مقدمة عن الإنشاد الديني

ارتباط الإنشاد بالدين هو علاقة روحانية بحتة فالإنشاد الديني، هو لون من ألوان الغناء بالآلات البسيطة الأولية التي صنعها الإنسان بيديه والإنشاد هو الفن الهادف الذي عرفه المسلمون منذ قديم الأزل، يعتمد على أصوات متهدجة وحناجر تصدح بكلمات طيبة ، تذكر الله وصفاته العلى والرسل وتعاليمهم لنا، لشيوخ ملكوا أصواتًا من الفردوس، نذرها للتبليغ عن تعاليم الإسلام السمح والبسيط لكي يحببوا المؤمنين فيه وذلك في قالب غنائي هادف.

يرجع تاريخ الإنشاد إلى العصر الجاهلي وذلك يرجع إلى أن المديح في


الشعر العربي


يعد من من أهم وأبرز ملامح هذه الفترات وكان أهم ما يميز إنتاج الشعراء في ذلك العصر حيث كانت تدور معاني المدح في الشعر حول تمجيد القبيلة والكبراء والسادة وعلية القوم .

طرق الإنشاد الديني

يعد الإنشاد الديني هو الطريقة لأداء صوتيٍّ عالٍ قوي ذي شجن ويتناول موضوعات كلها لها سمات روحانية ودينية كالعشق الإلهي، أو مدح الرسول سيدنا محمد صلوات الله عليه، ويتم معظم الأحيان في حلقات الذّكر أو الحضرات سواء كانت خاصة أو عامة، فقط لكي يرتكز فن الإنشاد عامة على قوة وجمال صوت المنشد الذي يعتمد كليًا على طبقاته وأيضا على خبراته بمعرفته بالمقامات الشرقية واختيار ما يناسب منها للقصيدة الذي يقوم بإنشادها فهو فن يعتمد على الحناجر البشرية مع محدودية تدخل بعض الآلات الموسيقية أحيانًا والتي يمكن أن تضيف لمسة جمالية تندمج وتخضع لأصوات المنشدين وقصائدهم لتعطي فرصة للإبداع والوصول بالمنشد والحضور إلى حالة روحانية نقية ذات عمق.

معنى الانشاد

نشد، أنشد، ينشد، إنشادًا، هذا هو المصدر الرسمي لكلمة الإنشاد وهو من حيث اللغة هو النداء والناشد هو المنادي، ولقد قام الإنشاد على حسب ذوق تقاليد الشعوب الاجتماعية واعتقاداتها وأحكامها الشرعية، ومما يزيد لفظ الإنشاد تزكية واحترامًا أنه ارتبط في الاستعمال العربي الإسلامي القديم بالدعاء للرسل وللمؤمنين.

ففي هذه الصيغة يحسب طلب الاستعطاف للوفاء بالعهد والوعد حتى قيل ناشده بمعنى عاهده أو واعده ووعده به وطلبه منه، والإنشاد هو عبارة عن قصيدة موزونة باللغة الفصحى والتي لا يستخدم فيها نهائيًا أي لغة عامية أو مجموعة قصائد مبنية على منهج القصيدة العربية مستخدمة فيها بحور الشعر العربي من البسيط والطويل والوافر والكامل والرجز والهزج وأخرى من


بحور الشعر


الستة عشر.

الطقوس الروحية

من بداية ظهور الإنشاد إلى الآن وهو أصبح واحدًا من الطقوس الروحية منذ نشأة الإسلام، بداية من بلال بن رباح مؤذن الرسول في أول العصر الإسلامي ومرورًا بالعصر الأموي والعباسي والفاطمي ثم الأندلسي وحتى يومنا هذا، ومازال محافظًا على مكانته وهي في مضمونها مجموعة من المدائح النبوية التي تصف روح الرسول صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وتعاليمه وسيرته النبوية التي عاشها مع من حوله والصحابة .

وتُعد المدائح أو الأناشيد من أهم التعبيرات الوجدانية والروحانية بعد الأذان والتهاليل والتراتيل الدينية، ويرجع تاريخ الأناشيد إلى أول وأهم الأناشيد في بداية عصر الإسلام والتي ألقاها أهل


المدينة المنورة


في استقبالهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدِم إليهم مبشرًا لهم بالدِّين الحنيف حيث قابله سكان المدينة بالترحيب منشدين على الدفوف نشيد طلع البدر، واختلفت تأليف هذه الألحان والإيقاعات وفقًا للبلد المؤلفة فيه.

فعلى سبيل المثال كثرة استخدام مقام السيجا في بلاد المشرق العربي ومصر، وعلى ضرب إيقاع الأيوب أو في مقام الرست في المغرب العربي، وعلى إيقاع الهجع الكبير وأحيانًا من مقامات الكرد أو النهاوند من بعض المنشدين في بعض الدول، إلى أن جاءت جميع كتب التراث الإسلامي مؤكدة أن بداية الإنشاد الديني كانت على أيدي مجموعة من الصحابة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم مجموعة من التابعين.

نشأة وتاريخ الإنشاد

الإنشاد في عهد الأمويين

أصبح الإنشاد فنًّا له أصوله، في عهد الأمويين واشتهر أيام الدولة الأموية الكثير من المنشدين والمهتمين بفن الإنشاد الديني وتلحين القصائد الدينية، فكان علي سبيل الذكر وليس الحصر “إبراهيم بن المهدي”، “وعبد الله بن موسى الهادي”، و”المعتز وابنه عبد الله”، و”أبو عيسى بن المتوكل”، و”عبد الملك بن مروان”، وغيرهم الكثيرون ممن اشتهروا بغناء أو تلحين القصائد الدينية والأناشيد.

الإنشاد في عهد الفاطميين

تطوَّر فن الإنشاد الديني ، في عهد


الفاطميين


وكان وراء هذا الاشتهار سببًا رئيسًا لاهتمام الدولة بالاحتفالات الاجتماعية والمجتمعية، لأنهم أول من أقاموا الاحتفال برأس السنة الهجرية، وليلة المولد النبوي الشريف، وليلة أول رجب، وليلة الإسراء والمعراج، وليلة أول شعبان ونصفه، وغُرة رمضان، ويوم الفطر، ويوم النحر، ويوم النيروز (

شم النسيم

) وغيرها من المناسبات الدينية المتعددة التي أقيمت للناس في مجالس الذكر والحضرة للتعبير عن شعورهم الديني.

الإنشاد في القرن العشرين

في بدايات القرن العشرين أصبح للإنشاد الديني أهمية كبيرة ، وجاءت تلك الأهمية عندما قام كبار المشايخ والمنشدين في إحياء الليالي الرمضانية، والمناسبات الدينية، والذي أدى إلى تزايد محبي هذا الفن فأصبحت له أشكال متعددة وأسماء كثيرة حيث برز العديد من المنشدين في القرن العشرين أمثال الشيخ طه الفشني والشيخ سيد النقشبندي من مصر والشيخ توفيق المنجد وحمزة شكور من سوريا والشيخ حمزة الزغير وياسين الرميثي من العراق.

الزخارف اللحنية

تبعًا للمكان، تنوَّعت الأناشيد بعد ذلك الوقت وطبيعة البلد، واختلاف لهجاته وألحانه وايقاعاته، ففي بلاد الشام ومصر ازدهر بشكل كبير فن الإنشاد الديني فقد تميَّزت بوجود تنوع كبير من تقاليد الإنشاد الديني فيها، حيث كان يتخلل الإنشاد الديني كثير من الحوارات الغنائية بين “المنشد الرئيسي”، وبين مجموعة المنشدين من خلفه، وكان المنشد يتوسط الحلقة، ويلتف من حوله مجموعة “السنيدة” الذين يقومون بترديد الكلمات وراء المنشد بعد ذلك، وكان المنشد يختار مقطعًا من القصيدة أو جملة يجعلها محورًا تدور حولها كل الردود من “السنيدة”، فيرددونها وراءه ثم يعودون إليها بعد المنشد.

وكانت الوصلة الأولى يختار لها الشيخ المنشد مقامًا معينًا مثل الراست مثلاً أو البياتي، أو الحجاز وغيرها، ثم يبدأ المنشد الوصلة بإبراز مواهبه في الأداء، وبراعته في التنقل بين المقام الأصلي ومشتقاته، وقدرته على إبراز الزخارف اللحنية، ثم يقوم المنشدون بعد ذلك بترديد المقطع أو الجملة المحورية التي بدأ بها القصيدة. ثم تأتي الوصلة الثانية فيختار لها مقامًا موسيقيًّا آخر حتى ينوع في المقامات، وحتى لا يمل السامعون ويفعل ما فعله في الوصلة الأولى.

الآلات الموسيقية في الإنشاد

عندما ظهر فن الإنشاد الديني لم يكن في ذلك الوقت ظهرت الآلات الموسيقية التي قد يحتاجها المشدون وكان الإنشاد الديني يُرتل أو ينشد بدون مصاحبة آلات موسيقية ولكن أحيانًا في استخدام نقر على آلة الدف أو المسبحة على كوب زجاجي فارغ ليحدث رنينًا إيقاعيًّا جذابًا، ثم تطور فن الإنشاد ليصبح فنًّا له أصوله، وكذلك باستخدام “اللوازم الموسيقية”، والتي تمثل جسورًا لحنية بين الأبيات الشعرية المؤداة والإيقاعات التي تناسب روح القصيدة، فتكونت الفرق الموسيقية المصاحبة “للمنشد”، كفِرَقة التخت الخماسي الموسيقي الشرقي والتي تعتبر أولى الفرق في الإنشاد الديني مستخدمة آلات كالعود والقانون والناي والكمان والإيقاع، حيث يتوسط المنشد والموسيقيون المنصة بشكل نصف دائري وخلفهم المنشدون.

الدعاء الديني

الدعاء الديني هو نوع فن جديد ظهر كلون جديد، وكان يُغنِّى بالفصحى وأحيانًا بالعامية ثم ظهر لون جديد يسمى بالغناء الديني الشعبي والذي كان سهلًا ومتاحًا للجميع لكي يتمكن في أدائه ، وهو فن يعتمد على دراما القصة في شكل غنائي يشبه الملحمة يحكي فيها المنشد قصص الأبطال التاريخيين أو ي


مدح رسول الله


(صلى الله عليه وسلم) ويروي سيرته.

الإنشاد الديني في الخليج العربي

ازدادت شعبية الإنشاد الديني في السنوات العشرين الماضية وخاصة بانتشار التكنولوجيا السمعية والمرئية، التي سهلت على جميع الدول والأعمار ولأنواع وأيضًا الطوائف بأن يصلها فن الإنشاد إلى مكانها بدون الاجتهاد أو السعي وراءه ولكن بالرغم من هذا حافظ معظم المنشدين على الأسلوب التقليدي البسيط والقائم على مجموعة من المنشدين تصاحب أصواتهم الدفوف والطبول، وكانت شهرتهم الأوسع في دول الخليج الذين أصبحوا يميلون إلى سماع الإنشاد بشكل كبير وبالآلات البسيطة و تتشابه أصول الأناشيد الدينية في الخليج العربي بالكثير من تقاليد الموسيقى الدينية في بقية العالم العربي مع اختلافات جزئية.[1]