الفرق بين صحيح البخاري وصحيح مسلم

لعلم الحديث مكانة عظيمة تلي مكانة القرآن الكريم  وعلومه الشريفة حيث يهتم علم الحديث بدراسة ما ورد بالسنة من أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يتوازى بالتشريع الإسلامي مع القرآن الكريم وفيه قال الحبيب المصطفى (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)، ومثلما حفظ الله العلي القدير كتبه وقرآنه، فقد قيد كذلك السنة النبوية برجال يعملوا على حفظها من التدليس والوضع وهو ما قال فيه سبحانه وتعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، “الحجر: 9″، حيث يشمل لفظ الذكر الوارد في الآية الكريمة كلاً من مصدري التشريع القرآن الكريم والسنة النبوية.

التعريف بالإمامين البخاري ومسلم


الإمامين البخاري ومسلم هم

اشهر علماء الحديث

الذين صنفوا كتباً تتضمن داخلها نصوص الأحاديث النبوية الشريفة المعروفة باسم (كتب متون الحديث)، والتي من أهما كتابي (صحيح مسلم)

،

و(صحيح مسلم)، ولعل من الأدب والإجلال الواجب على جميع المسلمين الوقوف للتعرف بهاذين الإماماين الجليلين الشيخين القديرين اللذان بذلوا الكثير من العلم والجهد في سبيل رفعة الدين الإسلامي والحفاظ على سلامة الأحاديث النبوية الشريفة.

الإمام البخاري

هو الإمام الشيخ (محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المُغيرة بن بردزبه الجعفي، أبو عبدالله بن أبي الحسن البخاري)، نسبة إلى بخارى في خراسان الكُبرى المعروفة بـ(أوزباكستان) حاليًّا، ويرحع تاريخ ميلاد الإمام إلى ليلة الجمعة في الثالث عشر من شوال عام (194هـ)، وهو في سنٍ صغيرة كان قد توفي والده، وفي حجر والدته قد نشأ والتي يرجع لها الفضل بعد الخالق سبحانه فيما بلغه من مكانة وعلم. [1]

أقبل الإمام البخاري على دراسة العلوم الشرعية في بدايات شبابه وكانت بدايات جمعه للأحاديث منذ كان في عمر السادسة عشر عاماً وقد تتلمذ على يد الكثير من العلماء منهم الإمام علي بن المديني والذي كان له منزلة عالية في نفس الإمام البخاري الذي قد قال فيه (ما استصغرتُ نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني)، وكانت من أبرز مؤلفاته (الكنى، الضعفاء الصغير، رفع اليدين في الصلاة، خَلْق أفعال العباد، التاريخ الصغير، التاريخ الكبير، ولكن من أشهر تلك المؤلفات صحيح البخاري). [1]

الإمام مسلم

هو أبو الحُسَين مسلم بن الحَجَّاج النيسابوري من مواليد مدينة نيسابور، ويرجع تاريخ مولده إلى عام (206هـ)، وقد رحل من نيسابور مسقط رأسه إلى العديد من المناطق العربية باحثاً عن الحديث طالباً له منها العراق، والشام، مصر والحجاز، مما جعله أحد أهم حفظة الحديث وأئمته، وقد تردد علة الكثير من أهم المشايخ والأئمة منهم (قتيبة بن سعيد، أحمد بن حنبل، وسعيد بن منصور)، كما تتلمذ على يد الإمام البخاري ومجده كثيراً حتى قال له ذات يوم (دعني أُقبِّل رجلك يا إمام المحدِّثين وطبيب الحديث وعلله) ومن أهم مؤلفاته ومصنفاته (


صحيح مسلم



). [1]


الخلاف بين البخاري ومسلم

هناك بعض الفروقات ما بين صحيح مسلم وصحيح البخاري في أكثر من جانب من بينها السبب الذي يعود إليه تأليف كلاً من الإمامين لمؤلفه ومصنفه، حيث الإمام البخاري فقد رجع السبب في تأليفه لكتابه أنه ذات يوم كان يجلس في حضرة شيخه (إسحق بن راهويه) وقد عبر الشيخ عن أمنيته أن يخرج من بين تلامذته مني قوم بجمع كافة أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن هنا بدأت رحلته في جمع الحديث إلى جانب الرؤية التي رآها للنبي في منامه وكان الحبيب المصطفى حاملاً مروحة وكان تفسير تلك الرؤية أنه سوف يدفع الكذب عن أحاديث الرسول، بينما الإمام مسلم فما دعاه إلى تصنيف مؤلفه، وفيما يتعلق بالوقت الذي استغرقه كلاً من الإمامين في تأليف كتابه فقد استغرق الإمام البخاري اثني وعشرين عاماً، أما الإمام مسلم فقد استغرق خمسة عشر عام، وكان تأليف الإمام البخاري سابقاً للإمام مسلم بحوالي ثماني عشرة عام.

[1]


مقارنة بين الصحيحين

قام الإمام مسلم بوضع مقدمة لكتابه (صحيح مسلم) والتي ذكر بها بعضاً من الأحاديث لم تتفق مع شروط الصحة لديه، ولكن الإمام البخاري لم يقم بوضع مقدمه لمؤلفه، كما اختلف الإمامان فيما صدر عنهما من كتب صحيحيهما من حيث العدد، حيث شمل صحيح البخاري من الكتب عدد سبع وسبعون أولهما كتاب (بدء الوحي)، وآخر تلك الكتب كان (كتاب التوحيد).

أما الإمام مسلم فقد تضمن مصنفه صحيح مسلم عدد كتب قد بلغ سبعة وخمسون كتاب حيث كان أولها كتاب (الإيمان) وآخر تلك الكتب كان كتاب (التفسير)، ولم يقم مسلم بتبويب أياً من صحيحه ولكن من قام بذلك هو الإمام النووي رحمه الله بعده، ولكن الإمام البخاري كان قد قام بتبويب صحيحه إلى الكثير من الأبواب.

تضمن صحيح مسلم من حيث عدد الأحاديث الصحيحة أبعة آلاف حديث، أما عدد الأحاديث الصحيحة في صحيح البخاري قد وصل إلى سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة وستون حديثاً، ولم يكن الإمام سملكم يورد في صحيحه سوى الأحاديث النبوية الكاملة، أما فيما عن الإمام البخاري فقد اختلف فيما يتعلق بذلك الأمر حيث تضمن صحيحه مجموعة من الأحاديث المقطعة وفقاً للأبواب، حيث جمع بين المقصد الفقهي، وقوة الإسناد.

[1]


الموازنه بين صحيح البخاري وصحيح مسلم

لم يرد عن الإمام مسلم أنه قام بحذف راو أو اثنين أو أكثر من رواة الحديث في سنده، بينما الإمام البخاري فقد قام بفعل ذلك بكثرة، ولكن في صحيح مسلم لم يرد سوى أربعة عشر حديث معلق فقط لا غير.

أما فيما يتعلق بشروط قبول الأحاديث فإنها من قبيل الأمور التي اختلف بها الإمامين أيضاً حيث أن نوع الحديث الذي تضمن (سند فلان عن فلان) كان الإمام البخاري يشترط به الالتقاء بين الرواة، ولكن الإمام مسلم في صحيحه كان قد تساهل في الأمر عن الإمام البخاري حيث اقتصر شرطه فقط على معاصرة الرواة مع كون اللقى ممكناً، وبذلك كان البخاري متشدد أكثر عن الإمام مسلم في شروط الضبط والعدالة الواجب أن تتوفر بالرواة. [2]

وعلى الرغم م تلك الفروق بين الصحيحين إلا أنه لا يوجد خلاف بين فقهاء الإسلام على المكانة العظيمة لكلاً منهما وأن كليهما هو الكتاب الأصح بعد كتاب الله وقرآنه الكريم، ولا يجوز لأياً من كان أن يطعن بها أو يشكك في صحتها أو يقلل من مكانتها، أو ثارة الشبهة حول أياً منها، حيث تعد مرجع رئيسي شرعي للاطلاع والتعرف على مختلف الأحكام الشرعية، ويشار إلى أن كتب الصحاح أو

الكتب الستة

من بينها صحيحي البخاري ومسلم.