المكان ، حيث أقروا بأن مياه المحيط تتجمد أسفل تلك الصخور ، فتتكون حولها وأسفلها كتلًا حجرية ، ومع ارتفاع درجة الحرارة مرة أخرى ، تبدأ تلك الكتل في الانصهار تدريجًا ، فتصبح حركة الصخور أسهل مع الرياح ، إلا أن تلك النظرية أثبتت فشلها للمرة الثانية ، مع ضعف قوة الرياح في تلك البقعة ، خاصة وأنها لا تشهد أية عواصف قوية.[4][5]


حل لغز الصخور المتحركة

توصل أحد علماء الكواكب رالف لورينز بوكالة ناسا ، إلى أن كتل الثلج التي تغلف الصخور  في فصل الشتاء ، هي السبب في حركتها ، فعندما يأتي الشتاء تتجمد وتتغلف الصخور بكتل ثلجية كبيرة ، ومع ذوبان هذه الكتل ، مع قاع البحيرة وتحول الأرض أسفل

الصخور

إلى طين ، فإن الصخور تتحرك من مكانها إلى آخر ، فوق تلك البحيرة الطينية ، ولهذا يبقي الصخر أثرًا على حركته في الطين قبل أن يجف ، ولهذا يبقى الأثر بعد الجفاف لفترات طويلة للغاية ، وتسهل حركة الصخور.

وعلى الرغم من حماس البروفيسور لورينز بشأن نظريته ، إلا أن علماء رصد الصخور لم يتمكنوا حتى الآن من تسجيل حركة الصخور ، التي أشار إليها لورينز في الرمال ، بالإضافة إلى عدم وجود شهود على حركة الصخور حتى وقتنا هذا.

وكان الأصل فيما أشار إليه البروفيسور لورينز من تفسير ، يعود إلى تجربة بسيطة أجراها في منزله ؛ فقد أتي لورينز بصخرة صغيرة الحجم ، وقام بتجميدها في قدر كبير من المياه ، ثم ترك جزء من الصخر يحفر طبقة من الثلج ، بعد ذلك قلب لورينز الصخرة على النايحة الثانية ، ثم وضعها في بركة من المياه وقام بنفخها ، ليجد أنها قد تحركت بكل سهولة من مكانها ، إلا أن المزيد من البحث أكد على خلو لمنطقة في وادي الموت من الرياح القوية ، فمثل هذه النظرية تحتاج لإثباتها إلى وجود رياح شديدة تتحرك بسرعة آلاف الأميال ، لتحرك صخورًا بمثل هذا الحجم على الرمال الجافة ، ولمسافات بعيدة أيضًا.

وعلى الرغم من تحرك العلماء والمتخصصين لتفسير ظاهرة الصخور المتحركة ، إلا أن حراس المكان كانوا قد أكدوا أن ما يحدث هو ظاهرة خارقة لا تفسير لها علميًا ، وأن هناك طاقة وقوة غامضة مرتبطة بتلك الصخور ، بينما اعتقد الكثير من زائري المكان أن هناك قوة سحرية تسيطر على المكان بالفعل.[6]