كتاب رسائل غسان الكنفاني إلى غادة السمان

“محاولة إهداء: إلى الذين لم يولدوا بعد، هذه السطور التي أهداني إياها ذات يوم وطني مبدع لم يكن قلبه مضخة صدئة، أهديها بدوري إلى الذين قلوبهم ليست مضخات صدئة، وإلى الذين سيولدون بعد أن يموت أبطال هذه الرسالة” بهذه الأسطر بدأت الأديبة السورية غادة سمان كتابها “رسائل


غسان الكنفاني


إلى غادة السمان” والتي سردت فيه جميع رسائل الصحفي والكاتب الفلسطيني الكنفاني والذي كان يُكن لها فيضاً من المشاعر التي تأرجحت بين التحفظ تارة، وبين الجرأة والعنفوان لأكثر من تارة.

رسائل غسان الكنفاني إلى غادة السمان

  • يحتوي الكتاب على إثني عشر رسالة، مطبوعة بخط غسان الكنفاني، ومُرسلة من جهات كثيرة إلى حيث كانت توجد غادة أو تسافر، بالإضاة إلى برقيتين أو بطاقتين من السودان إلى بيروت.
  • كما ويضم الكتاب مجموعة من آراء النقاد والكُتاب في هذا المؤلف، والذي يواجه المجتمع بمشاعر حقيقية وصادقة جهرت بها الأديبة غادة سمان لتكريم إنسان كان ذو قدر لا يستهان بها، رغم ما تعرضت له من نهاية بشعة.
  • في مقدمة الكتاب بعنوان “وفاء لعهد قطعناه” كمحاولة تقديم تلت إهداء الكتاب تحكي الأديبة


    غادة السمان


    عن غسان الكنفاني الفنان والصحفي والأديب الفلسطيني ؛ فهي تصفه، وتحكي عن بطولته، ومقاومته، وتأثيره الذي استمر لسنوات طويلة بعد وفاته مُغتالاً.
  • تحكي غادة كيف أنها حظت بعلاقة صداقة مميزة مع غسان، والذي شاركته لحظات الفرح والحزن، والحكي والنجاح والفرحة، وغيرها من أمور كثيرة.
  • تفي غادة لغسان الأديب الذي كان ولا يزال مثالاً حقيقياً للكفاح، والنجاح المنزه عن أي غرور أو مال أو نفوذ. وتنتقد قلة التكريم الذي لحق به فور وفاته مقارنة بكثير لم تُحدث حياتهم إنجازات كبيرة مثله وحظوا بجائزة باسمهم، وأُطلق اسمهم على كثير من الشوارع.
  • وتفي غادة بالإنسان ذو الكرم العاطفي، الذي أغدقها وأغدق من حولها به مراراً وتكراراً، وتشكو من فقدان رسائلها إليها، والتي أصبحت من حق القاريء العربي، للاطلاع على فن ليس كمثله فن، وللاستناد إلى كثير من التوثيقات التي تخص الفترة التي أرسلت فيها هذه الرسائل.
  • تُقدر الأديبة زمن تبادل الرسائل بين الأصدقاء الأوفياء، وكيف أن الرسائل مثلما هدمت الكثير من العلاقات، بنت الكثير من العلاقات، وعمرتها، وظلت شاهدا ً على الكثير من الأوقات.
  • تؤكد غادة أنها ليست المحاولة الأولى التي تنشر فيها امرأة رسائل حبيبها إليها، وأن لطالما هاجم المجتمع الشرقي هذا النوع من الأدب، لأنه يواجهه بضعف بعض القيم الواهية التي لم يوجد لها سند عقلاني أو منطقي .
  • تشير غادة في ختام مقدمتها كيف أنها تعتز بوجود شهيد النقاء والحق غسان الكنفاني في حياتها، وكيف أنهما قطعا وعداً بنشر رسائلهما ذات يوم، وكيف أنها تدين له بالفضل وقت أنقذها من مطامع كثيرة كادت أن تنال منها فور وفاة والدها.
  • وتعتذر غادة عن أن الكتاب لا يشمل كل الرسائل؛ إذ أن الكثير قد احترق ساعة وقوع الحرب في بيروت، و اندلاع الحريق في منزلها هناك.
  • يصرح غسان الكنفاني في رسالته الأولى لغادة السمان بمشاعره تجاهها، والتي ازدادت حد رؤيته لها في كل يوم، وكل ظاهرة حوله، وكيف أنه يُقاسي الويلات وهو يعترف لامرأة يحبها بهذه المشاعر وهو يعلم أنها لن تصبح له.
  • يحدث غسان غادة في رسالته الثانية عن اهتمامه بتوزيع كتابها “ليل الغرباء” وكيف أنها أثرت الكاتب بداخله بتأثيرها القوي كامرأة وكأديبة ذات كيان عربي لا يستهان به، ويعلمها أنه سيؤجل ذهابه للقاهرة بسبب حضوره مآتم التقسيم بغزة، ومؤتمرا ً ببيروت، ويعلمها بعنوانه وقتها بالقاهرة.
  • وفي الرسالة الثالثة يحكي غسان لغادة عن كيف أنه نال شعبيته بين الجميع بغزة، وكيف أنه محبوب ومؤثر، وأنه يفتقدها كثيراً وأنه ينتظر عودته إلى القاهرة بفارغ الصبر لتلقي رسائلها.
  • في الرسالة الرابعة يشكو لها انتظار رسالتها التي لم تأت طوال 17 يوماً، وكيف أنه يريد اثبات نواياه بحب صادق يموج به كيانه، خاصة وأن كل واحد منهما أصبح بموطن بعيد عن الآخر.
  • في الرسالة الخامسة نلاحظ اسلوباً يموج بالشكوى، من عاشق لامرأة لا تستجيب له إلا في حيز الصداقة، هي لا تستطيع منحه ما هو أكبر، وهو يريد منحها كل شيء، يحكي لها عن الرفاق، وعن أماكن لطالما جاباها سوياً، وعن ما رأته ببيته من تماثيل كان يطلق عليها أسماء.
  • تستمر رسائل غسان إلى غادة تصف كيفية الضعف الذي يعتريه عند تذكره أن بينهما مسافات طويلة، وعند تذكره أنه يكتب لها الكثير وترد هي بالقليل، وكيف أنه ذات مرة قد كتب رسالة لأخته “فايزة”، وأصر على توصيلها بنفسه إلى منزل غادة لتتسلمها بنفسها مع نهاية الستينات.
  • يشكو غسان لغادة كيف ساءت حالته النفسية، وكيف تأثرت حالته الصحية بشكل كبير، وأن لابتعادها عنه في تلك الفترة أثر كبير لا زال يؤثر عليه سلباً.

ملحق المقتطفات النقدية للكِتاب

  • يحتوي المُلحق على كثير من الآراء التي انتقدت نشر هذه الرسائل بمؤلف أحدث ضجة كبيرة وقتها، وتنوعت هذه الآراء بين آراء الصحفيين، والنقاد، والأدباء، ما نُشر منها بالجرائد أو المجلات، وماقيل في حلقات وندوات المناقشة للكتاب.
  • من بين هذه الآراء، ماذكره الأستاذ أحمد الأشقر بجريدة الصوت في 29 أكتوبر عام 2011 بقوله ”

    المناضل عاشق بطبعه، وثمة حس مرهف يتمتع به المناضلون عادة، الحب ليس حكراً على أولئك الخانعين..ولا يُمكن أن يُعاب على مناضل حبه لامرأة

    “.
  • ومن بين الجرائد التي نشرت تعقيباً على مؤلف” رسائل غسان الكنفاني إلى غادة السمان” : جريدة الحياة، السفير، الحصاد، العربي، الوطن، فنون، الهدف، القادسية، ألف باء، الاتحاد، الرأي، الصباح.
  • أما بالنسبة للمجلات فكان منها : مجلة بلقيس، الناقد، الدولية، الحوادث، الوسط، صوت فلسطين، دراسات عربية، بسمة، الآداب، وكثير من المجلات التي حملت نفس اسم بعض الجرائد أعلاه.
  • وعن أهم الأسماء الواردة بملحق النقاد والأدباء بالمؤلف: ياسين رفاعية، ليلى الحر، البروفيسور عيسى بلاطة، عبد الرحمن مجيد الربيعي، جهاد فضل، يوسف أبو لوز، يوسف حمدان، د.ياسر ثابت، يحى خلف، وليد منير، وليد أبو بكر، وفاء عزيز أوغلي، د.وائل غالي شكري.
  • وهناك أيضاً: د.هيثم مناع،د.هالة سرحان، هدى الدغاري، نوري الجزاح، هدى الأيوبي، هند أبو الشعر، د.نزار العاني، د. ناديا خوست، منى شقير، منى الشمري، ممدوح عدوان، مروان الخطيب، د. محيي اللاذقاني، محمد كعوش، د. محمد صابر عبيد.
  • تبلغ جملة عدد النقاد الموجودة بالكتاب مائتي وعشرين كاتبة وكاتب.
  • صدر للمؤلف سبع طبعات فجاءت طبعته الأولى عام 1992، والثانية عام 1993، والثالثة 1994، والرابعة 1999، والخامسة 2005، والسادسة 2013، والسابعة 2014 .
  • ولقد صدر الكتاب عن دار الطليعة للطباعة والنشر ببيروت.

ربما لم يحالف غادة السمان الحظ في عرض جميع رسائل غسان، والتي أشارت في مؤلفها بأنها تتمنى لو أعادوها من يمتلكونها حالياً، ولكن يظل لها الفضل في إثراء محتوى الأدب العربي برسائل قيمة سردها إحساس إنسان، ومناضل، وكاتب من طراز فريد كغسان الكنفاني، وأنها استطاعت الوفاء بوعدها حين تمكنت أخيرا بالخروج بهذه الرسائل إلى النور، وأحيتها من جديد.