من هن الأيامى

الأيامى من يكونون

قال الله تعالى: “

وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله” [النور: 32]، حيث إن


الإنكاح هنا جاء بمعنى (التزويج)

، إذ أن قوله تعالى “

وأنكحوا الأيامى” معناه

(زوجوهم)، وكلمة أيامى هي جمع أيم مع فتح الهمزة وتشديد الياء المكسورة، كما أن الأيم هو من ليس متزوج من النساء أو الرجال، وبالرغم من كونه قد تزوج من قبل فإنه يطلق عليه ذات اللفظ، أو حتى لو كان لم يتزوج من قبل، فيحنها يقال امرأة أيم، ورجل أيم ، وقد قام الشماخ بن ضرار بتفسيره في شعره الذي أوضح فيه أن الأيم هو الأنثى الغير متزوجة في وقتها الحالي، ولكن يجب معرفة أن قول الله تعالى في هذه الآية: “

وأنكحوا الأيامى”

يتضمن الرجال والنساء أيضًا، كما أن قوله: (منكم)، يشير إلى المسلمين. [1]

والفكرة العامة التي يتم فهمها من تلك الآية والتي تم التصريح بها في غيرها من الآيات، مثل قول الله عز وجل في أيامى الكفار من الرجال: “

ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا”

[البقرة: 221]، وكذلك قوله في أياماهم من النساء: “

ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن”

[البقرة: 221]، وأيضًا قال الله عز وجل في جميعهم: “

فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن”

[الممتحنة: 10]، ومن المواضع في الشعر التي تم إطلاق فيها لفظ الأيم على الرجل الغير متزوج قول أمية بن أبي الصلت الثقفي: [1]

لله در بني علي     أيم منهم وناكح

وكذلك أطلق على النساء هذا اللفظ في قول الشاعر: [1]

أحب الأيامى إذ بثينة أيم     وأحببت لما أن غنيت الغوانيا


معنى إمائكم

المعنى من تأويل الله عز وجل: “

وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم” [النور:32]،

وهو أن أيها المؤمنون زوجوا من غير متزوج من أحرار نسائكم ورجالكم، وكذلك الصالحون من المماليك والعبيد، والأيامى، كما أن جمع الأيم هو أيامى، حيث إنها فعيلة من ناحية المعنى، ومن مواضع الشعر التي ذُكر فيها هذا اللفظ جمعًا هو قول جميل: [2]

أحب الأيامى إذ بثينة أيم وأحببت لما أن غنيت الغوانيا

بالإضافة إلى أنها إذا تم جمعها أيائم أصبح صحيحًا أيضًا، ومن المعروف كذلك أنها تُطلق على الذكر والأنثى، إذ يقال (رجل أيم)، كما يقال (امرأة أيم وأيمة)، وهذا فقط في حالة عدم زواج كلًا منهم، ومثال ذلك قول الشاعر: [2]

فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي     وإن كنت أفتى منكم أتأيم


إلى جانب أن معنى “إن يكونوا فقراء” يشير إلى

أنه في حالة كان هؤلاء الذين يتم نكاحهم من الأيامى أهل فاقة وفقر، فإن الله سوف يجعلهم أغنياء من فضله وحده عز وجل، حيث إن الفقر لا يمنع من حدوث الزواج، ومما تم ذكره في هذا قول أهل التأويل: حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: “

وأنكوحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم”

قال: (أمر الله سبحانه بالنكاح، ورغبهم فيه، وأمرهم أن يزوجوا أحرارهم وعبيدهم، ووعدهم في ذلك الغنى)، فقال: “

إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله”،

وقوله: “والله واسع عليم” يعني أن الله ذو فضل واسع وعطايا كثيرة، فإعملوا على تزويج إماءكم، حيث إن الله يُكرمهم من فضله، حتى وإن كانوا فقراء، فإن (عليم) تدل على أنه يعرف من الفقير ومن الغني، إذ أنه يعرف كل أمور عباده. [2]


سبب نزول وأنكحوا

الأيامى


نزلت هذه الآية لبعض الأسباب المعينة التي أراد الله أن يُوضحها لعباده، والتي تم ذكر فيها “وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم


وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم


ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين” [النور: 32- 34]

[3]

تضمنت تلك الآيات مجموعة من الأحكام المحكمة، والأوامر الواجب على المسلمين اتباعها، حيث إن الله تعالى قال: “

وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم”، وهو ما يعتبر

أمر من الله بالزواج، كما أن بعض العلماء ذهبوا إلى جعله واجبًا، ولكنه فقط لمن استطاع، وكانت حجتهم حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: [

يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء]

. [3]

هناك أحاديث أخرى تم ذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [

تزوجوا، توالدوا، تناسلوا، فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة]، إلى جانب أن

ابن أبي حاتم قال: (حدثنا أبي، حدثنا محمود بن خالد الأزرق، حدثنا عمر بن عبد الواحد، عن سعيد قال: بلغني أن

أبا بكر الصديق،

رضي الله عنه، قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز [ لكم ] ما وعدكم من الغنى، قال: “

إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله”)

. [3]


معنى عبادكم

عند البحث عن وضع السياج الصحيح للفتاة، المرأة والأسرة الصالحة، فإن الله تعالى في سورة النور يأمر عباده بأهمية السير وراء سرعة زواج الشباب من الجنسين، كما ذكر عز وجل أنه لا يجب عليهم الخوف من الفقر أو ضيق الحال، حيث إن الرزق يكون من عند الله سبحانه وتعالى، بالإضافة إلى أمره أن من لم يُيسر له أن يتزوج بعد، وجب عليه الصبر والتحلى بالعفة حتى يتم زواجه، إلى جانب أمره بالمساهمة في تحرير العبيد من الرق، وكذلك نهيه عن تشجيع الإماء على البغاء، حتى يحفظن كرامتهن، ومنعًا لانتشار الرذيلة في مجتمعات المسلمين. [4]

ومن التفسيرات التي تناولت هذه الآية الكريمة قول السعدي: (يأمر تعالى الأولياء والأسياد، بإنكاح من تحت ولايتهم من الأيامى وهم: من لا أزواج لهم، من رجال، ونساء ثيب، وأبكار، فيجب على القريب وولي اليتيم، أن يزوج من يحتاج للزواج، ممن تجب نفقته عليه، وإذا كانوا مأمورين بإنكاح من تحت أيديهم، كان أمرهم بالنكاح بأنفسهم من باب أولى)،

وفي ذكره تعالى “وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ”

يمكن أن يكون المعنى وراء الصالحين، هو صلاح الدين، وكذلك الصالح من العبيد والإماء، هما من يبتعدون عن الفجر والزنا. [4]