من هو ؟ ” الصحابي الملقب بأبي المساكين ولماذا سمي بذلك


من هو الصحابي الملقب بأبي المساكين

يُعرف الصحابيّ الملقب بأبي المساكين الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو  والأخ الأكبر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه،

فقد جاء في معجم الطبراني الكبير بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه، كان جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يحب المساكين، ويجلس إليهم يحدثهم ويحدثونه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسميه: أبا المساكين، وقال صاحب الإصابة في تمييز الصحابة: أبو المساكين هو جعفر بن أبي طالب، وكناه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث لأنّه كان يرافق الفقراء والمساكين، لذلك جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه هو والد المحتاجين وهناك العديد من قصص الرحمة والشفقة على الفقراء.


ولادة جعفر الطيار ونشأته

  • ولد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بعشرين سنة، والده هو أبو طالب بن عبد المطلب من كبار وأمراء قريش، ووالدته هي فاطمة بنت أسعد، كما أنّه هو الأبن الثالث بين إخوته.
  • نشأ جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في كفالة عمه العباس بن عبد المطلب وبقي معه حتى إعتنق الإسلام وأسلم رضي الله عنه بعد إعتناق أخيه عليّ الإسلام.


هجرة جعفر الطيار إلى الحبشة

هاجر جعفر بن أبي طالب حينما بلغ إيذاء الكفار من قريش ذُروته لأصحاب النّبي صلى الله عليه وسلم، وإصابتهم بجروح بالغة، لذا حثّهم النّبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة حيث كانت أول هجرة في الإسلام للمسلمين، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال:”لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإنّ بها ملكًا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجًا مما أنتم فيه”

ويعتبر الصحابي جعفر بن أبي طالب من بيّن من انتقل إلى الحبشة من المهاجرين المسلمين مع زوجته أسماء بنت عميس، وتتابع المسلمون في الهجرة إلى الحبشة حيث قابلوا النجاشي ملك الحبشة تكريمًا لهم ولأمنهم مما يضرهم ويُؤذيهم، فحينما علمت قريش بذهابهم إلى الحبشة، أرسلت رسولين من أشد رجالها بهدايا سخية للنجاشي ليطلبوا منه رد المسلمين إليهم

لأنّهم افترقوا عن دينهم بطريقة غير شرعية، فرفض النجاشي، إلا أن يستمع إلى قول من لجأوا إليه فقط، وأرسل لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب لقائهم، فلما أتوا إليه سألهم النجاشي قائلًا: “ما هذا الدين الذي أنتم عليه؟ فارقتم دين قومكم ولم تدخلوا في يهودية ولا نصرانية”، فرد جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قائلًا:

“أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، فصدقناه وآمنَّا به، واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشركْ به شيئاً، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك”.

فقال النجاشي: “هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟ قال جعفر: نعم، فقال النجاشي: فاقرأه عليّ، فقرأ عليه أول سورة مريم، فبكى النجاشي وقال لرسولي قريش: “إنّ هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يكادون”.[1]


بطولات جعفر الطيار يوم مؤتة

قرر النّبي صلى الله عليه وسلم إرسال جيشًا من المسلمين إلى معركة مؤتة لقتال الرومان في السنة الثامنة من الهجرة، ووضع زيد بن حارث رضي الله تعالى عنه على رأس الجيش وأمره بحمل راية المسلمين من بعده إذا قُتل جعفر بن أبي طالب في المعركة، وإذا قتل جعفر بن أبي طالب تكون راية المسلمين لعبد الله بن رواحة.

ولما اشتد القتال وقُتل زيد بن حارث تسلم من بعده الراية جعفر بن أبي طالب فقاتل ممسكها يمينًا فقطعت يده، ثُمّ حملها بيده اليُسرى فقطعت، فعانقها بيديه حتى استشهد رضي الله تعالى عنه عن عمر يناهز 41 عامًا، ووجدوا بجسده بعد استشهاده ما بين تسعين ضربة برمح وطعنة بالسيف.

ولما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم باستشهاد جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه حزن حزنًا شديدًا، فجاءه جبريل عليه السلام  يبشره بأنّ لجعفر بن أبي طالب له جناحان مغطيان بدماء يطير بهما مع الملائكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “استغفروا لأخيكم فإنه شهيد، دخل الجنة وهو يطير في الجنة بجناحين من ياقوت حيث يشاء في الجنة” فلقب بجعفر الطيار، ودفن جعفر بن أبي طالب في منطقة مؤتة بالشام، وله مقام ببلدة المزار الجنوبي بالأردن”.


منزلة جعفر بن ابي طالب

بلغ جعفر الطيار رضي الله تعالى عنه مكانة مرموقة وكريمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه حيث قال:”كان رسول الله ﷺ يقول لجعفر: “أشبهت خُلْقِي وخَلْقِي”، وقد علمه النبي ﷺ صلاة التسبيح تكريمًا له، فهو محب للفقراء والمساكين عطوف عليهم، وصاحب الهجرتين المتحدث باسم المسلمين إلى ملك الحبشة، وذو الجناحين الطائر بالجنة حيث يشاء.

كان للصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه مكانة وفضل عظيم في الاسلام، فهو أشبه النّاس برسول الله صلوات الله عليه وسلامه في الخلق والخُلُق حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم عنه : ” وأما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخُلُقي، وأنت من عترتي التي أنا منها”، كما حظى بأعلى درجات التقدير بين المسلمين، ومن أهم مصادر الحديث النبوي الشريف.

ولُقب رضي الله عنه بجعفر الطيّار وذي الجناحين و يرجع ذلك بسبب ما رُوِيَ عن النّبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه حينما قال:” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت جعفراً يطير في الجنة مع الملائكة”.[2]