دعاء الطعام ” اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار”


دعاء الانتهاء من الطعام




حرصت الشريعة الإسلامية على وضع تعاليم و آداب متنوعة ، وشاملة لحياة الناس ، و من تلك التعاليم ، كان للطعام نصيب منها

اداب الاكل و الشرب

،

وغيرها من الآداب الكثير ، والذي وضع له العلماء كتب ، ومؤلفات.


وقدمت كذلك الشريعة ، بعض الأدعية التي تتناسب مع كل فعل أو حدث في حياة المسلم ، حتى يكون بالدعاء دائم الاتصال بربه ، و دائم الذكر ، ومن ذلك كان دعاء الانتهاء من تناول الطعام الذي ذكره النووي وهو ” اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار”.


ومع اعتبار ما في هذا الحديث من ضعف ، إلا أنه ليس مرفوض ، ويمكن للمسلم البدأ بالبسملة ، أي قول بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم عند الانتهاء من الطعام أن يدعوا ذلك الدعاء طالبا من ربه البركة فيما رزق وما أطعمه ، وذاكرًا للنار والخوف منها وطالبًا الاستعاذة بالله ، وإن كان ترك هذا الدعاء أولى عند بعض الفقهاء لشدة ضعفه ، و يمكن الاستعاضة عنه بدعاء اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ ، وهناك


أحاديث عن آداب الطعام والشراب


منها يمكن التعرف على الأحاديث الصحيحة في الدعاء.


من تلك ما رواه ابن عباس “


دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَلَى مَيْمُونَةَ ، فَجَاءَتْنَا بِإِنَاءٍ فِيهِ لَبَنٌ ، فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَا عَلَى يَمِينِهِ وَخَالِدٌ عَلَى شِمَالِهِ ، فَقَالَ لِي الشَّرْبَةُ لَكَ فَإِنْ شِئْتَ آثَرْتَ بِهَا خَالِدًا فَقُلْتُ مَا كُنْتُ أُوثِرُ عَلَى سُؤْرِكَ أَحَدًا ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَطْعَمَهُ اللَّهُ الطَّعَامَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ ، وَمَنْ سَقَاهُ اللَّهُ لَبَنًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ شَيْءٌ يُجْزِئُ مَكَانَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ غَيْرُ اللَّبَن.


وبذلك يمكن وضع أدعية الطعام ، والابتداء فيها بالبسملة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يبدأ بقول بسم الله الرحمن الرحيم، والأفضل قول بسم الله فقط ، ثم إذا نسي ، يقول بسم الله في أوله وآخره ، ثم إذا انتهى من طعامه قال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين ، أو يقول بعد الانتهاء من الطعام الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.


وقد نُقِلَ لنا عن السلف الصالح مأثورات من الدعاء بعد الانتهاء من الطعام مثل ما نقله ابن أبي شيبة قال كان سلمان إذا طعم قال الحمد لله الذي كفانا المؤنة، وأوسع لنا الرزق ، حدثنا أبو أسامة عن هشام قال: كان أبي لا يؤتى بطعام ولا شراب حتى الشربة من الدواء فيشربه أو يطعمه حتى يقول ” الحمد لله الذي هدانا وأطعمنا وسقانا ونعمنا والله أكبر، اللهم ألفتنا نعمتك بكل شر فأصبحنا وأمسينا منها بكل خير، نسألك تمامها وشكرها، لا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك، إله الصالحين، ورب العالمين، الحمد لله رب العالمين، لا إله إلا الله، ما شاء الله ولا قوة إلا بالله، اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار”.


فضل الدعاء بعد الطعام


نعم الله لا تعد ولا تحصى ، ومن هذه النعم نعمة رزق الله للبشر ، وخاصة رزقهم ما يطعموه ، و يسد جوعهم، حتى أن تلك النعمة على شدة عظمتها ، ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه ، وذكر بها أهل مكة ، في مجمل تذكيره لهم بنعمه عليهم ، وأمره لهم بالعبادة مقرون بتذكيرهم تلك النعمة وجاء ذلك في الآيات {لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْت * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}، [ سورة قريش:الأيات من 1 -4].


وبذلك يكون الرزق بالطعام من جل نعم الله لعباده، هذا والأمر لم يكن فقط في القرآن الكريم، بل جاء عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي أحاديثه ، وأدعيته ما يؤكد ذلك ، ومنها ما رواه الترمذي ، وقال الألباني حسن- عن مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».


لذا فإنه من فضل الدعاء بعد الطعام أن يغفر الله لصاحبه ذنوبه ، وهو أمر كبير يتفضل به الله على عباده فهو الذي يرزقهم ، ويلهمهم الدعاء ويبارك لهم فيه ، ويزيدهم من فضله ، ثم يغفر لهم. [1]


آداب الانتهاء من الطعام


للطعام كما للشراب ولكثير من العادات والتصرفات أداب ، و أدعية وكما ذكرت كتب الأثر

الدعاء قبل الطعام

، بينت كذلك ، ما بعد الطعام من دعاء و أداب يمكن ذكر بعض منها مثل


  • حمد الله سبحانه وتعالى بعد الانتهاء من الطعام كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ : ” الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلا مُوَدَّعٍ وَلا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا ” رواه البخاري.

  • أو قول آخر عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب قال : الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجاً ” رواه أبو داود.

  • والصيغة الثالثة اللهم أطعمت وأسقيت وهديت وأحييت ، فلك الحمد على ما أعطيت ” رواه أحمد.

  • الدعاء بالبركة كما كان يدعو النبي صلى الله عليه وسلم  اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ ، رواه الترمذي.

  • الامتناع عن كلمات الذم في وصف الطعام ، ومن ذلك قول هذا الطعام كثير الملح ، أو ينقصه الملح ، أو قوامه رقيق ، أو العكس ، أو الطعام ينقصه النضج وغيره. [2]


فوائد من دعاء وآداب انتهاء الطعام


يستفاد من أدعية انتهاء الطعام ، ومن آدابه أمور هامة ، كما هو في كل ما أتت به الشريعة الإسلامية ، وأهم ما يستفاد من ذلك ذكر الله أمر واجب دائم على المسلم ، ودعاؤه موصول بربه في كل حركاته وسكناته ، وهو من فضل الله ونعمه ، أن يظل المسلم على اتصال بربه لا ينقطع ، ولا يتوقف على وقت العبادات فقط.


  • ضرورة البدء في كل أمر بذكر الله حتى يكون في كل أمره بركه.

  • ضرورة اتباع الآداب والأدعية لينال المسلم فضل ذلك.

  • حمد الله وشكره على النعم ومنها الطعام.

  • التدريب المستمر للسان على عبادة الحمد والشكر.

  • الدعاء بالبركة ، والنجاة من النار ، و الاعتراف بفضل الله على عباده ، من أول رزقه لهم بطعامهم ، وحتى إخراج ذلك الطعام.

  • الزيادة التي ينعم بها الله لعباده كما وعدهم إذا شكروه ، يزيدهم من فضله.