من هو ” ابو نواس ؟ ” وأشهر اقوالة

من هو أبو نواس

هو شاعر عباسي من أشهر شعراء الدولة العباسية، ومن كبار شعراء الثورة التجديدية، فقد خرج أبو نواس عن تقاليد القصيدة العربية، ورفض التصنع والتكلف في الوصف، فلقد تميز شعره بسهولة الألفاظ ولين العبارات وخفة التركيب، وتميز بالمعاني السلسلة، فكان بعيدًا كل البعد عن الحشو.

ثار الشاعر أبو نواس على التقاليد الشعرية القديمة ، ورأى في الخمر شخصًا حيًا يعشقه، ويستحق المديح والتكريم، فانقطع عمن حوله لأجل الخمر، وأصبح ينكر الحياة ويتنكر لكل اقتصاد في تطلب متع الحياة، ولذلك لقب أبو نواس بشاعر الخمر، لكنه تاب في نهاية حياته عما كان فيه، وأنشد الأشعار الدينية واتجه إلى الزهد. [1]

مولد أبو نواس وحياته

هو أبو نواس أو الحسن بن هانئ الحكمي، كان يكنى بأبي علي وأبي نؤاس والنؤاسي، وُلد في مدينة الأهواز من بلاد خوزاستان عام 145 هجريًا، كان أبوه من جند مروان بن محّمد أخر خلفاء بنى أمية وكان جده مولى الجراح بن عبد الله الحكمي والذي آنذاك كان أمير خُراسان، عاش بالبصرة ثم انتقل مع والده إلى العراق بعد زوال حكم الملك مروان بن محمد، لكن توفى والد أبو نواس عندما كان في عمر السادسة، فقامت أمه بتسليمه إلى الكتّاب، ثم أرسلته إلى أحد العطارين ليعمل عنده أجيرًا يقوم ببري عيدان الطيب، وحين انتقلت الخلافة إلى بني العباس انتقل من البصرة إلى الكوفة، وهناك التقى بوالبة بن حباب الأسدي الكوفي، وهو أحد شعراء العرب البارزين في ميدان الخلاعة والتهتك، فقام الحباب بالاعتناء به ورعايته، وعمل على تأديبه وتعليمه.

قام أبو نواس بأخذ اللغة العربية من منابعها الأصيلة في بادية بني أسد، ثم عاد إلى البصرة والتقى بخلف الأحمر وأخذ عنه كثيرًا من علمه وأدبه وشعره، وكان خلف يجعل أبو نواس يحفظ الأشعار القديمة قبل أن يُلقي الشعر، وكان كلما حفظ شعرًا طلب منه أن ينساه وأن يحفظ أخر، وعندما كان أبو نواس على مشارف الثلاثين من عمره كان قد ملك ناصية الأدب واللغة العربية، واطلع ايضًا على العديد من العلوم الإسلامية من تفسير وفقه وحديث، ودرس أحكام القرآن، حتى إن ابن المعتز قال في أبو نواس في كتاب طبقات الشعراء:« كان أبو نواس عالمًا فقيهًا عارفًا بالأحكام بصيرًا بالاختلاف، صاحب حفظ ونظرة ومعرفة بطرق الحديث، يعرف مُحكم القرآن ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه.»

وعندما كان أبو نواس بالبصرة شغف بحب جارية تدعى جنان، قال فيها العديد من الأشعار التي تعبر عن عمق مشاعره نحوها، وبعدها انتقل أبو نواس إلى بغداد وتقرب من هارون الرشيد وقال فيه الأشعار ونال مكانة مرموقة لدى الرشيد بسبب مدحه إياه، لكنه ذهب إلى البرامكة ومدحهم مما أثار سخط الهارون عليه وأمر بحبسه إن عاد، لكن أبو نواس لم يعد إلا بعد وفاة هارون الرشيد.
تقرب أبو نواس أيضًا من الأمين ابن الرشيد الذي أحسن وفادته وقال فيه العديد من الأشعار التي مدحه فيها، غير أن الناس قد أوغروا صدر الأمين اتجاهه بسبب مجاهرة ابو نواس بإباحته ومباذلته، حتى أنهم ذكروه في خطبة الجمعة مطالبين بعقابه، مما حمل الأمين على سجنه في بغداد، وقام الفضل بن الربيع بالشفاعة لأبو نواس لدى الخليفة فأخرجه، وعندما مات الأمين قال أبو نواس فيه أشعارًا تدل على صدق مشاعره اتجاهه.[1]

عاش أبو نواس حياة مليئة باللهو والفسق، وكان هذا الأمر جليًا واضحًا في أشعاره، وتوفى عام 199 هجريًا، لكن قال العديد من المؤرخين أنه قد تاب قبل موته واستدلوا على ذلك بأحد أشهر قصائده التي وجدوها أسفل فراش موته حيث قال فيها:

فلقد علمت بأن عفوك أعظـمُ
إن كان لا يدعوك إلا محسـن
فمن الذي يرجو ويدعو المجرم
أدعوك رب كما أمرتَ تضرّعًا
فإذا رددتَ يدي فمن ذا يرحـم
ما لي إليك وسيلة إلا الـرّجـا
وجميل عفوك ثمّ أني مُسـلـم.

أشهر أقوال الشاعر أبو نواس

  • فَقُل لِمَن يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً، حَفِظتَ شَيئاً وَغابَت عَنكَ أَشياءُ، لا تَحظُرِ العَفوَ إِن كُنتَ اِمرَأً حَرِجاً، فَإِنَّ حَظرَكَهُ في الدينِ إِزراءُ.
  • مرِضَ الحبيبُ فعُدْتُهُ، فمرِضْتُ مِن خوفي عليهِ، فأتى الحبيبُ يزورني، فبَرِئْتُ مِن نَظرِي إليهِ.
  • نادَيتُ قَلبي بِحُزنٍ ثُمَّ قُلتُ لَهُ، يا مَن يُبالي حَبيباً لا يُباليهِ، هَذا الَّذي كُنتَ تَهواهُ وَتَمنَحَهُ، صَفوَ المَوَدَّةِ قَد غالَت دَواهيهِ.
  • نابَذتُ مَن بِاِصطِباري عَنكِ يَأمُرُني ،لِأَنَّ مِثلَكِ روحي عَنهُ قَد ضاقا، ما يَرجِعُ الطَرفُ عَنها حينَ أُبصِرُها، حَتّى يَعودَ إِلَيها الطَرفُ مُشتاقا.

قصائد للشاعر أبو نواس

قام أبو نواس بنظم حوالي 100 قصيدة، لكن لم يقم بإنشاء ديوان خاص به، بل قام العديد من المؤرخين بجمع أشعاره وفهرستها، من أمثال هؤلاء المؤرخين الصوليّ الذي جمعه في عشرة فصول، والأصفهاني أيضًا، بينما قام المهملم بن يموت بن مزرد بتنقيح شعر أبو نواس وجمعه بكتاب عنوانه (سرقات أبي نواس)، وكانت

قصائد أبو نواس

كثيرة سنتناول أشهرها:

قصيدة دع عنك لومي

دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ صَفراءُ

لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها لَوْ مَسّها حَجَرٌ مَسّتْهُ سَرّاءُ

مِنْ كف ذات حِرٍ في زيّ ذي ذكرٍ لَها مُحِبّانِ لُوطيٌّ وَزَنّاءُ

َقامْت بِإبْريقِها، والليلُ مُعْتَكِرٌ فَلاحَ مِنْ وَجْهِها في البَيتِ لألاءُ

فأرْسلَتْ مِنْ فَم الإبْريق صافيَة ً كأنَّما أخذَها بالعينِ إغفاءُ َ

رقَّتْ عَنِ الماء حتى ما يلائمُها لَطافَةً، وَجَفا عَنْ شَكلِها الماءُ

فلَوْ مَزَجْتَ بها نُوراً لَمَازَجَها حتى تَوَلدَ أنْوارٌ وأَضواءُ

دارتْ على فِتْيَة ٍ دانًَ الزمانُ لهمْ فَما يُصيبُهُمُ إلاّ بِما شاؤو

ا لتِلكَ أَبْكِي ، ولا أبكي لمنزلة ٍ كانتْ تَحُلُّ بها هندٌ وأسماءُ

حاشى لِدُرَّة َ أن تُبْنَى الخيامُ لها وَأنْ تَرُوحَ عَلَيْها الإبْلُ وَالشّاءُ

فقلْ لمنْ يدَّعِي في العلمِ فلسفة ً حفِظْتَ شَيئًا، وغابَتْ عنك أشياءُ

لا تحْظُر العفوَ إن كنتَ امرَأ حَرجًا فَإنّ حَظْرَهُ في الدّين إزْراءُ.

قصيدة يا ربّ مجلس فتيان سموت له

يارُبَّ مَجْلِسِ فِتْيانٍ سمَوْتُ له وَاللّيلُ مُحتَبِسٌ في ثوْب ظلماءِ

لِشُرْبِ صافية ٍ من صَدْرِ خابيَةٍ تَغْشى عيونَ نَداماها بلألاءِ

كأنّ مَنْظَرَها، والماءُ يقرَعُها ديباجُ غانيَةٍ، أو رقْمُ وَشّـاءِ

تَستنّ من مَرحٍ، في كفّ مُصْطبحٍ من خمر عانةَ، أوْ من خمر سُوراءِ

كأنّ قَرْقَرَةَ الإبريق بَيْنَهُمُ رجْعُ المَزَامير، أو تَرْجيعُ فأفاءِ

حتى إذا درَجتْ في القوْم، وَانتشرَتْ همّتْ عيونُهُمُ منها بإغفاءِ

سألتُ تاجرها: كم ذا لعاصرها؟ فقال: قصّر عَن هذاكَ إحصائي

أُنْبِئْتُ أنّ أبا جدي تخَيَّرَها من ذُخر آدَمَ، أوْ من ذخر حوّاءِ

ما زالَ يمطُلُ مَن يَنتابُ حانَتَها حتى أتَتْني وكانت ذخر موتائي

ونحن بين بساتينِ، فَتَنْفَحُنا ريحَ البنفسَج، لا نَشرَ الخزاماءِ

يسعى بها خَنِثٌ ، في خُلقِهِ دَمَثٌ يستأثرُ العَينَ في مُستَدرج الرّائي

مقرَّطٌ، وافرُ الأرْداف، ذو غُنُجٍ كأنّ في راحَتَيْه وَسْمَ حِنـّاءِ

قد كسّرَ الشّعرَ واواتٍ، وَنَضّدَهُ فوقَ الجَبين وردّ الصّدغَ بالفاء

عيناهُ تقْسمُ داءً في مجاهرها وَرُبّما نَفَعَتْ مِن صوْلة الدّاء

إنّي لأشرَبُ مِن عَيْنَيه صافيـةً صِرْفاً، وَأشرَبُ أُخرَى معْ ندامائي

وَلائِمٍ لامَني جَهْلاً، فقلتُ لهُ: إنّي وَعَيشِكَ مشغوفٌ بمولائي.[3]