هل الدعاء يغير القدر ؟

علاقة القضاء والقدر بـ الدعاء

هل سمعت يوما عن أن دعائك في أمرا ما من أمور حياتك بإمكانه تغير قدرك بالكامل  ،  و هل تعلم لماذا قد أمرنا الله بالدعاء و المناجاة و الترجي له ، هل تعلم لماذا دائما ما نطلب من الآخرين بأن يدعو لنا عند الله .

مما لا شك فيه أم يكتب الله سبحانه و تعالى الأقدار ، و يحددها منذ وجودنا في أرحام أمهاتنا ، و أيضا بالاضافة إلى نصيبنا و حظنا من الدنيا . و على ذكر ذلك لا بد و أن نصل إلى


مراتب الإيمان بالقضاء و القدر

و شقاءنا و سعادتنا ، و على ذكر ذلك القول ، فإن الله قد يلهمك و يزرع بداخلك تلك الرغبة في أمرا ما و التي قد تجعلك تدعو بها لله ، حتى يستطيع أن يغلب ذلك الدعاء  القدر ، و يجعله على مرادك . لذلك فإن الدعاء من عند الله و القدر أيضا من عند الله . [1] [2]

هل الدعاء و القدر يتصارعان

يقول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم (لا يزال القضاء والدعاء يعتلجان ما بين الأرض و السماء) و معنى يعتلجان أي يتصارعان ، فإذا كان دعائك و منجاتك إلى الله أقوى من القدر نفسه ،فسوف  يظلوا يتصارعان حتى يتغلب الدعاء على القدر و يتغير القدر و يرتد تماما

و قال الرسول صلى الله عليه و سلم  (لا يرد القضاء إلا الدعاء) ، فإذا كان قدرك في شيء لم تريده و دعوت الله كثيرا و طلبت منه أن يبعدك عن ذلك القدر ، سوف يستجيب الله لك و يغير قدرك للذي قد دعوت به في الحياه الدنيا .

و يؤكد على كلامنا قول الله سبحانه و تعالى حين قال ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ، فكل شيء من حولك دليل على تأثرك بالدعاء حيث يقول الرسول (إن الدعاء ينفع مما نزل و مما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء ) .[1]

ما هي علاقة الدعاء بالبلاء

تتنزل الأقدار يوميا من السماء ، فيأخذ كلا منا نصيبه من الفرح و من الحزن و من المرض أيضا  ، و يحضرنا قول إبن القيم ، رحمة الله عليه  حين قال ” والدُّعاء من أنفع الأدويةِ، وهو عدوُّ البلاء، يدافِعه ويعالجه ويمنع نزولَه، ويرفعه أو يخفِّفه إذا نزل، فالدُّعاء عدوُّ البلاء “

من الأقدار المكتوبة علينا في الحياه الدنيا هي الإبتلاءات بكل أنواعها سواء المرض أو نقص الأموال أو نقص في الأنفس ، فجميعها من الأقدار المحتومة ، و التي لا بد لنا و أن نقابلها في الحياة الدنيا

و على ذكر ذلك القول فإننا إذا دعونا الله تعالى بأن يرفع إبتلاءاتنا في الحياه ، سوف يرفع القضاء أو من الممكن أن يُخفف إذا نزل و تحقق .

و الجدير بالذكر أنه في مكاناً ما على هذه الأرض ، يحدث تلاقي للدعاء مع الإبتلاء ، فالأقدار تنزل إلى الارض لتتحقق ، و الدعاء يصعد إلى فوق عند الله ليتحقق  .

و من ثم سوف يتقابل  الدعاء مع البلاء أو القدر و يتصارعان و الفوز هنا للأقوى و الأقرب إلى الله  ، و الدليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه و سلم  (( وإنَّ البلاء لينزِل فيتلقَّاه الدُّعاءُ، فيعتلجان إلى يوم القيامة)) . [2]

و هناك عدد من الإحتمالات التي تحدث في أثناء هذا التصارع

  • يتحقق الدعاء إذا كان مستوفي جميع شروطه و أحكامه ، و يصبح دعاءا قويا بالقدر الكافي لكي يغلب البلاء  .
  • لا يتحقق كلا من الدعاء و القدر ، إذا كان كلاهما بنفس القوة ، و هنا تبقى المنافسة إلى قيام الساعة
  • إذا كان البلاء أقوى من الدعاء فإن البلاء سيتحقق ، و لكن بقدر مخفف إلى حدا ما عن ما كان من قبل .

مثال على أن الدعاء يغير القدر

يُحكى أن هناك إمرأة عقيم قد جاءت إلى كليم الله  سيدنا موسى عليه السلام ، و قالت له ( يا كليمَ الله، ادعُ لي ربَّك أن يرزقني الذريَّة ) . [2]

و عندما دعا موسى ربه  ، قال الله سبحانه و تعالى له ( يا موسى، إنِّي كتبتُها عقيمًا ) و عندما أخبرها أن الله قد كتبها عقيم ، إنصرفت و جاءته في العام التالي و قالت له ( يا كليمَ الله، ادعُ لي ربَّك أن يرزقَني الذريَّةَ ) .

فدعا موسى ربه و قال الله سبحانه و تعالى له ( يا موسى، إنِّي كتبتُها عقيمًا ، و عندما أخبرها بأن الله قد كتبها عقيم ، إنصرفت و عادت له مرة أخرى بعد عام و معها رضيع  ، و سألها بعد ذلك ما إذا كان ولدها و قالت أنه ولدها

و عندما ناجى موسى ربه و قال ( يا رب، هذه المرأة كُتبَت عقيمًا، فكيف يكون لها ولد؟ ) فقال الله حينها : يا موسى، إنِّي كلَّما كتبتُ عقيمًا ، قالت: يا رحيم ، و رَحمتي وسِعَت كلَّ شيء و سبَقَت”

شروط الدعاء المُستجاب

لكي تكون على يقين كبير بأن الدعاء سيستجاب ، فهناك عدد من الشروط الواجب توافرها عند دعائك و مناجاتك إلى الله ،  و من هذه الشروط ما يلي


الدعاء لله وحده

لا بد و أن تكون نيتك حاضرة وقت الدعاء  بأن دعائك لله وحده و لا شريك له فيه ، فتحدثه و حده و تطلب منه ما تريد و أنت على القدر الكافي من المعرفة أنه سوف يستجيب لدعائك ، حيث يقول الله عز و جل ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) .


عدم الدعاء بالأثم

أن لا تدعو بما يغضب الله ، كدعائك بالأثم أو بقطيعة الأرحام .


الإلحاح في الدعاء

قيل: يا رسول الله ما الاستعجال ؟ قال : يقول :  ( قد دعوت ، و قد دعوت فلم أر يستجاب لي ، فيستحسر عند ذلك و يدع الدعاء ). يحب الله الإلحاح في الدعاء و عدم فقد الأمل في إستجابة الدعاء . ناهيك عن الفوز ب


ثمرات الإلحاح في الدعاء

و أن لا تقل أن الله لا يستجيب لي ، حيث يقول الله تعالى ( و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) .


اليقين بالإجابة

عليك بالدعاء و قلبك مؤمن بالإجابة ، و أن الله سيجيب دعائك ، و الدليل على ذلك القول ، قول رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قال ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه .)


الشعور بعظمة الله

عليك أثناء الدعاء أن تستشعر عظمة الله و أن تكون خاشعا  ، و أن تعلم أنك تتحدث إلى الله يسمعك و يراك و يرى تضرعك له. حيث يقول الله تعالى ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين ) .


عدم الإنشغال بالدعاء عن القيام بأمرا واجب .

لا بد و أن لا يشغلك الدعاء عن تأدية الواجب ، كتلبية نداء الوالدين أو الصلاة أو العمل المدفوع الأجر . [3]