أعمال ليلة القدر

ليلة القدر هي الليلة المباركة والعبد الذي يدع هذه الليلة تمر مرور الكرام فإنه سيفقد الكثير من الخير ، فهي ليلة خيرٌ من ألف شهر فإذا كان المؤمن حريصًا على طاعة ربه وزيادة الأعمال الصالحة في كتابه ، فيجب عليه أن يجاهد نفسه في هذه الليلة ويستغلها في العبادة والطاعة ، حيث أنه إذا قام بفعل ذلك سوف يغفر الله عز وجل له جميع ذنوبه بإذنه تعالى .

ماهي ليلة القدر

ليلة القدر هي الليلة التي أنزل فيها القرآن،قال تعالى في سورة القدر:


بسم الله الرحمن الرحيم


“إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) ” صدق الله العظيم .

إن لليلة القدر التي ذكرت في القرآن الكريم مكانةٌ عظيمة وفضلٌ عظيم عند المسلمين ، على الرغم من عدم معرفتهم بموعدها بالضبط ، وهو أمرٌ ورد في الحديث الشريف : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ؛ وَمَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ؛ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) متفق عليه .

فمن شدة المسلمون بها فقد حرص المسلمون كافًة على تحري هذه الليلة في


العشر الأواخر


من رمضان طمعًا بالأجر والثواب المضاعف ، واقتناصًا لفضائل تلك الليلة المعجزة التي تأتي مرةٍ كل عامٍ كاملاً .

فضائل ليلة القدر


هي الليلة التي نزل فيها القرآن

: قال تعالى في سورة القدر: بسم الله الرحمن الرحيم “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)” صدق الله العظيم؛ فليلة القدر هي الليلة التي أنزل فيها الله- عز وجل- القرآن


لها فضلٌ عظيمٌ في الدنيا والآخرة

: تعتبر ليلة القدر


أفضل الليالي


التي وهبنا الله إياها، فهي منحةٌ إلهيةٌ ، وعطفٌ ورحمةٌ ونورٌ ما بعده نور للعباد ، لما لها من فضلٌ عظيمٌ في الدنيا والآخرة ؛ وهي ليلة تعادل ألف (1000) شهر ، أي ما يعادل ثلاثة وثمانين (83) سنة وأربعة أشهر ، وسميت بذلك لعظيم قدرها وشرفها ، والله- تعالى- يقدر فيها أمر العباد إلى السنة القابلة ، وليلة القدر باقية إلى قيام الساعة .


هي ليلة أفضل من ألف شهر

: فقد قال تعالى في سورة القدر بسم الله الرحمن الرحيم “وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) ” صدق الله العظيم ؛ فهي لا تعادل عمل ألف شهر! بل هي أفضل من أعمال الألف شهر جميعًا .

وعن أنس- رضي الله عنه قال : (العمل في ليلة القدر والصدقة والصلاة والزكاة أفضل من ألف شهر) الدر المنثور (6: 370) .


هي ليلة مباركة

: وقد جعل الله- تعالى- ليلة القدر ليلة مباركة ، فقال تعالى في سورة الدخان : بسم الله الرحمن الرحيم “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) ” صدق الله العظيم ؛ ويقصد ببركة ليلة القدر ، أن فيها الكثير من الفضل والخير والثواب .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:)مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) متفق عليه .


ليلة ينزل فيها جبريل- عليه السلام- والملائكة

: إن


ليلة القدر


هي ليلة ينزل فيها جبريل- عليه السلام- بصحبة الملائكة إلى أرضنا هذه، حتى يؤمنون على دعاء المسلمين ، وحتى وقت طلوع الفجر ؛ قال تعالى في سورة القدر : بسم الله الرحمن الرحيم “تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)” صدق الله العظيم .


أنزل الله- تعالى- سورة في كتابه باسمها

: سورة القدر التي حملت اسم هذه الليلة ، أنزلها الله- عز وجل- في كتابه لعظم قدرها وفضلها، وجعلها سورة كاملة تقرأ حتى


قيام الساعة


. [1]

الأعمال المستحبة في ليلة القدر


الصلاة (القيام)

: يوصى بصلاة قيام طويلة في الليالي التي من المحتمل أن تكون فيها ليلة القدر ، وبالتأكيد هذه الأيام هي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك ؛ ويشار إلى ذلك في العديد من الأحاديث ، مثل ما يلي :

عن أبي ذرّ -رضي الله عنه- أنّه قال : (صُمنا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ في رمضانَ ، فلم يقُم بنا ، حتَّى بقيَ سبعٌ منَ الشَّهرِ ، فقامَ بنا حتَّى ذَهبَ ثلُثُ اللَّيلِ ثمَّ لَم يقُم بنا في السَّادسةِ فقامَ بنا في الخامِسةِ حتَّى ذَهبَ شطرُ اللَّيلِ فقلتُ يا رسولَ اللَّهِ لو نفَّلتَنا بقيَّةَ ليلتِنا هذِهِ قالَ إنَّهُ من قامَ معَ الإمامِ حتَّى ينصرِفَ كتبَ اللَّهُ لَهُ قيامَ ليلةٍ ثمَّ لم يصلِّ بنا ولم يقُم حتَّى بقيَ ثلاثٌ منَ الشَّهرِ فقامَ بنا في الثَّالثةِ وجمعَ أَهلَهُ ونساءَهُ حتَّى تخوَّفنا أن يفوتَنا الفلاحُ قلتُ وما الفلاحُ قالَ السُّحورُ) .

وذكر أبو داود في بَابُ التَّرَاوِيحِ وقال : (سَمِعْتُ أَحْمَدَ، وَقِيلَ لَهُ: أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مَعَ النَّاسِ فِي رَمَضَانَ أَوْ وَحْدَهُ؟ قَالَ : يُصَلِّي مَعَ النَّاسِ وَسَمِعْتُهُ أَيْضًا ، يَقُولُ : يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ وَيُوتِرَ مَعَهُ)(ص90) .

وروى أَبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) متفق عليه .


الدعاء

: من المستحب أيضًا الدعاء بكثرة في هذه الليلة وقد أفاد عن عائشة رضي الله عنها قالت : (قلتُ : يا رسولَ الله ، أرأيتَ إنْ علمتُ أيَّ ليلةٍ ليلةُ القدْر ؛ ما أقول فيها؟ قال : قولي :


اللَّهُمَّ إنَّك عفُوٌّ تحبُّ العفوَ ، فاعفُ عنِّي


) رواه الترمذي وابن ماجه .


كثرة العبادة والتخلي عن الملذات الدنيوية

: يوصى أيضًا قضاء المزيد من الوقت في العبادة خلال الليالي التي من المحتمل أن تكون فيها ليلة القدر ، وهذا بدوره يدعو إلى التخلي عن الكثير من الملذات الدنيوية لتخصيص الوقت والأفكار فقط لعبادة الله ؛ وذلك بناء على الحديث التالي : في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – قَالَتْ : (كَانَ النبي- صلى الله عليه وسلم- إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ  وَأَحْيَا لَيْلَهُ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وزاد مسلم : وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ) متفق عليه .

ليلة القدر من الليالي العشر

عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها قالتْ : كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ يُجاوِر في العَشْر الأواخِر من رمضانَ ، ويقول : (تَحرُّوا ليلةَ القَدْر في العَشْر الأواخِر من رمضانَ) رواه البخاريُّ ومسلم .

وعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضِيَ اللهُ عنهُ قال : خطَبَنا رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ فقال : (إنِّي أُريتُ ليلةَ القَدْرِ، وإنِّي نُسِّيتُها (أو أُنسيتُها) ؛ فالْتمِسوها في العَشرِ الأواخرِ من كلِّ وَترٍ)رواه البخاريُّ ومسلم .

وعن أبي هُرَيرَةَ رضِيَ اللهُ عنهُ : أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال : (أُريتُ ليلَةَ القدْرِ، ثُمَّ أيقظَنِي بعضُ أهلِي فنُسِّيتُها ؛ فالْتَمِسوها في العَشرِ الغَوابِرِ) رواه مسلم . [2]

سمات ليلة القدر

عن أُبيِّ بنِ كَعبٍ رضِيَ اللهُ عنهُ قال : (هي ليلةُ صَبيحةِ سَبعٍ وعِشرين ، وأمارتُها أنْ تطلُعَ الشَّمسُ في صَبيحةِ يومِها بيضاءَ لا شُعاعَ لها) رواه مسلم .

وثبت عند ابن خزيمة بسندٍ صحيح أن النبي- صلى الله عليه وسلم قال : (هي ليلة طلقة بلجة لا حارة ولا باردة ، تتضح كواكبها ولا يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها) ومن طريق قتادة أبي ميمونة عن أبي هريرة رضي الله عنه- مرفوعا : (إن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى)  وروى ابن أبي حاتم من طريق مجاهد : (لا يرسل فيها شيطان، ولا يحدث فيها داء) ؛ ومن طريق الضحاك : (يقبل الله التوبة فيها من كل تائب ، وتفتح فيها أبواب السماء ، وهي من غروب الشمس إلى طلوعها) .

وذكر الطبري عن قوم أن الأشجار في تلك الليلة تسقط إلى الأرض ثم تعود إلى منابتها ، وأن كل شيء يسجد فيها وروى البيهقي في (فضائل الأوقات) من طريق الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة أنه سمعه يقول : (إن المياه المالحة تعذب تلك الليلة) ، وروى ابن عبد البر من طريق زهرة بن معبد نحوه .

في النهاية نسأل الله أن يوجه الأمة المسلمة كلها للاستفادة المثلى من أيام رمضان المبارك ، والسعي للحصول على البركات العظيمة التي منحها الله لعباده المخلصين خلال هذه الأيام وبالأخص ليلة القدر ، فهنيئًا من فاز بهذه الليلة المباركة .