هل الاحتلام ؟ في نهار رمضان ” يبطل الصيام “

هل الاحتلام  في نهار رمضان يبطل الصيام

للإجابة عن هذا السؤال يجب أن تعلم أن الاحتلام خارج عن الإرادة والقصد، لأنه يحدث بالنوم، ولا يمكنك التمكن من منعه إلا عن طريق منع النوم، والنوم فعل مباح لا يمكن تركه أو حتى منعه، إذا فالاحتلام في نهار رمضان لا يبطل الصوم، وذلك إن لم يكن الاحتلام متعمدًا بل هو

الاحتلام الطبيعي

الذي يمر به أي إنسان، لأن هناك بعض الأشخاص يستخدمون

عوامل تساعد على الاحتلام

.

إذا كان الاحتلام عن غير قصد كما ذكرنا فهو لا يبطل الصيام وذلك باتفاق العلماء، لأن إنزال المني لم يكن عن شهوة أو مباشرة حقيقية، والنائم فعله خارج عن التكليف ولا يوجد فيه اختيار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل.)

تعريف الاحتلام

  • ينقسم تعريف الاحتلام عند العلماء على قسمين:

    الاحتلام لغةً: ويحمل هذا التعريف عدة معاني منها: أن الاحتلام هو ما قد يراه النائم من فعل المباشرة، ويحدث نتيجةً له عملية إنزال المني، في معظم الحالات، وقد أطلق أيضًا على بلوغ الصبيان وذلك لحديث رسول الله: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل.) بالتالي فإن احتلام الصبي هو علامة تدل على بلوغه وتكليفه وإدراكه،  ولقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي سلمة أن أبا قتادة الأنصاريَّ قال سمعت رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم يقول: (الرؤيا مِن اللّه والْحُلْم مِن الشيطان فإِذا حلم أحدكم الحلم يكرهه فليبصق عن يساره وليستعذ باللّهِ مِنهُ فلن يضره) وليس المقصود في هذا الحديث أن الشيطان هو من تسبب في ذلك.
  • الاحتلام في الشرع: ذهب الفقهاء إلى تعريف الاحتلام على أنه يحصل عند نزول المني أثناء النوم بسبب ما يراه النائم من المباشرة، ويحدث الاحتلام للرجل أو المرأة بدليل ما أخرجه البخاري عن سيدتنا أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها حيث قالت: (جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أبِي طَلْحَةَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَتْ يا رَسولَ اللَّهِ: إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، هلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا هي احْتَلَمَتْ؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ إذَا رَأَتِ المَاءَ).[1]

هل الاحتلام يبطل صيام النافلة

لا يوجد اختلاف بين أحكام صيام الفرض وأحكام صيام التطوع بالتالي فإن

احكام الاحتلام في رمضان

مثلها مثل أحكام الاحتلام في صيام النافلة، فمبطلات الصيام واحدة لا تتغير، بالتالي فإن الاحتلام لا يبطل الصيام في رمضان أو غيره حتى لو رأى النائم المباشرة وتم الإنزال، لأن الاحتلام يعد من الأمور الخارجة عن السيطرة كما ذكرنا والتي لا يمكن منعها لأنها تحدث أثناء النوم، بالتالي لا يمكن منعها إلا بمنع النوم وهذا أمر مستحيل على أي إنسان، والله سبحانه وتعالى لا يحاسب عباده على أمور لا يد لهم فيها حيث قال في سورة البقرة: (لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها) كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة والقيء والاحتلام)

إذا شعر الصائم صيام التطوع أو الفرض عند استيقاظه أنه احتلم ورأى البلل ووجد أنه أنزل فيجب عليه الاغتسال ويمكنه إتمام صومه ويمكنه التأخر عن الاغتسال كما يشاء لكن بشرط ألا تفوته أي فريضة من الفرائض، لكن إن تعمد الصائم الإنزال عن طريق أي فعل مثل المباشرة دون الفرج أو التقبيل، أو اللمس بشهوة، أو الاستمناء فيكون صيامه باطلًا عند المالكية والحنابلة والشافعية وعامة مشايخ الأحناف، ولكن لا يجب عليه القضاء إن كان صيام تطوع وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر.)[2]

هل الاحتلام يوجب الغُسل

الاحتلام هنا مثله مثل الجنب، أي يجب على من احتلم ورأى المني أن يغتسل سواء كان رجلًا وأنثى واستدل العلماء على هذا بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أم سلمة: أن أم سليم قالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة الغسل إذا احتلمت؟ قال: نعم، إذا رأت الماء، فضحكت أم سلمة، فقالت: تحتلم المرأة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فبم يشبه الولد) وفي سنن أبي داود عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وجدت المرأة في المنام ما يجد الرجل فلتغتسل.)

حكم من احتلم وهو صائم ولم يغتسل

إن صوم الجنب أو المحتلم إن لم يغتسل فهو صحيح عند جمهور العلماء، وقال الإمام النووي رحمه الله: إذا جامع في الليل وأصبح وهو جُنب صَحَّ صومه بلا خلافٍ عندنا وكذا لوْ انقطع دم الْحائض وَالنفساء فِي الليل فنوتا صوم الغد ولم يغتسلا صح صومهما بلا خلافٍ عندنا، وبه قال جمهور الْعلماء مِنْ الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ومِمن قال به علي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي ذر وزيد ابن ثابِت وأبو الدرداء وابن عباسٍ وابن عمر وعائشة ـ رضي اللّه عنهم ـ وجماهير التَّابعين والثوري ومالك وأبو حنيفة وأحمد وأبو ثور، قال العبدرِي وهو قول سائر الفقهاءِ: دليلنا نص القرآن، قال اللّه تعالى: (فالآن باشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصيام إلي الليل)

ويلزم بالضرورة أن يصبح جنبًا إذا باشر إلى طلوع الْفجرِ والأحاديث الصحيحة المشهورة منها حديث عائشة وأم سلمة ـ رضي اللّه عنهما ـ قالتا: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ ثُمَّ يَصُومُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَاتٍ لَهُمَا فِي الصَّحِيحِ: مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ، وعن عائشَة رضي اللّه عنها قالت: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَعَنْهَا أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِيهِ وَهِيَ تَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ فَقَالَ: يا رسول اللَّهِ تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ أَفَأَصُومُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ، فَقَالَ لَسْتَ مثلنا يارسول اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ وَاَللَّهِ إنِّي لأرجو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي) رواه مسلم.[3]