شرح قصيدة دعوه مبذرا

قصيدة دعوه مبذرا  للمتنبي

المتنبي هو أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي الكندي ، هو يعتبر من أعظم و أشهر  شعراء العربية ، و قد ولد المتني في  الكوفة ، في منطقة تسمى الكندة و هي ترجع إلى سبب تسميته بالمتنبي الكندي ،  ترعرع و كبر في الشام ، و فيها درس اللغة العربية و الأدب ، و كتب عدد كبير من القصائد الشعرية المختلفة.

و يقول المتنبي :-

بأبي الشموس الجانحات غواربا

اللابسات من الحرير جلاببا

المنهبات قلوبنا وعقولنا

وجناتهن الناهبات الناهبا

أظمتني الدنيا فلما جئتها

مستسقيا مطرت علي مصائبا

حال متا علم ابن منصور بها

جاء الزمان إلي منها تائبا

يستصغر الخطر الكبير لوفده

ويظن دجلة ليس تكفي شاربا

كرما لو حدثته عن نفسه

بعظيم ما صنعت لظنك كاذبا

سل عن شجاعته وزره مسالما

وحذار  ثم حذار منه مسالما

ودعوه من فرط السخاء مبذرا

ودعوه من غصب النفوس الغاصبا

كالبدر من حيث التفت رأيته

يهدي إلى عينيك نورا ثاقبا

تمهيد لقصيدة دعوه مبذرا

تعتبر قصيدة المتنبي من القصائد الشعرية العمودية ،  التي يكون بها الشعر كله منظم على بحر معين ، و تفعيلات ثابتة . و قد نلاحظ أن كل بيت يتكون من شطرين ،  و الشطر الأول يسمى صدر البيت ، أما بالنسبة للشطر الثاني فيسمى عجز البيت ،و في الغالب ينتهي بقافية موحدة .

شرح قصيدة دعوه مبذرا

يمكننا تقسيم القصيدة إلى ثلاث وحدات أساسية و هم :


الوحدة الأولى

تتكون الوحدة الأولى من البيت الأول إلى البيت الثالث حيث يقول المتنبي :

بأبي الشموس الجانحات غواربا

اللابسات من الحرير جلاببا

المنهبات قلوبنا وعقولنا

و هنا أختار الشاعر النساء ليقول أنهم من يأثرون قلبه و كيانه ، و هي تعتبر مقدمة غزلية ، يحكي فيها الشاعر جمال النساء و ترفهن ، و يقول أيضا أن لهن قدرة كبيرة على أثر قلبه و سلب عقله  . و يصف أيضا لبسهن الذي أعتادن أن يكون من جلاببا من الحرير المرصع .

و قد نجد المدح هنا ، قد ظهر في أبهى صوره ، و المدح هنا جماعي و يخص النساء بصورة عامة و ليست على وجه الخصوص ، أي أنه لا يخاطب أمرأة بعينها و لكنه يخاطب النساء جميعا .


الوحدة الثانية

تتكون الوحدة الثانية من البيت الرابع للبيت السادس  ، حيث يقول المتنبي :

و جناتهن الناهبات الناهبا

أظمتني الدنيا فلما جئتها

مستسقيا مطرت علي مصائبا

أنشأ المتنبي هنا نقطة تحويل كبيرة في قصيدته ، حيث أنه أنتقل من مدح الصبايا إلى الشكوى من الدنيا أو الدهر بصفة عامة ، حيث أنه ذكر كلمة ( أظمتني )  و هي كلمة جاءت من  بمعنى أظمئ ، أي أَصابَهُ العَطَشُ الشَّديدُ من الدنيا ، و عندما طلب منها أن تسقيه من الأفراح  ، أمطرت عليه المصائب و الخيبات من كل جانب من جوانب الحياة .


الوحدة الثالثة

تتكون الوحدة الثالثة من البيت السابع إلى آخر النص

بعد أن ذكر الشاعر أنه ظل وحيدا تتراكم عليه الهموم و الخيبات من الدنيا ، ذكر أيضا علي بن منصور و كيف أنه ساعده في التخلص من الكثير من مشاكله و مصائبه التي كانت تتراكم عليه الواحدة تلو الأخرى .

و قد ذكر أيضا بعضا من صفات الخليفة علي بن منصور ، منها الشجاعة و حذر منه أنه ليس مسالما و أنه قويا مغوار في الحروب و الشدائد . و قال عنه أنه كريما ، حيث إنك سوف تظن أنه من شدته كرمه ، أنه مبذرا و لكنه ليس مبذرا بس كريم ، يعطي من سأله و يعطي المحتاج الفقير .

و من حيث رعية الخليفة على بن منصور ، قد تجد أنه له تأثير إيجابي على رعيته  ، حيث أنه يتصفون بنفس صفات الخليفة و يتبعون خطاه في الحياه الدنيا .

و مدحه المتنبي حينما قال ، أنك ستجد وجه الخليفة على بن منصور بدرا ، كلما إلتفت إليه ، و كان القصد هنا أنك حين تحتاج إليه في أمور الدنيا ستجده حاضرا و مؤديا واجباته كاملة .

تحليل قصيدة دعوه مبذرا

يمكننا تحليل القصيدة و ذلك من خلال أستخدام الكلمات  المستعارة  و بعض الصور التي شكلها المتنبي من أجل  توضيح الفكرة الأساسية للنص .


المعجم

و يمكننا تقسيم القصيدة إلى عدد من الكلمات المعجمية ، حيث نجد أن المتنبي ، قد أستخدم عدد من الكلمات المعجمية التي تدل على صفتين مهمين في وصف الخليفة عمر بن منصور


صفة الشجاعة

لقد أستخدم المتنبي عدد من الكلمات الجميلة المتوازنة في القافية و المعنى ، ليوضح شجاعة الخليفة و هي

  • سنان قناته : أي أنك تجده أسد عند الحروب
  • دما
  • ،الخطر الكبير
  • سل عن شجاعته
  • زره مسالما
  • محارب
  • جحفلا: أي يقصد به السَّيِّد الكريم و عند ذكر رجل جَحْفَل: أي أنه سيد عظيم
  • طاعنا : أي طاعنا بالسيف في الحروب
  • ضاربا
  • فوارسا : بمعنى فارسا مغوار


صفة الكرم

أستخدم المتنبي بعض الكلمات الدالة على صفة الكرم ، و من هذه المرادفات ما يلي :

  • كرما
  • من فرط السخاء مبذرا
  • ،كالبدر ،يهدي ،نورا ثاقبا ،
  • البحر يقذف للغريب جواهرا ،
  • جودا ،سحائبا
  • يخشى ،
  • البلاد

الصورة الشعرية في دعوه مبذرا

لقد أستخدم الشاعر مجموعة من الصور الشعرية و منها


الأستعارة

في البيت الأول ” بأبي الشموس الجانحات غواربا ” : نجد أن

  • المستعار له : هي كلمة محذزفة و هي ” النساء “
  • المستعار منه : جاءت الشموس بدلا من النساء
  • القرينة : كلمة اللابسات ، و هي في البيت الثاني

في البيت السادس ” جاء الزمان إلي منها تائبا” و منها نجد أن

  • المستعار له : الزمان
  • المستعار منه :هو الأنسان و لكنه عوض عنها بصفة من صفات الأنسان ألا و هي التوبة .
  • القرينة : تائبا


التشبيه


نرى في الأبيات  (17، 18، 19)،  أن الشاعر قد أستخدم أسلوب التشبيه لكي يصف الخليفة الذي ساعده في النجاه من أزمات الحياه . و شبهه بالبدر و بالشمس و بالبحر .


الأسلوب

لقد مزج المتنبي بين الأسلوب الخبري و الأسلوب الأنشائي لتوضيح فكرته و أسلوبه . [1]


الأسلوب الإنشائي

  • و ذلك ظهر واضحا في أسلوب الأستفهام الموجود في البيت الرابع:  و هو ” كيف الرجاء من الخطوب تخلصا؟”.
  • أستخدام أسلوب الأمر في البيت العاشر:” سل عن شجاعته و زره مسالما”.
  • نلاظ أيضا أستخدام أسلوب القسم في البيت الأول: في  ” بأبي الشموس”.


الأسلوب الخبري

نجد أن الشاعر أراد أن يحكي لنا عن أحواله مع الزمان و على ذلك قد أستخدم أسلوب التصوير في الوصف ، مثل: ” أظمتني الدنيا … و كذلك في مدح علي بن منصور الحاجب و ذلك في الأبيات أرقام (7 ـ 8 ـ 9 ـ 11 ـ 12 ـ 13 ـ 14 ـ 15 ).

و على الرغم من إجتياح الأسلوب الإنشائي للقصيدة ، إلا أن المتنبي قد أظهر العديد من الأساليب الخبرية ، و التي غرضها الأساسي هو توضيح و تسليط الضوء على الفكرة الأساسية للنص ، و ظهر الأسلوب الخبري واضحا في إستخدام أسلوب المدح ، الذي كان في الأساس موجها للخليفة علي بن منصور .