أسرار آية فسيكفيكهم الله

أسرار ” فسيكفيكهم الله “

في سورة البقرة بشكل عام ذكر الله تعالى الكثير من الأمور التي تهم كل مسلم كما ذكر العديد من القصص الإسلامية والآيات الكريمة والأسرار الرائعة، وفي قوله تعالى: ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق

فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم

).

وفي هذه الآية يوضح الله تعالى الطريق الصحيح في الدين الإسلامي الحنيف، ويقوم الدين على أن يعترف المسلم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وجميع الأنبياء والرسل الذين ثبتت نبوتهم، وقد رغبت هذه الآية المسلمين في الإيمان في قوله تعالى: (فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا).

وهناك العديد من التفسيرات التي يمكن أن نفسر بها هذه الآية، والتفسير الأول هو أن المقصود التثبيت، فإذا حصلوا على دين آخر مماثل لدينكم ومساوي له في السداد والصحة فهم بذلك قد اهتدوا، ولكن من المستحيل أن يستطيعوا إيجاد دين آخر يساوي الدين الإسلامي في الصحة والسداد، وبالتالي من المستحيل أن يهتدوا بهذا الشكل.

فالدين الإسلامي هو الرأس الصائب، وفي حالة الحصول على رأي أكثر صوابًا يمكن العمل به، مع أنه لا يوجد ما هو أصوب من ذلك ولكن الغرض من الآية هي التثبيت على الدين الصحيح فقط لأنه يستحيل أن يتواجد دين آخر مساوي للدين الإسلامي في السداد، لأن هذا الدين بني على أن كل ما ظهرت عنه المعجزات وجب اعتراف المسلمين به.

وكل ما يختلف عن الدين الإسلامي فهو يتناقض معه، والمتناقض من المستحيل أن يساوي غير المتناقض في الصحة، ويظهر ذلك واضحًا في قول الله تعالى: (ليس كمثله شيء) [الشورى : 11].

وفي قول الله تعالى: ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به)، فهذا يعني أنه إذا أصبحوا مؤمنين بنفس الطريقة التي صرتم بها مؤمنين يكونوا قد اهتدوا، وتجمع هذه الآية ما بين الإيمان والتصديق.

روى محمد بن جرير الطبري أن ابن عباس قال: لا تقولوا فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فليس لله مثل ولكن قولوا فإن آمنوا بالذي آمنتم به ، قال القاضي : لا وجه لترك القراءة المتواترة من حيث يشكل المعنى ويلبس لأن ذلك إن جعله المرء مذهبا لزمه أن يغير تلاوة كل الآيات المتشابهات وذلك محظور والوجه الأول في الجواب هو المعتمد .

أما قوله تعالى: ( فقد اهتدوا ) فالمقصود به فقد عرفوا بما هدوا إليه وتقبلوه كما هو، والآية تدل على أن الإيمان والهداية كانت موجودة بالفعل قبل أن يتم هذا الاهتداء، وهذه الهداية لا يمكن الوصول إليها إلا بالدلائل التي يضعها الله تعالى وقام بالكشف عنها وأوضح وجوه دلالتها. [1]

تفسير فسيكفيكهم الله

في قوله تعالى

فسيكفيكهم الله

يقصد بذلك أن الله سيكفي رسوله الأعداء المحيطين به، وقد كان ذلك من وعود الله تعالى للنبي عليه السلام أنه سيكفيه شر من يعانده ويخالفه، وذلك بما يحيط به من المؤمنين الذين يصدقونه ويؤمنون بالله تعالى،

وبالفعل تحقق وعد الله تعالى عندما تم قتل بني قينقاع وبني قريظة وجلاء بني النضير، وقد كان الكاف والهاء والميم في موضع نصب مفعولان وفي غير القرآن يجوز قول فسيكفيك إياهم. [2]

فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم لقضاء الحوائج

يقصد بقول الله تعالى في كتابه الكريم (فسيكفيكهم الله) بأن لا يلتفت المؤمن إلى ما يقول الأعداء وسوف يكفيه الله تعالى من شرورهم، فمن الضروري أن يلجأ الفرد إلى الله تعالى دائمًا وفي كل وقت، مع الحرص على قراءة القرآن الكريم وتكراره، ومن الآيات التي لابد من تكرارها هي قول الله تعالى (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم).

فالله سبحانه وتعالى يكون دائمًا بجانب عباده، ويتضح ذلك جليًا في سورة الزمر، قال الله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)ويدل ذلك على قرب الله من عباده خاصة الصالحين منهم والمداومين على الذكر الذي يكون السبب في قضاء الحوائج.

كما أن الآية تعتبر دليل واضح على أن الله يكفي عباده الصالحين شرور الدنيا ويقيهم من عذاب الآخرة، ويقول الله تعالى لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه في حالة محاولة النصارى واليهود أن يصيبوه بالضرر ويكيدوا له فإن الله تعالى سوف يحميه لأنه قريب ويجيب دعاء الجميع، ومهما حاول الكفار واليهود والنصارى أذية الرسول بالسحر أو أي أمر آخر فسينجيه الله.

ومع المداومة على قراءة آية (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) وتكرارها في كل وقت، فإن هذا الأمر يمنح النفس الشعور بالراحة النفسية والهدوء، حيث أن فيها دعاء يساعد على وقاية الإنسان من الشرور والمكائد التي تشمل الأذى الجسدي والنفسي والحسد، كما أن تكرارها كثيرًا يعتبر من أفضل الأذكار التي ينصح بالاستعانة بها على مدار اليوم. [3]

مجربات فسيكفيكهم الله

كما ذكرنا في السابق تعتبر آية (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) من الآيات التي تقي من شر الحسد والأمور الغيبية التي قد تسبب الأذى للأفراد وذلك عندما يتم تكرارها أكثر من مرة على مدار اليوم، وهناك أيضًا مجموعة من المجربات التي لها نفس التأثير وينصح بتكرارها، وتتمثل هذه المجربات فيما يلي من آيات:

  • واتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (103) (البقرة 102-103).
  • أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118) (المؤمنون).
  • قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا. (الجن 1-5).
  • قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ، وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ. (الفلق).