قصة سورة المجادلة

وصف الله سبحانه وتعالى التوسل الذي جاء في موضوع هذه السورة الكريمة بكلمة المجادلة ، ونجد أن السورة قد عرفت بذلك العنوان إذا تمت قراءتها على أنها مجادلة فإنها تعني الترافع والجدال ، ومن الممكن أن يتم قراءتها على أنها المرأة التي ترافعت وجادلت وتوسلت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وطلبت منه مخرج من الوضع الصعب التي كانت تمر به من أجل إنقاذها هي وأطفالها من الخراب ، و

سبب نزول سورة المجادلة

يرجع إلى قصة هذه المرأة ، وقد حدثت حادثة المرافعة والجدل هذه في وقت بعد معركة الخندق في شوال 5 هجرياً. [1]

قصة سورة المجادلة

تحكي سورة المجادلة حكاية الظهار ؛ فقد سمع الله قول المرأة التي تشكو الله في زوجها وتتوسل إليه سبحانه  ،  وتعالى وإلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، المرافعة في سورة المجادلة ألقتها

خولة بنت ثعلبة

؛ فكانت امرأة فصيحة وحسنة الكلام ، وترتبط قصتها بتعليم كل النساء المسلمات ما عليهن فعله عند تعرضهن لمشاكل مع أزواجهن .

قررت خولة بنت ثعلبة عرض قضيتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،  وبالفعل ذهبت إليه صلى الله عليه وسلم  ،  وحكت له أن زوجها أوس بن الصامت قال لها بعد انفعاله عليها أنتي علي كظهر أمي ، وفيما معناه أنها محرمة عليه ولا يجب عليه أن يلمسها  ،  أو يقترب منها كزوجة له ، وسوف يكون لذلك الرجل الحرية في أن يتزوج مرة أخرى ، ويعفي من واجباته تجاه زوجته ، بينما لا تستطيع الزوجة أن تتزوج مرة أخرى ، وقد مر خلافهم هذا ولكن خولة زوجته رفضت أن يجامعها  ،  وأشارت إلى أن كلامه ذلك يعني فراقهما .

وطلبت خولة من النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يحكم لصالحها ، وأن تلك العادة العربية التي تعرف بالظهار ليست عادلة للمرأة ؛ فهي عادة اجتماعية سيئة ظهرت في عصور ما قبل الإسلام حيث كان يسمي الزوج زوجته الأم ، وبالتالي ينفصل عنها ولا يطلقها لمجرد ظلمها ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصدر منه حكماً في البداية لعدم وجود أي تعليمات حول ذلك الموضوع في القرآن الكريم ، حتي جاءه وحي من الله سبحانه وتعالى ، وأنزلت الآيات الست الأولى من هذه السورة؛ فالله عز وجل قد سمع صلاتها وشكواها من زوجها . [2]

موضوعات سورة المجادلة

نصت سورة المجادلة على العديد من الموضوعات  ، والتعليمات للمسلمين حول مختلف المشاكل التي واجهتهم  ، وقد تواجههم في ذلك الوقت ، منذ الآيات الأولى من سورة المجادلة حتى الآية رقم 6 يوجد أوامر شرعية حول الظهار ، والتي حذر الله عز وجل المسلمين منها بشدة؛ لأن ذلك يتعارض مع إيمانهم  ،  والاستمرار في ممارسة الجهل بعد علمهم وقبولهم الإسلام دين لهم ؛ فيجب الالتزام بأوامر الله سبحانه وتعالى  ،  ولا يكسروا حدوده عز وجل ، وقد نصت الآيات الآخرى في سورة المجادلة على تكليف المنافقين بسماعهم  ، واستشارتهم السرية التي تآمروا بها  ، وفتنوا بها على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وقد تلقوا درس أخلاقي وهو إن المؤمنين الصادقين عندما يتحدثون سراً لا يتحدثون عن إثم ومعصية الرسول ، وإذا أرادوا الكلام سراً معاً فعليهم أن يتحدثوا عن الخير والتقوى .

ومن ضمن موضوعات سورة المجادلة أيضاً أن المسلمون قد تعلموا العديد من أساليب السلوك الاجتماعي ، والتخلص من العادات الاجتماعية السيئة التي كانت سائدة بين الناس في ذلك الوقت وحتى يومنا هذا ؛ فقد كان يحدث في اجتماعات النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأساليب السيئة  مثل عدم إفساح المجال للآخرين ، مما يؤدي إلى بقاء الأشخاص الجدد واقفين  ،  أو الجلوس عند الباب أو العودة  ، وذلك يحدث حتى الآن، وقد أمر الله عز وجل أن لا يتصرف الأشخاص بأنانية ولا يضيقوا الأفق في مجالسهم واستيعاب الوافدين عليهم بقلب مفتوح.

وقد أشار الله عز وجل في الآيات الكريمة إلى الإخلاص في الإسلام ، وأن هناك نوع واحد من المسلمين  ، وهم أصدقاء أعداء الإسلام؛ فهم من أجل مصلحتهم قد يخونوا دينهم ، وينشروا الشبهات بجميع أنواعها ، ويمنعون الناس من اتباع سبيل الله سبحانه وتعالى ، وأن هناك نوع آخر من المسلمين لا يعتزون بأي شعور بالحب تجاه أعداء الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام ؛ فالنوع الأول ينتمون إلى حزب الشيطان ، والنوع الثاني هم وحدهم المسلمون الحقيقيون . [3]

الدروس المستفادة من سورة المجادلة

  • أن الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء في الأرض والسماء ، ويعرف ما تتم مناقشته من قبل مجموعات من الناس .
  • العبد المخلص لا يتحدث بسرية إلا في الخير والتقوى .
  • الاعتماد على الله وحده عز وجل ، ولا يؤمنوا بأن المؤامرات قد تضر بهم بغير أذنه .
  • يجب على المؤمنين افساح الطريق أمام التجمع من الناس .
  • من يخالف أمر الله عز وجل ليس من رفقاء المؤمنين .
  • لا حب بين المؤمنين وبين خصوم الله عز وجل .
  • تأتي المؤ

    ا

    مرات من الشيطان ليحزن الناس . [4]

مقاصد سورة المجادلة

في الأساس تتحدث السورة الكريمة عن سيدة تقع في خلاف مع زوجها ، وتشتكي الله من أفعال زوجها وتذهب إلى الرسول الكريم  ، وتقص له ما حدث ؛ والذي كان معروف في ذلك الوقت بالظهار ، لذلك يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أن الطلاق قد وقع مع أنه لم يعلن مطلقاً أنه طلق زوجته ، وإذا أراد العودة إلى زوجته مرة أخرى بعد ما قاله ؛ فعليه تحرير عبد ، وإذا لم يجد فعليه الصوم شهرين دون توقف ، وإذا لم يستطع صيام الكفارة ؛ فيقوم بإطعام 60 فقيراً .

يعلم الله الغيب ويعلم ما في قلوب الأشخاص إذا تحدثوا به أم لا ، والله سيظهر كل أفعالهم في الأخرة ، ويشير إلى أن التآمر من الأفعال الخاطئة والممنوعة ، وأن العباد المخلصين الذين يتحدثون عن شئ في مشورة سرية  ، وفي مكان خفي يجب ألا يناقشوا أبداً في ارتكاب المعاصي ، كما يشير إلى أنه قبل التشاور مع الرسول صلى الله عليه وسلم على انفراد بخصوص أمر خاص لابد من التبرع للفقراء لأنه أفضل لك ، وإذا لم تستطع فعليك بطاعة أمر الله سبحانه وتعالى . [4]